جامعة الأزهر بها قرابة نصف مليون طالب فى 100 كلية ومن جملة طلابها من ينتمون إلى 140 دولة من دول العالم.. وإدارتها ليست بالأمر اليسير ، لا تقتصر رسالتها على الجانب الدراسى بل تعتبر جامعة رسالة تترجم رؤية الأزهر الشريف ومنهجيته فى الدعوة إلى الوسطية والاعتدال، وفى الوقت نفسه تسعى إلى تحقيق طفرة فى التصنيف الدولى.. وتضم الجامعة 5 مستشفيات جامعية بالقاهرة وأسيوط ودمياط تستقبل مليون مريض سنويا وتقوم بإجراء 100 ألف عملية جراحية.. كما أنها تشارك فى نجاح المبادرات الرئاسية، ونشاطها فى الشأن الإفريقى تحرص الدولة على الإفادة منه بما تملكه الجامعة من مكانة فى قلوب قادة وشعوب القارة السمراء. . د. سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر
لـ «الجمهورية» حول مختلف القضايا ذات الشأن الداخلى والخارجى والطلابى وتصنيف الجامعة وتعميق التطور المعرفى بين الطلاب وترسيخ آلية الحضور الطلابى بنسبة 75٪ وحرمان الطالب المتغيب من دخول الامتحان.
> كثيرون يريدون تفسيرا لماذا يأت رئيس جامعة الأزهر من الكليات الشرعية فقط؟
>> جامعة الأزهر تعمل وفق قانون تنظيم الأزهر وتخضع لولاية المجلس الأعلى للأزهر وتختلف عن باقى جامعات العالم بأنها تستمد رونقها ومكانتها من انتمائها للأزهر الشريف لذا فإن القائم على رأسها يكون منتميا للكليات الشرعية التى تمثل باب الأزهر الفسيح لدخول الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل، لكن السؤال المهم هل وجود رئيسا للجامعة من الكليات الشرعية أدى إلى الإقصاء للكفاءات من الكليات العملية فى عملية الإدارة، الإجابة تجدونها من عند أنفسكم بالفحص والبيان لنواب رئيس الجامعة على مدار تاريخها، وسؤال آخر لا يقل أهمية عن سابقه: هل تأثر الاهتمام بالكليات العملية عن الكليات الشرعية، الإجابة تجدونها فى المخصصات المالية التى تتميز بها الكليات العملية باعتبارها تمثل قاطرة بجانب الكليات الشرعية يقودان جامعة الأزهر فى طريق العالمية ضمن رسالة الأزهر الشريف بناء الإنسان والأوطان، لذلك فإن كليات طب وهندسة وصيدلة وعلوم وزراعة فى البنين والبنات تتميز بالكفاءات التى يتم دعمها فى مجالات البحث العلمى والتقدم التقنى والنشر الدولي.
> الكثيرون يعتقدون ان الكليات الشرعية يقتصر تخصص طلابها على العلوم الشرعية والعربية؟
>> هذا اعتقاد خاطئ لأن الكليات الشرعية تم تحديث مناهجها مع المحافظة على الثوابت، حيث شملت مناهج تلك الكليات عددا من العلوم الحديثة فى ظل التحديات التى ظهرت على السطح مؤخرا نتيجة دعاوى التشدد والتطرف واتهام الخطاب الدينى بالعقم، مما فرض علينا تخريج طالب لديه قدرة على الإحاطة بالقضايا التى تشغل مجتمعه ليكون قادرا على التجديد الفكرى، وهذا استلزم من الكليات الشرعية عمل دورات تدريبية فى السوشيال ميديا والتعامل معها وفق مبادئ الخطاب الأزهرى الوسطى المعتدل، كما أن الكليات الشرعية تقوم بتجهيز الطلاب المتميزين بالمعارف الخارجية من خلال دورات تدريبية ومع المراكز المتخصصة فى اللغات الأجنبية لمساعدتهم على التحدث باللغات والانفتاح على الخارج للاستعانة بهم فى المراكز الإسلامية التى يرسل إليها الأزهر الشريف مبعوثيه لتنويرهم بأفكار العلوم الدينية القائمة على التعايش والتسامح والاعتدال.
