تطلعت إليه العقول والقلوب، بعد أن أعيتها الحيل وضاقت الدروب واشتدت الآلام على الأبدان، وتضاعفت الهموم والكروب.
جاءوا إلى الأرض الطيبة من الشرق والغرب والشمال والجنوب تراودهم أحلام الشفاء فى أربعاء أيوب.
اليوم السابق على شم النسيم، قيل إن المولى – عز وجل – قد أنعم على نبيه أيوب – عليه السلام – بالشفاء فى هذه المنطقة بعد صبره على البلاء، بعد أن غمره الماء على شاطئ شمال سيناء.
استلهم الفنانون الشعبيون القصة وصاغوها فى موال أيوب ورحمة، وفى ملحمة شعبية باسم (أيوب العربي).
اقترح الأديب زكريا الحجاوى (عاشق المداحين) تغيير الاسم إلى أيوب وناعسة حتى تكون الضحية أكبر وأوضح من الزوجة المبجلة.. وكتب الملحمة التى شاركت فيها الفنانة خضرة محمد خضر صاحبة الموال.
حملت الزوجة الوفية زوجها، على رأسها وطافت به فى البلاد، بعد أن تخلى عنه الجميع، تبحث له عن كسرة خبز، يراودها أمل الشفاء للزوج الصابر المحتسب.
تحدث عنها الرجال، وطلبت منها النساء أن تبيع شعرها الجميل إن كانت تحب زوجها ولا تتاجر بقصته، فقالت:
شعر المرأة لا يباع بمال، ولكن بكسرة خبز للرجل العليل.
انتهى بها المطاف إلى شاطئ البحر قرب العريش وتركته لتبحث له عن كسرة خبز فى المناطق المجاورة، وعادت فلم تجده فى نفس المكان.
زحف المريض إلى مياه البحر الغربية حتى غمره الماء، وجاء الشفاء بفضل من رب الأرض والبحر والسماء.
صبرت فى البحث عنه وصادفت رجلاً يمشى وسألته هل رأى رجلاً مريضاً.
فسألها:
– ألا يشفى المريض بفضل الله؟
– قالت: ونعم بالله.
والرجل يخاطبها على انها رجل بعد أن باعت شعرها، وتعرف الزوجان على بعضهما البعض، وبكى أيوب العربى بعد أن علم أن ناعسة باعت شعرها من أجله.
انتشرت القصة فى أرجاء البلاد، وسعى المرضي، على مر الأجيال إلى نفس الشاطئ يلتمسون فضل الله بالشفاء، كما فعل أيوب عليه السلام.
وأيوب عليه السلام نبى الله أتاه من كل شيء، الصحة والمال والبساتين والخيول والأغنام والطيور والدور والقصور، وبعد سنوات النعيم، ضاع كل شيء، وابتلى ببدنه بالعلل والأمراض، حتى ضاق به القريب والبعيد، وطلبوا منه أن يغادر بلده خوفاً من العدوى وانتقال المرض إليهم.
صبر النبى حتى صار صبره مثلاً يتردد على كل لسان، ولم يزده البلاء إلا إيماناً ويقيناً.
أعطاه الله لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وبدناً على البلاء صابراً حتى جاء الفرج بعد سنوات طويلة وعاد إليه كل شيء ضاع منه، جزاء صبره وإيمانه.
وشم النسيم هو عيد الربيع العربى احتفل به المصريون على امتداد أكثر من خمسة آلاف عام، يحتفلون بقدوم وجه الطبيعة المشرق بأوراقه الخضراء، وزهوره وثماره وحديقته الغناء.
وعيد الربيع تحتفل به جميع أمم الأرض، تتبادل فيه الأطعمة التى تدل على استمرار الحياة مثل السمك والبيض والخضراوات والفاكهة.
يأتى الناس من كل حدب وصوب إلى الشاطئ من مساء الثلاثاء لاستقبال يوم الأربعاء، يغمرون أجسامهم بالماء فى نفس المكان، يرجون الشفاء من السميع العليم.
وسيناء هى مثلث الخيرات والبركات قاعدته تمتد من بورفؤاد إلى العريش وقمته عند رأس محمد على البحر الأحمر لأرض الفيروز والكنوز والثروات، تندرج التضاريس فهناك السهل والمرتفعات فى الوسط، إلى السلاسل والجليد فى الجنوب.
وندعو بالشفاء لكل مريض يأتى إلى شاطئ العريش فى أربعاء أيوب وفى كل مكان وزمان شفاء لا يغادر نفساً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.