فى مثل هذه الأيام وفى ذكرى انتصاراتنا بحرب العاشر من رمضان وأكتوبر 1973، وجدتنى أعود بالذاكرة إلى تلك الأيام المجيدة، خاصة أننى كنت بالصف الأول الإعدادي، وعلى الرغم أننى كنت أبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، لكن كمصرى عاصر الحرب، ومهما كان سنه وإدراكه للأمور فلا بد أن تكون له ذكريات بشأنها لا تنسى فمدرسة المهندس عبد التواب صبرى الإعدادية التى كنت بها قد تم افتتاحها عام 1973، عقب انتهاء الحرب مباشرة وقد تبرع بالأرض، التى أقيمت عليها المدرسة الفاضل المرحوم العمدة عبد التواب صبرى عمدة قرية نقاليفة بمحافظة الفيوم، إضافة إلى تبرعه بأرض المدرستين السابقتين، وتزيد قيمة هذه الأراضى الآن تزيد على المليار جنيه جعلها الله فى ميزان حسناته ورحمه الله رحمة واسعة عن كل عمل صالح قام به وعن كل تلميذ تعلم بتلك المدارس وتبوأ وتقلد المناصب بالداخل والخارج، وبالمناسبة ليت رجال الأعمال أصحاب الأراضى الملكية العامة للشعب والمعتدى عليها أن يشعروا بذرة حياء، ويتبرعون بجزء ولو قليل منها لصالح الاقتصاد المصرى ونعود إلى ذكريات الحرب، واعتقد أن كل واحد منا لا ينسى الوقت الذى علم فيه بنشوب الحرب الساعة الثانية ظهر السبت السادس من أكتوبر، وكيفية علمه من المصدر الذى أعلمه، ثم انتظرت ساعة وراء أخرى لأخبر زملائيوأهلى عبر الراديو والتليفزيون مجريات الحرب مع العدو الصهيوني، وبالطبع لا ننسى مجموعة الطائرات التى قامت بالضربة الجوية الأولى وتهليل الناس بعد علمهم أن الطائرات رجعت إلى قواعدها سالمة، ثم الفرحة الكبرى بعبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس، واقتحام خط بارليف، وذلك بحق يعد من المعجزات، واعتقد أن الكثيرين لا يستطيعون نسيان انتظارهم للبيان الذى يذيعه المذيع بالراديو قبل آذان المغرب مباشرة وسط تهليل وتكبير المصلين، وعن فاكهة التواشيح التى يلقيها فضيلة الشيخ نصر الدين طوبار قبل أذان الفجر، فما زالت تلك الأدعية محفورة فى القلوب، ولا يستطيع أحد أن ينكر جمالها وأما الأغانى الوطنية، فكانت أنشودة المجموعة بسم الله الله أكبر وأم البطل، ولا أستطيع أن أنسى تخوف الناس من البيانات العسكرية فى بداية الحرب بسبب البيانات الكاذبة بحرب 5 يونيو سنة 1967 وقد تأكدوا بصدق البيانات بعدما شاهدوا الأسرى من جنود وضباط اليهود، خاصة الضابط عساف ياجورى بالصحف والتليفزيون، وعن لحظة رفع العلم المصرى فوق أرض سيناء الحبيبة، فما زالت تلك اللحظة من أهم المناسبات التى تعتز بها النفس، هذا عن بعض الذكريات أثناء الحرب الخالدة، أما بعد انتهاء الحرب وعودتنا للمدارس فإننى لا استطيع نسيان الكلمات العظيمة الكبيرة من الزميل حسن سلطان بطابور الصباح، وكانت تلهب حماس مدير المدرسة والمدرسين قبل التلاميذ، بالرغم أنه كان بالصف الأول الإعدادي، ولا أستطيع نسيان الحكايات التى كان يرويها لنا الجنود المشاركون بالحرب من أهل قريتى ترسا بالفيوم، خاصة طرائف الجندى المرحوم نادى عباس هيبة عن أصوات المدافع والطائرات، ومدى صلابة الجندى المصرى فى الحرب وإصراره على الانتصار، كذلك حكايات صديقى هشام على الغليض عن بطولات والده العقيد على الغليض بموقعة جبل المر، الذى تم محاصرتهم فيه لمدة ثلاثة شهور ولم يستطع العدو الصهيونى فى النيل منهم.
وأخيرا المشاهد التاريخية بمجلس الشعب، حينما كرم بطل الحرب الرئيس الراحل أنور السادات بعض قيادات القوات المسلحة، وعلى رأسهم وزير الدفاع أحمد إسماعيل علي.