> البعض يرى ما تعلنون عنه من طفرة فى التصنيف الدولى قد لايوجد ما يترجمة على أرض الواقع ؟
>> التشكيك أمر عادى فى مجال التنافس العلمى، ولكن أود الإشارة إلى أن تلك الطفرة فى التصنيف الدولى كانت ثمرة وضع بذورها إدارة الجامعة السابقة الدكتور محمد المحرصاوى الذى قرر تحفيز أعضاء هيئة التدريس على النشر الدولى فى الدوريات ذات الصيت العالمى، وقام برفع قيمة المكافآت لمن تحوز أبحاثهم بمساحة فى النشر الدولى، وبالفعل حينما حضرت لرئاسة الجامعة وجدت استنفارا بين أعضاء هيئة التدريس من الكليات العملية بل والشرعية أيضا، درجة أننا كنا نستهدف نشر ثلاثة آلاف بحث حتى أكتوبر الجارى ولكن المفاجأة أنه تم نشر نحو أربعة آلاف بحث علمى حتى الآن متخطين المستهدف بنشر »ألف بحث« علمى تسهم فى مسيرة البناء والتنمية الشاملة، خاصة وأنها تشمل جميع المجالات العلمية، وهذه الجهود العلمية كانت سببًا فى تقدم تصنيف جامعة الأزهر هذا العام ستة مراكز عن العام الماضى، وفقا للتصنيفات الدولية وأصبحت جامعة الأزهر رقم »47« على مستوى العالم العربى، ونسعى جاهدين لتصنيف العلوم العربية والشرعية حتى تكون جامعة الأزهر هى المرجعية لهذا التصنيف على مستوى العالم، تأكيدًا لعالمية رسالة الأزهر الشريف.
> هل الجامعة لديها القدرة على دعم شباب الباحثين للسفر إلى الخارج؟
>>الجامعة لديها استعداد لدعم شباب الباحثين فى السفر إلى الخارج طلبًا للعلم، لأننا نؤمن بأن الاستثمار الفعلى والحقيقى حاليا هو فى مجالات العلوم والأبحاث، فيمكن لبحث صغير ابتكار إحدى وسائل التكنولوجيا التى يمكنها حل مشكلات عالمية فى المجالات المختلفة، وتصل قيمة هذا البحث مليارات من الدولارات إذا فكرت المنشأة العلمية أو الدولة بيعه لمن يريدون الإفادة منه، ويمكن للدولة نفسها الإفادة من ذلك المنتج العلمى وإنتاج ما توصل إليه بعد نجاح التجارب الأولية، وإذا دققنا مساعى الغرب إلى إنشاء جائزة نوبل فى مختلف العلوم والمعارف، فإن هدفهم الأول انتقاء المواهب العلمية من مختلف دلو العالم، ولذلك فإن المناخ المساعد أعلى الابتكار يجب أن يتم توفيره داخل الجامعات، ولا ننكر أن هناك سبق علمى موجود لدى دول الغرب، لذلك فإن تأهيل الباحثين يحتاج إلى بعثهم فى زيارات علمية لأن العلم هو السبيل الوحيد لبناء الأمم وتقدمها تنفيذًا لأهداف التنمية المستدامة وتحقيقًا لرؤية مصر 2030م وتحقيق التنمية الشاملة، كما أن البحث العلمى هو القاطرة الحقيقة للتنمية، وللعم فإن هناك مفاهيم يجب تصحيحها لدى العامة، مثل حديث اليد العليا خير وأحب إلى الله من اليد السفلى، فقد فهمه الناس بأن معناه قاصر على العطاء المادى من نقود وطعام، لكن الحديث أعم وأشمل فهو يقصد اليد العليا فى كل شىء ومنها العطاء العلمى، وذلك يجعلنا أمة ناهضة تتقدم وننتج المعرفة ولا نستهلكها.
