إذا أردتم أن تعرفوا حقيقة الغضب والثورة التى تنتاب نتنياهو والمتطرفين من أركان حكومته من عملية تسليم الأسرى فاقرأوا رسائل الأسرى سواء ساعة الإفراج أو بعده.
إنها أبلغ رد على أكاذيب وخدع ابشع حكومة متطرفة فى التاريخ الحديث عملت على ترويجها وإقناع العالم والمستوطنين بها وجندت لها كل وسائل الإعلام فى الغرب والتى تواطأت معها للأسف الشديد وتخلت عن كل القيم والمعايير فى الموضوعية والحيادية ومن قبل الإنسانية..
أحاديث الأسرى تجهض بل وتفضح فى آن واحد كل السرديات الصهيونية سواء عن المقاومة أو عن أهداف العدوان وكذا الرغبة المحمومة فى نهج الإبادة الجماعية والشهية المستعرة للقتل والانتقام.
لو أن العالم الحر والعالم العربى تبنى فكرة ما لكشف الحقيقة ولو فى برنامج تحت عنوان: «افضحوهم» أى جرائم الصهاينة لم يكن هناك أفضل من المواد التى قدمها الأسرى الصهاينة المفرج عنهم فى الدفعات المتتالية.. وهى مواد بالغة الصدق والقوة فى التأثير لانها صادرة عن الأعداء أولاً والفضل ما شهدت به الأعداء.. والأهم أن أحداً لم يجبرهم على ذلك.
الأحاديث التى أدلت بها الاسيرات فى الدفعة الأولى مثل: «كارينا أرئيف، دانييل جلبوع، نعمة ليفي، ليرى إلباج ورومى جونينفارديموإميليودورونشتاينب راخر..وكلهن أكدن على حسن المعاملة والرعاية والتدليل أحياناً.. وساكتفى هنا بالإشارة إلى حوار الأسيرة تشين الموج جولدشتاين وابنتها الشابة آجام.. الحواربثته فضائيات إسرائيلية وغربية وأصاب نتنياهو وعصابته بالجنون والصدمة واصدروا أوامرهم بمنع نشر المقابلات لخطورتها على الأمن القومى الصهيوني.. لأنها تهدم الصورة التى يحاولون ترويجها عن حماس والمقاومة وأنهم ليسوا بشرا وإنما حيوانات بشرية هكذا يقولون بالنص بكل صلف وغرور وعنجهية..
اعترفت الأسيرة أنها تلقت معاملة حسنة من حراسها وأنهم كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل حمايتها وأبنائها الثلاثة من القصف الإسرائيلي.
قالت الأم تعاملوا مع ابنتى آجام بلطف شديد واطلقوا عليها اسماً إسلامياً جميلاً مذكوراً فى القرآن الكريم «سلسبيل» ويعنى الماء الحلو واسمها بالعبرية يعنى البحيرة!
الأسير شوهام والذى كان يعمل ضمن وحدة العمليات فى جهاز الاستخبارات «الموساد» وتم الإفراج عنه فى الدفعة الأخيرة فاجأ الجميع وهو يقبل رأس اثنين من رجال المقاومة على المنصة.. اللافت ليس قبلة العسكرى ولكن ما قاله فى حوار مع المقاومين عندما كانوا يقفون بجوار شجرة زيتون قديمة تعمد الاحتلال قطعها قال شوهام: «شجرة الزيتون هذه تبدو لى أكبر من عمر دولتنا ويجب على كل واحد إن يعود إلى موطنه».. الأسير دون ان يدرى وبعفوية شديدة قدم حلا للمشكلة العويصة التى لا يريد أحد أن يتعامل معها بالجدية وفق قواعد القانون الدولى والمنطق الإنساني.. قدم الحل الأمثل الذى لا يريد أحد ان يقترب منه» يجب على كل واحد أن يعود إلى موطنه الأصلي»..حل عبقرى ومنطقى وفيه راحة لكل الأطراف وعلى الصهاينة الذين تجمعوا من اصقاع الأرض تحت أى أوهام أن يعقلوا الرسالة ويتأكدوا ان استمرار الاحتلال ليس له من رد إلا المقاومة!
الأسير الكسندر تروبانوف والذى يحمل الجنسية الروسية كتب رسالة بليغة جدا وجهها لرجال المقاومة عقب الإفراج عنه.. الكسندر كان يعيش فى مستوطنة نير عوز مع أمه وجدته وخطيبته كتب بلغة راقية مليئة بالمشاعر والاحاسيس الفياضة مخاطبا آسريه: جميلكم محفور فى وجدانى فخلال 498 يومًا عشتها بينكم تعلمت معنى الرجولة الحقّة والبطولة الخالصة واحترام الإنسانية والقيم رغم ما تعرضتم له من عدوان وإجرام. كنتم أنتم المحاصرون الأحرار وأنا الأسير وأنتم الحراس على حياتى اعتنيتم بى كأب رءوف بأبنائه حفظتم على صحتى وكرامتى وأناقتى ولم تسمحوا للجوع أو الذل أن يمسّنى رغم أننى كنت فى قبضة رجال يقاتلون لأجل أرضهم وحقهم المسلوب تقاتلهم حكومة بلادى التى تمارس أبشع إبادة بحق شعب محاصَر. لم أكن أعرف معنى الرجولة حتى رأيتها فى أعينكم ولم أدرك قيمة التضحية حتى عشتها بينكم، حيث كنتم تواجهون الموت بابتسامة، وتقاومون بأجسادكم العارية عدوًا يملك كل أدوات القتل والدمار. مهما أوتيت من فصاحة وبلاغة، فلن أجد من الكلمات ما يفيكم قدركم وما يعبر عن دهشتى وإعجابى بسموّ أخلاقكم. أهكذا يعلّمكم دينكم أن تعاملوا به أسراكم؟ أى دين عظيم ذاك الذى يصنع منكم رجالاً بهذا السموّ، حتى تسقط أمامه كل قوانين حقوق الإنسان الوضعية، وتتهاوى بجانبه كل بروتوكولات التعامل مع الأعداء! لقد طبقتم العدالة والرحمة فى أصعب اللحظات، ليس بشعارات زائفة بل بواقع عشناه!!
ترى هل يمكن لمجرمى الحرب والصهاينة ان يستوعبوا رسائل الأسرى العائدين؟
ربما يحدث ذات يوم.. والله المستعان..