الأسبوع الماضى كنت على موعد للسفر إلى دبى لحضور فعاليات الجمعية العامة للاتحاد الدولى للنقل الجوى «الاياتا».. وعقب اقلاع الطائرة وتحليقها فى الجو.. وعلى ارتقاع أكثر من 37 ألف قدم.. جاء صوت قائد الطائرة.. وكانت المفاجأة ان قائد الطائرة سيدة وليس رجلا.. الكابتن سارة عبداللطيف.. وجاء صوتها مرحبا بالركاب على متن الطائرة ولتقدم بعض المعلومات عن الرحلة وارتفاع الطائرة وزمن الرحلة.. ودفعنى فضولى للتعرف على قائد الطائرة الكابتن سارة عبداللطيف.. وان اتجاذب معها اطراف الحديث وعرفت منها ان الطيار المساعد لها فى الرحلة رجل وليست سيدة.. ومر زمن الرحلة سريعا واعلن عن بداية الهبوط بمطار دبى الدولى.. وكان هبوطا مميزا لم نشعر جميعا به.. ولعلنى استغل هذه الرحلة التى كنا بصحبة الكابتن سارة من القاهرة إلى دبى.. لأكتب عن مهنة يعتقد معظمنا أنها مهنة الرفاهية أو بمعنى ادق مهنة «الدلع».. وهى على العكس من ذلك تماما..
صحيح الظاهر ان طبيعة هذه المهنة تتيح لممتهنيها فرصة زيارة معظم دول العالم..
ولكنها يمكن ان تكون زيارة للمطار فقط فى معظم الأحيان..
وإذا تركنا هذا الجانب ونظرنا لطبيعة هذه المهنة وكيفية إعداد طيار مميز يكون مسئولا عن ارواح مئات الركاب على متن الطائرة فى كل رحلة.. فنجد انها مهنة من اعقد المهن ويخضع صاحبها إلى التدريب المستمر ليكون جاهزا لمواجهة أية مشكلة تواجهه فى الجو.. بالاضافة الى القراءة والدراسة المستمرة فى هذا المجال الذى يشهد تطورا مستمرا ولا يتوقف التطور عند حد او مرحلة معينة.. ويجب ان يتمتع الطيار بالثبات الانفعالى ليحسن التصرف فى أى موقف يتعرض له فى الجو.. ولاشك ان التكنولوجيا تلعب دورا كبيرا فى عمل الطيار الآن.. ويظل على اتصال دائم طوال رحلته بالمراقبة الجوية فى البلد التى يحلق فوقها.. بالاضافة الى متابعة قطاع العمليات بشركته للطائرة طوال الرحلة وحتى الوصول الى وجهتها..
إن الدراسة فى اكاديميات الطيران المدنى فى مصر والعالم هى من الدراسات المكلفة جدا جدا وتصل تكلفة الدراسة فى مصر الى حوالى 60 ألف دولار.. أى ما يقارب من 3 ملايين جنيه.. وارتفاع ثمن الدراسة يرجع لأسباب كثيرة فى مقدمتها تكلفة ساعات الطيران التى ينفذها كل طالب مع مدرب بطائرة تدريب.. قبل ان يسمح له بالطيران بمفرده بطائرة التدريب.. وعقب تخرجه يحصل على رخصة طيار تجارى.. تجيز له الالتحاق بإحدى شركات الطيران كمتدرب.. ومع كثرة أعداد الخريجين عن حاجة السوق فى فترات كثيرة.. فرضت شركات الطيران رسوما لقبول الطيارين الجدد للتدريب لديها.. مع عدم وعدهم بالتعيين فى النهاية.. وهذه الرسوم ليست قليلة.. وتشكل عبئا جديدا على اسرة الطالب الذى تخرج من اكاديمية الطيران فى مصر او الخارج.. وتقف عائقا امام اعداد ليست قليلة من الخريجين للاستمرار فى هذه المهنة.. وتدفعهم هذه الرسوم للبحث عن وظيفة أو فرصة عمل بعيدة عن تخصصة.. ومن هنا فإننى اتمنى من هذه الشركات ان تلغى هذه الرسوم أو على الاقل تقوم بتخفيضها.. وتمنح الفرصة للعديد من الشباب من الجنسين من خريجى اكاديميات الطيران فى مصر والخارج للتدريب واختيار المتميز منهم للتعيين.. خاصة مع زيادة الاساطيل التى تسعى هذه الشركات إلى اقتنائها.. وتحيا مصر.