بعد إعلان المملكة العربية السعودية عن أن يوم الأحد أول أيام العيد وبعد أن أعلنت دار الإفتاء فى مصر بأنه تعذرت رؤية الهلال وأن العيد يوم الاثنين.. كان لا حديث سوى عن هذا الاختلاف وكيف يحدث ذلك وأيهما الأصح فلكياً.. وتحول كل منا إلى «مفتي» يدلى بدلوه ويفتى فيما لا يعلم وتحول إلى فلكى وخبير فى حركة الأفلاك والنجوم.. لدرجة أن البعض نسى تبادل التهانى والتبريكات.. وتجاهل قول رسولنا الكريم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.. فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً» وغُم عليكم أى تعذر رؤية الهلال لوجود سحاب كثيف حال دون ذلك.
الحقيقة أنه بعد إعلان غالبية الدول الإسلامية بداية شهر شوال 1446 هجرية واختلافها.. تداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعى والنشطاء بعض مواد قديمة تدعى أن السعودية سبق وأن دفعت 1.6 مليار ريال كفارة عن الإفطار الخاطئ عام 2011 بسبب خطأ فى الرؤية الشرعية وهو خبر كثيراً ما يتم تداوله كل عام فى نفس هذا التوقيت مع إن الجمعية الفلكية نفت ذلك، بل وزعم هؤلاء المروجين لهذه المعلومات أنه يجب على السعودية أن تدفع كفارة ذلك هذا العام مع إن صيام أهلها 29 يوماً وليست 28 يوماً وهذا أمر غريب وكلام غير منطقى، وعموماً الصحيح والثابت أن هذا حدث عام 1404 هجرية أى منذ 42 عاماً عندما أصدرت وزارة العدل آنذاك بيانا حول صيام رمضان 28 يوما وطلب البيان من المسلمين بالمملكة قضاء يوم إضافى ليتم لهم شهر رمضان 29 يوماً ومن أراد أن يصوم ستة من شوال ألا يصومها إلا بعد قضاء هذا اليوم، أما عن حدوث ذلك فى 1984 فهذه مجرد أقاويل واختلافات لا أساس لها من الصحة وعموما اختلاف رؤية الهلال بين الدول أمر طبيعى نتيجة اختلاف المكان والزمان.
صراحة ما حدث من أقاويل جعلنى أنقب فى الماضى عن أحداث مماثلة فى أخطاء رصد الهلال فقد ذكر أنه فى زمن خلافة الإمام على بن أبى طالب صام المسلمون 28 يوماً وأمرهم بصيام يوم لإتمام الشهر 29 يوماً كما أن بعض الدول تتأخر فى إعلان عيد الفطر مثلما حدث فى موريتانيا إذ أعلنت اللجنة الوطنية فى ساعة متأخرة من الليل أن يوم الأحد هو أول أيام عيد الفطر مما أثار حالة من الجدل والارتباك بين المواطنين وعموما إذا حدث ذلك فى هذا الزمان فمن النادر لتطور أجهزة الرصد والحسابات الفلكية الدقيقة بالمراصد العملاقة لأنه فى الماضى كان الراصدون يقومون بالرصد العشوائى فى ليلة 30 من الشهر العربى ولم يكن هناك التفات إلى مسألة الاقتران فضلاً عن الخصائص الهندسية وكان فى الماضى أيضا يكتفى الراصد للهلال بعدالة الشهود وتزكيتهم لكن الوضع اختلف اليوم حيث لم تعد الشهادة للرائى بالعين المجردة مقبولة قبل حدوث الاقتران أو غروب القمر قبل الشمس، لذا كان لابد من إنشاء المراصد كعوامل مساعدة على تحرى رؤية الهلال، فإذا رئى بالعين المجردة مثلما كان يحدث قديما فيتم العمل بها وإذا لم يُر فالبمرصد لتحرى الدقة ولعدم الوقوع فى أخطاء مثلما حدث فى السعودية عام 1404 هجرية أو فى زمن خلافة على بن أبى طالب.
الغريب تداول البعض سؤالا مفاده لماذا لا يتم توحيد يوم الصيام ويوم العيد مثلما يحدث فى عيد الأضحى على مستوى كافة الدول العربية والإسلامية، ناسين امتداد الأمة الإسلامية وتباعدها فى مشارق الأرض ومغاربها وأنه لا يجوز توحيد ذلك زمانياً والاتفاق على عيد الأضحى لأنه مرتبط بالدولة التى بها البيت المعمور لذا يتم الالتزام حرفياً بما تقوله السعودية ولا يجوز الخلاف معها فى يوم وقفة عرفات لأن الحج عرفة وعلى المسلمين جميعا الالتزام بذلك أما بقية الشهور فلا خلاف لأنه يمكن تعويض النقص فى بعض الشهور العربية بإتمامها حتى الثلاثين أو نقصانها 29 يوماً، المهم لا يوجد شهر 28 يوماً وهو محل الخلاف والصواب هو أن لكل أهل بلد رؤيتهم فإذا صام أهل مصر لرؤيتهم وأهل الشام لرؤيتهم والمغرب وهكذا.
عموماً أياً كان الخلاف فإن صوم رمضان هذا العام كان جميلاً فلم نشعر بجوع أو عطش لأنه جاء فى فصل الشتاء وأنه سيظل على هذا الحال ربما لأكثر من عشر سنوات قادمة حتى يدخل فى الخريف ثم فى الصيف أى دورة قد تمتد إلى 30 عاماً تقريباً لذا كانت تلك الضجة والليلة العبثية التى عشناها الأحد الماضى فى غير محلها ولا تستدعى كل هذه الجدلية البيزنطية التى لا طائل من ورائها لأن مراصد الفلك تطورت وصارت أكثر دقة والدليل الاعتراف بحسابات مصر الدقيقة لأن معهد الفلك المصرى شارك بـ7 لجان لاستطلاع هلال شوال بالتنسيق مع دار الإفتاء والتى أقرت بأن هلال شوال سيكون قد ولد مباشرة بعد حدوث الاقتران الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت القاهرة يوم السبت 29 رمضان أى أن الاقتران قد حدث بالفعل والهلال قد ولده، خلاف السعودية التى أخطأت فى التقدير الفلكى ولكن لن يؤثر لأنه يمكن تعويضه فى الشهر القادم أى شوال يجعله 30 يوما أو الذى بعده المهم يكون التوافق فى ذى الحجة حيث الحج.
وأخيراً
> تكبيرات المصريين أثناء صلاة العيد وحملهم الأعلام الفلسطينية وترديد لا للتهجير.. تؤكد نصرة مصر التاريخية للقضية الفلسطينية.
> زيادة الأجور بالدولة من أول يوليو.. يخفف العبء عن كاهل الموظفين.. نريد المزيد لمواجهة غلاء الأسعار.
> اكتشافات الغاز بالبحر المتوسط ترفع الإنتاج إلى 5 تريليونات قدم مكعبة.. بشرى خير.