أثار حادث الفتاة التى ألقت بنفسها من سيارة النقل الذكى كثيراً من الحزن والقلق فى الشارع المصري.. وفتح الباب أمام العديد من التساؤلات، خاصة فى البرلمان.. للتأكيد على مدى التزام هذه الشركات بالاشتراطات التى فرضها القرار الوزارى المنظم لعمل مثل هذه الشركات المستحدثة لنقل الركاب بالأجرة التى تنافس «التاكسي» القديم المعروف فى القاهرة وغيرها من المحافظات.
وبعيداً عن ملابسات هذا الحادث المأساوى لكونه مازال قيد التحقيق الذى سيكشف أبعاده، إلا أنه كان بداية للتحرك بشكل جدى لفتح ملف تلك الشركات التى نالت استحساناً من الركاب فى مصر.. ووضعت حداً لبعض المعاملات الرديئة التى يمارسها بعض سائقى التاكسي، خاصة عدم الالتزام بـ «بنديرة» الأجرة والدخول فى مشاجرات مع الركاب تصل أحياناً لأقسام الشرطة إذا لم يؤثر الراكب السلامة وتنازل عن حقه وخضع لغلظة هؤلاء السائقين.
لكن هذا يفرض أن تكون مثل هذه الشركات على أعلى درجات المسئولية فى ممارسة عملها وفقاً للقانون مع قائدى هذه السيارات التى هى مملوكة لأصحابها أولاً وأخيراً.. وإذا كانت الظروف والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية فى بلدنا قد فتحت الباب أمام الباحثين عن زيادة دخولهم، للدخول فى هذه المهنة التى تحققها هذه الشركات الجديدة، فإنه ينبغى تطبيق الشروط الصارمة لممارسة هذا العمل الذى يرتبط بنقل أرواح البشر وفلذات الأكباد الذين تضطرهم الظروف للتعامل مع هذه السيارات الذكية لأسباب عديدة يرونها.
أتصور أنه بعد التطور الكبير الذى أحدثه بلدنا فى مجال النقل الجماعي، خاصة مترو الأنفاق الذى حل أزمة المواصلات المزمنة فى مصر على مر العصور، فإن الأمر يفرض أن تكون كل الشركات سواء النقل الجماعى أو الفردى على هذا المستوى الذى يليق بالجمهورية الجديدة وبشبكة الطرق الواسعة.
>>>
فى تصوري، أنه مع ضرورة توفر الاشتراطات الأمنية اللازمة لعمل قائدى تلك السيارات التابعة للنقل الذكي، وأيضا مدى جودة وصلاحية وحداثة تلك السيارات وملاءمتها للعمل، خاصة أنها يمكن أن تستخدم فى النقل السياحى وكواجهة حضارية واقتصادية لبلدنا، فإننى أعتقد أن هناك شرطاً أساسياً– للأسف– يتم التغاضى عنه بالنسبة لقائدى مثل هذه الشركات، وهى مدى حصوله على رخصة قيادة مهنية لسيارة تعمل فى نقل الركاب وليس مجرد حصولهم على رخصة سيارة خاصة لسياراتهم الملاكي.
ووفقاً لمعلوماتي، فإن مجرد امتلاك شخص ما لسيارة حديثة وتقديمه لصحيفة الحالة الجنائية لهذه الشركة «الذكية»، فإن هذا كاف تماماً له ليستطيع أن يمارس عمله بكل أريحية من خلال ما يُعرف بـ «التطبيق» وفتح الموبايل على «اللوكيشن» و»ال جى بى إس»، وكان بالسر عليماً.. إذا يجيد القيادة بحرفية ومهارة كافية لسائق مهنى خضع لكل الاختبارات التى تطبقها الجهات المسئولة عن ذلك فى الدول المتقدمة التى تعمل بها هذه الشركات.. وهذا بالتأكيد قصور شديد فى التعامل مع مهنة خطيرة وحساسة أقلها أنه إذا ما تعطلت آلية التطبيق فإنه لا يعرف الشوارع التى يسير فيها، وقد كان هذا الشرط ضرورياً فى فتح رخصة القيادة المهنية لسائق التاكسي.
لا أريد أن أذكر مدى الشروط الصارمة التى يخضع لها طالب الرخصة «الملاكي» فى كثير من الدول، فما بالك لو كانت الرخصة «مهنية» لسائق يعمل فى نقل آخرين غير أفراد أسرته؟!
باختصار، مطلوب مراجعة مثل هذه الشركات التى لا يجب فيها أن يفتح السائق التطبيق ويغلقه وفقاً لظروفه أو حاجته لثمن «البنزين» مثلما روت شقيقة سائق السيارة التى راحت ضحيتها فتاة هذا الحادث المأساوى فى مداخلة مع برنامج الإعلامى الشهير، فالمسألة أصعب كثيراً من تحسين الدخل أو زيادة الرزق الذى لا يجب أن يكون أبداً على حساب سلامة الأرواح.