> برأيكم كيف تحقق مبادرة بداية جديدة دورها فى تنمية وبناء الإنسان؟
>> أنا اتابع واتفاعل بالمشاركة كمواطن أولا ثم مسئولا بجامعة الأزهر مع جميع المبادرات الرئاسية سواء تكافل وكرامة أو حياة كريمة وكذلك بداية جديدة، وجميع هذه المبادرات هدفها تحقيق التكافل المجتمعى والارتقاء بحياة البسطاء وتخفيف الأعباء عنهم، خاصة فى ظل التغيرات الاقتصادية التى أسهمت فى زيادة الأعباء على الفئات البسيطة، لذلك فإن تلك المبادرات تدخل ضمن العناية ببناء الإنسان الذى جاءت به الشرائع الإلهية ونادى به أنبياء الله تعالى جميعا، لأن الإنسان هو مقصود تلك الشرائع، وبدون البناء الإنسانى فلن يكن هناك أوطان مستقرة آمنة، خاصة أن تلك المبادرات تستهدف الأماكن النائية التى ظلت مجهولة لعقود طويلة مما جعلها بمثابة بيوت أشباح يعيش فيها خفافيش الظلام والإرهاب والتشدد مما ساعد التيارات المتشددة استقطابهم لذلك فإن حقيقة الأكوان قائمة على التدافع بين الخير والشر، وكما يترجم الاقتصاديون ذلك المعنى بقولهم: العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، ولن ينهض مجتمع دون أن يقضى على ثالوث التخلف من جهل وفقر ومرض، وهذا ما تسعى إليه مبادرة بداية جديدة التى نتعاون معها فى مختلف المجالات التى تقوم بها من خلال قوافل جامعة الأزهر التى يتم إرسالها إلى المحافظات الحدودية والنائية وتجوب القرى والنجوع وتضم القوافل جوانب »طبية، وبيطرية، وإرشاد زراعى، وإرشاد نفسى ومحو أمية« بهدف النهوض والارتقاء بالمواطن المصرى ارتقاءً شاملاً، ويجب أن تتعاون كافة مؤسسات الدولة مع تلك المبادرة حتى نستطيع تحقيق التنمية والنهوض بالمستوى العام للمجتمع.
> ما الدافع وراء قراركم حرمان الطالب الذى يتغيب عن الحضور بنسبة 75٪ عن دخول الامتحان؟
>> هذا قرار هدفه تحقيق الانضباط ويتم تطبيقه على الكليات العملية والشرعية سواء، وسيتم حرمان الطالب الذى يتغيب عن الحضور وفق النسبة المحددة، وكما نحرص على تحقيق الالتزام لأعضاء هيئة التدريس فإن ذلك الالتزام يجب أن يقابله التزام طلابى بالحضور بنسبة 75٪ وفق تقييم حضور داخل كل فرقة دراسية من خلال آلية تضعها الجامعة لإثبات حضور الطلاب وتقييم تلك النسبة بما يتفق وعدد ساعات الفصل الدراسى، وإذا ثبت عدم حضور الطالب المدة المقررة وفق مجلس الجامعة فإنه يتم حرمانه من دخول الامتحان إلا بعذر طبى معتمد من الإدارة الطبية التابعة للجامعة، وقد وضعت الجامعة خريطة عمل للدراسة وفق المنهج المقرر حسب كل كلية حتى يتم إنهاء المنهج قبل بدء الامتحانات بما يعطى فرصة للطلاب المراجعة مع أعضاء هيئة التدريس فى المسائل التى يستعصى عليهم تحصيلها بصورة متقنة.
> الطلاب الوافدون يشكون من عدم حديث أعضاء هيئة التدريس أثناء الشرح باللغة العربية؟
>> بالفعل تلك المشكلة وردت إلينا من اتحادات طلاب الوافدين وقمنا بالتحقيق فيها تأكدنا من ثبوتها لذلك قرر مجلس الجامعة منع الحديث داخل قاعات التعليم سوى بالعربية الفصحى سواء فى الكليات الشرعية أم العملية، وتشكيل لجان متابعة فى فروع الجامعة الثلاثة بالقاهرة والوجهين القبلى والبحرى لرصد حركة انضباط العمل داخل قاعات التعليم والمدرجات بما يضمن المحافظة على جودة اللغة العربية التى تعكس هوية التعليم الأزهرى، وإذا ثبت مخالفة عضو هيئة التدريس قرارات مجلس الجامعة فإنه يتم إحالته للتحقيق، فلن أتهاون فى عدم التدريس داخل المدرجات باللغة العربية.
