أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أن تمتع مصر والصين بعلاقات تاريخية وطيدة، يمثل قاعدة قوية لاستمرار تميز علاقاتهما طوال العقود الماضية، وفقاً لمبدأ المكاسب المشتركة فى توقيع رئيسى البلدين لاتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة عام 2014 والتى دشنت مرحلة جديدة من مراحل التعاون الشامل والشراكة بين مصر والصين.
قال رئيس الوزراء، فى كلمته المسجلة التى ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من «منتدى العمل العالمى من أجل التنمية المشتركة» بالعاصمة الصينية بكين والتى تنتهى اليوم أنه خلال العقد الماضي، شهدت العلاقات تطورات ملحوظة لاسيما على الصعيد الاقتصادي، وأصبحت نموذجاً للتعاون والتكامل الاقتصادى الفعّال بين دول الجنوب والاقتصادات الناشئة.
أعرب مدبولى عن تقديره للنتائج البناءة التى انتهت إليها اجتماعات الدورة الأولى للمنتدى يوليو العام الماضي، بالتأكيد على أهمية تضافر الجهود لتحقيق التنمية المستدامة العادلة والشاملة، لينعكس بدوره على تعزيز مستويات رفاهية ورخاء الشعوب، والتأكيد على أهمية التعاون المشترك.
مضيفاً أنه فى ضوء تزايد الاهتمام العالمى بتسريع عملية التحول نحو مسارات تنموية منخفضة الانبعاثات تتميز بالقدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية، لا يوجد خلاف حول أهمية حشد الجهود لمجابهة آثار تغير المناخ، كفرصة سانحة للمضى قدمًا نحو وضع أجندة عمل تراعى مسارات التنمية فى الاقتصادات النامية والناشئة وتضمن الوصول العادل إلى الموارد المالية والحلول التكنولوجية، لاسيما وأن الفجوة التمويلية للاستثمارات المناخية المطلوبة عالميا تقدر بنحو 4.5 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، مما يؤكد أهمية تضافر وتكامل الجهود لكافة الأطراف المعنية للدفع قدماً بأجندة التنمية والمناخ، حيث تبرز أهمية الشراكات الشاملة بين كافة الأطراف ذات الصلة لخلق أساس من التفاهم والوحدة والتصميم حيال دعم الأولويات التنموية الوطنية للاقتصادات الناشئة.. مشيراً إلى المنصة الوطنية «نُوَفِّـي» التى تم إطلاقها كمبادرة رئاسية خلال مؤتمر COP27، وتعد بمثابة تطبيق عملى لمبادئ التمويل العادل وتمثل نموذجاً فعالاً لتعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية والتمويلات الميسرة للتعامل مع قضايا التكيف والصمود والتخفيف أمام التغيرات المناخية وتنفيذ التعهدات، خصوصاً على صعيد القارة الأفريقية.. تمثل انعكاساً لحرص مصر على تعزيز العلاقة الوطيدة بين التنمية والعمل المناخي، وهو ما ظهر جلياً فى صياغة الإستراتيجية الوطنية الشاملة للتغيرات المناخية لعام 2050، بـ 5 أهداف رئيسية.
أضاف أن الجانبين يعملان على استكشاف مزيد من الفرص للتعاون الثلاثى خاصة مع الدول الأفريقية، لاسيما فى ضوء استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الأفريقية، وإبداء الجانب الصينى لاهتمام إنشاء أول مركز بحثى وتدريبى فى أفريقيا لمكافحة التصحر من موارد المنح الصينية فى مصر، وهو ما سيسهم فى تبادل الخبرات بين الجانب الصينى والمصرى والأفريقى حول أنجع سبل وتقنيات مكافحة التصحر.
مشيراً إلى عام 2024 للاحتفال بمرور عقد على توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، فلقد شهد يناير من العام ذاته انضمام مصر بشكل رسمى إلى تجمع البريكس، فضلا عن قيام بنك التنمية الجديد، الذراع التمويلية للتجمع، باختيار مصر لتكون أول دولة من خارج دول التجمع المؤسسة، لاستضافة مؤتمر رفيع المستوى فى يونيو الماضى تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة السيدة ديلما روسيف رئيسة البنك، وعدد كبير من ممثلى شركاء التنمية الثنائيين ومتعددى الأطراف، حيث هدف المؤتمر إلى فتح آفاق جديدة للتعاون مع دول البريكس وعرض التجربة التنموية المصرية.
أعرب رئيس الوزراء عن تطلعه إلى تعزيز الشراكة الشاملة والمستدامة بين مصر والصين بما يتجاوز علاقتنا الثنائية مع الجانب الصيني، ليشمل التعاون فى إطار تجمع البريكس، والثلاثى لاسيما مع الدول الأفريقية، وهو ما يتسق مع رؤية قادة البلدين حول أن الطريقة الوحيدة لتحقيق التنمية المستدامة تتمثل فى التعاون الدولى والعمل الجماعى وصياغة عقد عالمى جديد قائم على «الإنصاف والعدالة والشفافية».
