رسائل صادقة وحاسمة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته خلال حضوره اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى الثلاثاء الماضي.. فالدولة المصرية عقب حرب أكتوبر اختارت السلام كخيار استراتيجى وأن ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط حاليا هو اختبار حقيقى لتلك الاستراتيجية حيث إن الأوضاع الحالية فى المنطقة تؤكد أن رؤية قادة السلام فى مصر بعد حرب أكتوبر 1973 كانت شديدة العبقرية وسابقة لعصرها والقيادة السياسية فى هذا الوقت كان لها رؤية بعيدة جدا واستطاعت أن تتجاوز عصرها باستعادة الأرض ودفع العملية للسلام.
إن اختيار مصر طريق السلام ليس ناتجا عن ضعف أو عجز فالدولة المصرية كما قال الرئيس لديها جيش قادر على الحفاظ على أراضى الدولة وحماية حدودها وأن مصر اختارت السلام والاستقرار والتنمية والتجربة أثبتت أن ماحققته مصر لم تتمكن الحروب من تحقيقه وخلال الـ51 سنة الماضية كانت مصر فى اختبار حقيقى لإرادة الدولة فى الحفاظ على السلام كاستراتيجية تبنتها لحماية حدودها وأرضها ووجه الرئيس رسالة إلى قادة إسرائيل الحاليين بقوله اننا اليوم بعد مرور تلك المدة الطويلة يجب أن نتوقف جميعا أمام هذه الحالة المصرية وأمام القادة الذين كانوا متواجدين فى هذه الفترة سواء فى مصر أو فى إسرائيل وأن مانعيشه اليوم من صراع وقتال وحالة من الغضب والكراهية كان موجودا فى تلك الفترة إلا أن القادة فى مصر وإسرائيل نجحوا فى إقامة سلام أنهى حالة الحرب.
ليت من يحكمون إسرائيل اليوم يستوعبون ما قاله الرئيس السيسى ويدركون أن بالسلام وحده يمكنهم تحقيق ما لم تحققه الحروب وعلى من عاش منهم خلال تلك الفترة أن يسأل نفسه كيف كانت حياة الإسرائيليين خلال حالة الحرب مع مصر وكيف تبدلت حياتهم إلى الأفضل بعد معاهدة السلام فإذا كانت إسرائيل تريد العيش فى سلام حقا عليها أن تتوقف عن نغمة «الدفاع عن نفسها» وهذا لن يتحقق إلا من خلال طريق واحد هو السلام مع الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب دولة إسرائيل إذا كان حكامها يريدون حقا نهاية لهذا الصراع وتلك الكراهية.
إن جهود مصر لوقف التصعيد ومنع توسيع دائرة الصراع لم تتوقف ومصر منذ السابع من أكتوبر من العام الماضى تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف كما أكد الرئيس وهى وقف إطلاق النار وعودة الرهائن وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة ..ومصر كما قال الرئيس ليس لديها أجندة خفية ضد أحد وكل ما تبغيه أن تعيش فى سلام على حدودها سواء الحدود الشمالية الشرقية أو الجنوبية أو الغربية أو حتى عمق هذه الحدود لأن التجربة المصرية أثبتت أن التعاون والبناء والتنمية أفضل من الصراعات والاقتتال.. فهل يستوعب حكام إسرائيل رسائل السيسى ويسألون أنفسهم ما الذى حققوه بعد مرور عام على هذه الحرب المجنونة سوى القتل والدمار بينما ستظل القضية الفلسطينية باقية لن تموت أبدا مهما استمرت فى وحشيتها وهمجيتها.