> لماذا قررتم رفع قيمة مكافأة القراءة الحرة إلى 100 ألف جنيه؟
>> مسابقة القراءة الحرة كان الفائز بالمركز الأول يحصل على جائزة مالية قدرها 25 ألف جنيه، وحتى يتم تحفيز الطلاب على القراءة والمشاركة بصورة فاعلة تم رفع قيمة الجائزة إلى 100 ألف جنيه للفائز بالمركز الأول، فيجب أن يكون لدينا يقين ثابت بأننا الطالب يجب أن يكون متفوقا على أستاذه، فإذا قمنا بتخريج أجيال أقل من مستوانا فقد حكمنا على أنفسنا بالتخلف، وإذا كانوا مثلنا فقد حكمنا على الزمن بالتوقف، لذا يجب أن يتفوق الطالب على أستاذه ويأتى بجديد، ولن أتراجع عن قمة الخريجين بأن أن يكون خريجى جامعة الأزهر أفضل الخريجين، فالأستاذ يكون غاية السعادة عندما يجد ابنه أفضل منه علمياً.
> هل تمتلك كليات الجامعة المنتشرة فى القاهرة والأقاليم الإمكانيات التى تؤهلها للإبداع؟
>> لنكن صرحاء بأن جامعة الأزهر تعتبر بمثابة 3 جامعات متكاملة حيث يوجد فرعها الرئيسى فى القاهرة ولها فرعان أحدهما فى الوجه البحرى والآخر فى الوجه القبلى، وعدد طلابنا يقارب نصف مليون طالب، وهذا عبء كبير على ميزانية الجامعة لكن أود تسجيل كلمة فى حق العاملين بالجامعة حيث إنهم يواصلون العمل رغم قلة الإمكانات وضيق ذات اليد يؤمنون برسالتهم فى الحفاظ على الأصالة وثوابت الفكر واللغة، ورغم هذا فإن الكليات تعمل على تنمية القدرات الشخصية للعاملين بها من الإداريين وأعضاء هيئة التدريس حتى يصلوا درجة الاعتماد على النفس لأنه سبيل النجاح والرقى، لأن أفضل ما يتمتع به الإنسان أن يكون عِلْمَه من رأسه، وطعامه من فأسه.
جامعة الأزهر التى تعد من أكبر الجامعات على مستوى العالم، حملت أمانة العلم على مدار 1084 عامًا من العطاء فى خدمة الإنسانية، حيث تضم جامعة الأزهر نحوًا من 100 كلية و18 معهدًا يدرس بها مناهج دراسية تتسم بالوسطية والاعتدال والتنوع، وعدد طلاب الجامعة يصل إلى نحو نصف مليون طالبٍ، ولدينا طلاب من أكثر من 140 دولة حول العالم، وتستقبل الجامعة طلابًا يدرسون بها من 46 دولة إفريقية.
> كيف تدعم الجامعة التوجه المصرى تجاه القارة الإفريقية؟
>> جامعة الأزهر جزء من كيان الدولة المصرية وتحرص على تحقيق مصالحها، كما أن الجامعة تعتبر أحد أدوات الأزهر الشريف التى تهدف إلى تحقيق الفكر الوسطى المعتدل، حيث قام الإمام الأكبر بتشكيل لجنة الشئون الإفريقية التى تعنى بالأشقاء من قارة إفريقيا، وقرر شيخ الأزهر الشريف تخصيص عدد 1600 منحة دراسية شاملة جميع النفقات لطلاب إفريقيا سنوياً، وتم تنظيم عدد من الأنشطة المختلفة التى تعكس قوة ومتانة العلاقات بين مصر ودول القارة الإفريقية، بدأت باستضافة الجامعة مقر اتحاد الجامعات الإفريقية لدول شمال إفريقيا، وأعقب ذلك تنظيم أولمبياد إفريقيا بمشاركة طلاب من 27 دولة إفريقية، وتنظيم مؤتمر قادة التعليم العالى فى إفريقيا الذى عقد برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بمشاركة 1500 شخص من 42 دولة إفريقية.