أعرب مدبولى فى ختام كلمته عن تطلعه إلى أن يسفر المنتدى عن الاتفاق على توصيات تمهد الطريق لإقامة شراكات بناءة فى مختلف المجالات بين الجانب الصينى والدول والمؤسسات المشاركة فى المنتدي، بما يدعم ويدفع من معدلات النمو المستدام والاستثمار بين الاقتصادات الناشئة.
وفى نفس السياق قالت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى إن تحقيق التنمية المستدامة.. قضية ذات أهمية قصوى.. من أجل مستقبل أفضل للجميع.
وأكدت فى كلمتها أمام المنتدى أهمية انعقاد النسخة الثانية له لأنها تعزز جهود الشراكة الشاملة والبناءة مع الجانب الصينى فى مختلف المجالات.. مشيرة إلى ضرورة تنويع مصادر تمويل التنمية والاستناد إلى الخطط الوطنية التى تراعى أولويات الدول المختلفة فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
أضافت أن مصر تعمل على بناء مستقبل مستدام من خلال التخطيط الفعال للتنمية وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين وزيادة المشروعات الخضراء إلى جانب الجهود المبذولة مع شركاء التنمية لدفع التحول الأخضر فى مصر.
شددت الدكتورة رانيا المشاط، على أن مبدأ «ملكية الدولة» يعتبر حاسمًا فى تعزيز جدول أعمال التنمية المستدامة، والأهم من ذلك تنسيق الجهود فى ضوء أهداف التنمية المستدامة، لافتة إلى أن ملكية الدولة تضمن تحقيق التنمية بشكل أكثر عدلًا ويتسم بالمساواة والإنصاف.
وأشارت إلى أن أحد التحديات الرئيسية التى نواجهها هو استمرار زيادة التمويل المطلوب للتنمية والعمل المناخي، وبينما تلعب التمويلات التنموية الميسرة دورًا محوريًا، إلا أنها لا تستطيع سد الفجوة المتزايدة باستمرار.
قدمت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عددًا من المقترحات من أجل التغلب على تلك التحديات من بينها حشد التمويل الإضافى من خلال تعزيز المشاركة بين جميع الأطرف ذات الصلة، لإطلاق العنان للتمويلات التريليونية من خلال القطاع الخاص، وغيره من الجهات الفاعلة فى مجال التنمية لاسيما المنظمات غير الحكومية، مع تبسيط متطلبات الوصول إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق المناخ من أجل تخصيص مخصصات فعالة وعادلة.
كما أشارت إلى أهمية تعزيز استدامة الديون فى البلدان متوسطة الدخل والبلدان المنخفضة الدخل لتحسين التصنيف الائتمانى للبلدان، وخفض المخاطر، وزيادة ثقة القطاع الخاص وتشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات، فضلًا عن ذلك أكدت «المشاط»، على أهمية إعداد قائمة من المشروعات الجاذبة للاستثمارات التى تتوافق مع اتفاق باريس للمناخ، بما يسهم فى تنفيذ الأولويات الوطنية.
فى ذات السياق، لفتت إلى أهمية تحفيز مشاركة القطاع الخاص فى التنمية والعمل المناخى من خلال تشجيع التمويل المختلط من خلال بنوك التنمية متعددة الأطراف، ومؤسسات التمويل الدولية، بما يعزز ثقة المستثمرين ويخفض تكلفة رأس المال فى البلدان النامية.
كما أشارت إلى أهمية تحسين مرونة وكفاءة البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل من خلال تطوير أطر سياسية وتنظيمية قوية وقابلة للتكيف، لاستكشاف الفرص المتاحة فى أسواق ائتمان الكربون والقدرة على الصمود والاستفادة منها لتوفير موارد إضافية لتمويل المناخ مع ضمان ملكية الدولة وتحقيق اقصى قدر من الفوائد.
إلى جانب ذلك، أكد الدكتورة رانيا المشاط، على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة فى تمويل المناخ من خلال آليات تتبع الميزانية، وإجراء مراجعات دورية للإنفاق المناخي، والمراجعات المؤسسية على المستوى الوطني، مع تطوير أنظمة مراقبة وتقييم وإعداد تقارير متسقة وشاملة بمنهجيات موحدة على المستوى الدولي.
قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن المضى قدماً فى تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، يعزز أيضًا من الاستفادة من التجارب الناجحة وتكرارها، مشيرة إلى أهمية تعميم مبادئ التمويل العادل فى جميع أنشطة التنمية وتمويل المناخ، التى تعمل على مواءمة أهداف التنمية المستدامة مع أهداف التنمية الوطنية؛ وتعزيز المسارات العادلة لتمويل المناخ من خلال التأكيد على حق البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل فى الحصول على تمويل للمناخ كمًا ونوعًا.