عندما ذهب محمد هنيدى إلى الصين.. رأينا الحياة وخاض فيها وجاء سياق القصة مناسبًا ومقنعًا تماماً.. لخلق كوميديا فى مكان مختلف بعيد مجهول لأغلبنا.. وكانت فكرة العمل لمخرجه شريف عرفة بينما تولى أحمد عبدالله صياغة السيناريو بدرجة عالية من الاحترافية.. على العكس من ذلك تماماً إذا قطعنا مسافة 20 عاماً تفصل بين «هنيدى الصيني».. وتجربة بيومى فؤاد المكسيكية 2024.. التى تعطينا فكرة عن فن فيه رؤية وله أساس فيه أول وآخر.. وتم صناعته بمهارة.. وفن ارتجالي.. يلا نروح المكسيك.. هوبا.. يلا بينا.. لكن ماذا سنفعل هناك ليس هذا هو المهم.. حيث لدينا 3 شنبات هى محمد ثروت ومحمود حافظ وأحمد فتحى وان كان شنبه «عيرة» مثل الفيلم كله.. الذى نجد فى مقدمته أنه تأليف الثنائى محمد محرز ومحمود حمدان والاخراج منسوب إلى شادى علي.. ونقرأ فى المقدمة أن شركتين ساهمتا فى انتاج هذا العمل الذى أقل ما يوصف به أنه تم تركيبه بكل السبل، كلمة من الشرق وأخرى من الغرب.. ولا تدرى ما هى الجمعية السرية التى لها أفرع فى أوروبا.. مع أن المسكيك فى أمريكا اللاتينية وليست فى أوروبا إلا إذا كان جوز المؤلفين قد لعبا فى جغرافيا العالم.. والعصابة يفترض أنها خريجة سجون.. ولكنهم طوال الوقت فى حالة رعب فلا تسأل إذا سقطوا فى رمال متحركة محاطة بالحجارة دون عن باقى المكان الذى تواجدوا فيه.. وفجأة تظهر لهم تلك الشابة التى يقال إنها صحفية ولها علاقات بالمافيا.. إنهم يجدون ملابس مكسيكية يرتدونها وهذا هو كل ما يربطهم بالمكسيك والغالب أن الفيلم جرى ضربه سريعاً فى تركيا على ما أظن.. لأننا لم نقابل مكسيكياً واحداً حتى أنهم دخلوا متحفاً للمخدرات وفيه حذاء سرقه حرامى الجزم الموجود فى هذا المنتخب الذى يجرى ثم يتوقف لكى تدور بينهم شوية افيهات بايتة من نوعية هل هانى البحيرى شقيق راندا البحيري.. وأن تتلقى الأمورة مكالمة تقول إنها من الزعيم ويحاول بيومى أن يأخذ منها الموبايل لأن له مبلغاً من المال عند عادل إمام.. ولكنها توضح بأن الزعيم الذى يكلمها من المافيا ثم إيه المضحك أن يقف أحمد فتحى لكى يبحث عن بيت الراحة، ومع أن الفتاة نصفها مصرى بدليل على أنها تتكلم مثلنا، لكنه يشرح لها معنى إيه بيت الراحة فما المضحك.. وخد عندك مشهد سخيف داخل الحمامات وكلام ماسخ وسخيف عن ثنائى يخرج من تواليت واحد وإنهم فجأة تحولوا إلى فرقة غنائية استعراضية.
وبنفس الهطل نجد أحد أفراد العصابة يبحث عن خريطة وجدها عمرو عبدالجليل بالصدفة، والفيلم كله مجموعة من الصدف غير السعيدة.
لقد ذهب اسماعيل ياسين إلى دمشق وشاهدنا الشام والحياة هناك، وذهب فريد شوقى إلى تركيا ورأينا اسطنبول ومدناً أخري، وذهبت وردة إلى تونس والمغرب وأفلام عديدة جرى تصويرها هنا وهناك، بعضها كان من باب المشاركة مع منتج مع البلد الذى يتم التصوير فيه أو من باب التجديد فى أماكن لم يشهدها المتفرج المصرى ولجذب الجمهور من أهل البلد الذى تم اختياره، مثلما فعل محمد هنيدى فى «عندليب الدقي».
المجموعة التى لعبت بطولة الفيلم متشابهة من حيث الأحجام والاعتماد على أنفسهم فى رزع الإفيهات المشمومة، ويكفى أن الجمهور الذى يبحث عن الضحك والطاخ طيخ، انصرف عن هذا العمل عندما نزل وسط مجموعة من الأفلام عددها دستة واحتل هذا الهجص المصرى المكسيكى المركز السابع محققاً مليون و200 ألف جنيه، بينما جاء فيلم «الحريفة» فى المركز الأول وكله شباب مجهول الاسم باستثناء نور النبوي، لكن موضوعه المتماسك جذب الشباب، يليه «الرحلة 404» لمنى زكى لأن قصة الفيلم مختلفة، ثم بعده «أبو نسب» لمحمد عادل إمام وماجد الكدوانى رغم أن الفيلم «مقلوب» ومستنسخ من فيلم «عريس من جهة أمنية»، لكن الجديد فيه أن الأب هو المجرم، والعريس ابن ناس متعلم، واستقر فيلم «الاسكندراني» فى المركز الرابع، وبعده «أنف وثلاث عيون» لأن موضوعه سبق تقديمه، وأخيراً «السيستم» لأحمد وشم الفيشاوى مع طارق لطفي.
تركيبة السينما فى ظل وجود المنصات، أصبحت مختلفة.. فلم تعد تعتمد على نجم شباك واحد، يذهب إليه الجمهور بشكل خاص مثلما كان يحدث مع عادل إمام ونبيلة عبيدة ونادية الجندي، ودخلنا فى عصر الجروب، بحيث يتم تقسيم الفيلم على أربع أو خمس حتت كما جاء فى هذه التجربة الفاشلة شكلاً وموضوعاً حتى فى التأليف ثنائى بدلاً من واحد على «خيبة ايه» ما تعرفشي، فلا فكرة ولا ترابط ولا ضحك حتى لو كان دون سبب، لأن المواقف غائبة أو مستهلكة جرى ومطاردات وخريطة وبنت حلوة، وحتة من هنا وحتة من هناك حتى يتم تقفيل الفيلم وتسليطه على جمهور لم يعد ساذجاً، وإن كان يريد التسلية وهذا حقه، فقد دخلنا فى عصر «الرطرطة» بحيث تجد الممثل أمامك 24 ساعة حتى فى أحلامك بين فيلم ومسلسل وبرنامج وإعلانات ووسائل تواصل، كأن الدنيا سوف تنتهى عند هؤلاء بعد ربع ساعة وهذه الفعلة السينمائية التى أعلنت عن ذهابها إلى المكسيك، فوجدنا أنفسنا فى باب الشعرية سببها فى المقام الأول الاستهتار بالعنصر الأهم فى الفن، وهو التأليف.. فإذا غاب الكاتب الحقيقي، فقل على السينما السلام، بل على الفن كله!