> حدثنا عن مستشفيات الجامعة؟
مستشفيات جامعة الأزهر هدفها إحداث فارق إيجابى على مستوى منظومة المؤسسات الصحية والطبية حيث توفر لها الجامعة كافة الإمكانيات المطلوبة رغم أن تكلفة الأجهزة مرتفعة جدا، لكن ثقة المواطنين فى مستشفيات الأزهر الجامعية فى القاهرة ودمياط وأسيوط يجعلنا نسعى لإرضاء المواطن من خلال منظومة طبية تبدأ بالسلوك الإنسانى الذى يلقاه المريض عند باب المستشفى مرورا بالخدمة الطبية التى ليقوم بها أساتذة لهم أسماء بارزة فى عالم الطب، ومؤخرا قمنا بتشكيل لجان تقوم بالاستماع لتعليقات المواطنين، باعتبارهم المتعاملين والمستفيدين فى المقام الأول من الخدمات والمشروعات الطبية، للوقوف على مدى جديتها وصلاحيتها، ودراسة هذه التعليقات بشكل دورى لتحسين جودة الخدمات المقدمة، والتأكد من مناسبتها لتوقعات المرضى، وبما يضمن استمرارية نجاح هذه المشروعات فى المستقبل، وعندما قمنا بحصر المترددين على مستشفيات جامعة الأزهر وصل العدد حوالى مليون مواطن سنوياً، كما انها تقوم بإجراء ما يقرب من 100 ألف عملية جراحية خلال العام، بما يسهم فى القضاء على قوائم الانتظار، والكشف المبكر عن أورام الثدى.
>> هناك سؤال أصبح يتردد فى الأذهان بسبب التناقض بين سلوكيات البعض والتعاليم الإلهية مثل الذى يحدث فى غزة؟
>> السؤال مقصوده أن الله تعالى أمرنا بالعمران والبناء وأن بعض السياسات الفردية أو الدولية تسير عكس اتجاه تعليمات الله تعالى، وهذا المعنى لا يدعو إلى الحيرة أو التشتت الذهنى على الإطلاق، فمنذ خلق الله الإنسان والصراع محتدم بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، والمتتبع مسيرة ذلك الصراع يجد الباطل فى أعلى درجة البغضاء والانتقام ويجد الحق مستضعف، والتاريخ يحكى لنا ما أصاب رسول الله صلى الله عليه والمستضعفين معه فى مطلع البعثة النبوية وظل سنين عددا فى مكة ينال منه العبيد السفهاء حتى استباحوا دمه الشريف، وإذا انتقلنا إلى الواقع الحاضر فإن مشاهد القتل والدمار وروائح دخان الحرائق يملأ سماء غزة والعالم كله يسمع ويرى وللأسف وكأنهم لا يسمعون أو يبصرون، والجميع يعلم أن الحق مع أهل غزة وأن الصهاينة عصابات تشربت مبادئ الإجرام، ولا شك أن البلاء مبين، وطال انتظار النصر حتى قال أهل غزة:متى نصر الله، وأنا اطمئنهم بأن نصر الله قريب، ووعد الله حق وسينصر الله أصحاب الحقوق وإن طال الزمن أو حسب البعض أن الأمل صار بعيدا، وهذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد، ويجب تلك الأحداث تزيدنا يقينا فى أن إرادة الله غالبة ولو كره المجرمون، وغدا ستشرق الشمس على سماء غزة وأرضها تمحو آثار تلك الأقدام الهمجية، وسيجلس أطفال فلسطين يعجبون من بطولات آبائهم الذين كتبوا ملاحم لم نسمع عنها سوى من اتباع الأنبياء والمرسلين.
> بالحديث عن غزة كيف ترى الموقف المصرى من القضية الفلسطينية؟
>> الموقف المصرى فوق التقييم الشخصى إنه موقف عاكس لمدى الشرف فى مناصرة القضية الفلسطينية وشعبها ضد تكالب قوى الطغيان، وسيذكر التاريخ أن القيادة المصرية تحملت ما لا يطاق فى سبيل تخفيف الخناق على أهل غزة، وكيف دفعت من اقتصادها ما تنوء به الجبال إيمانا منها بالحق الفلسطينى، ورغم هذا نجد سفهاء الأحلام يتطاولون من وراء شاشات الهواتف على مصر، متجاهلين أنه لولا موقف قيادتها الساسية لما أصبح هناك شعب ولا قضية بعدما أجمع الطغيان ومناصروه أمرهم وهم يمكرون ووقف العالم جميعا يشاهدون الإبادة والتجويع ولا يتحركون، بينما وقفت مصر سدا منيعا ضد تمرير مخطط التهجير والتغريب وستظل مصر حانية حامية حتى يأذن الله بالفتح المبين.