لم يكن العام 1948 هوعام نكبة فلسطين فحسب بل كان تاريخاً يمثل نكبة »عربية« بمعني الكلمة.. حيث كان الغدر والخداع سمة لدول الاستعمار في هذا العصر.. وهي بطبيعة الحال التي اسهمت بشكل كبير في زرع هذا الكيان السرطاني في جسد الأمة العربية.. ولم لا؟ وهي التي أرادت ان يكون لها ذراع في المنطقة قبل ان تغادرها إلي غير رجعة.. فكان ان تم التمهيد لهذه النكبة قبل عام 1948 وبالتحديد مع نهاية القرن الـ 19 وبدايات القرن العشرين حين ظهرت الحركة الصهيونية العالمية بزعامة ثيودور هرتزل.. وعقدت مؤتمرها الأول »المشبوه« في مدينة بازل بسويسرا وأعلنوا فيه مخططهم لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين.. وعلي الفور كانت المساندات جاهزة والتخطيط معداً والتمويلات الاوروبية – الأمريكية في المتناول.
ومن هنا كانت دولة الانتداب في فلسطين »بريطانيا« هي »رأس الحربة« في السماح بالهجرات المتتالية إلي أرض فلسطين منذ مطلع العشرينيات.. بل والأكثر من ذلك اعدت العصابات اليهودية التي لعبت الدور البارز في التمهيد لاقامة الدولة »اللقيطة« علي أرض فلسطين.. فبدأت تمول العصابات الصهيونية بالمال والسلاح بل والمساعدة في هجرة اليهود من كل بقاع العالم إلي أرض فلسطين.. ثم كانت المرحلة الأهم في تاريخ هذه الدولة.. والتي تمثلت في مجموعة من المذابح ضد أهل فلسطين من المدنيين العزل من السلاح.. فكانت مذابح يافا وحيفا ودير ياسين.. وغيرها.. وهو ما أدي في نهاية المطاف إلي بث الخوف والفزع في النفوس ومن ثم كان التهجير القسري وكانت الطامة في تاريخ فلسطين عام 1948حين اشتعلت فيه الحرب بين العرب واليهود.. وكادت المعركة تنتهي لصالح الجيوش العربية.. ولكن وجدت الخيانة طريقها إلي ساحة القتال فتم خداع الجيوش العربية وانتهي بهم المطاف إلي الهزيمة التي اعقبها الاعلان التاريخي لقيام إسرائيل في الخامس من مايو عام 1948.
ولكن هل يمكن ان يتحقق لهذا الكيان البغيض هذا الحلم الذي مازال قادته يسعون بكل دأب إلي تحقيقه، نقولها بملء الفم إسرائيل في حد ذاتها لن يمكنها ان تحقق حلمها هذا.. ما دام في أمة العرب رجال مخلصون يعملون بشرف وتجرد.. ويقفون في وجه هذه المحاولات الخبيثة التي تسعي لكسب مزيد من الأراضي العربية.. وها هي »حرب غزة« الدائرة من 7 أكتوبر من العام المنصرم.. تبرز مدي صلف جيش الاحتلال الاسرائيلي في تعامله مع هذه المواقف.. فكيف لدولة تدعي انها واحة الديمقراطية في المنطقة العربية تقوم بهذه المجازر ضد أطفال ونساءدولة بهذا الصلف والغرور كيف لها ان تكون ديمقراطية وهي تمارس ابشع أنواع العدوان في وقت يدعي فيه العالم الحر انه بلغ أرقي درجات الحرية ومراعاة حقوق الإنسان.
للحقيقة نقول ان حرب غزة الدائرة حتي كتابة هذه السطور كشفت بما لا يدع مجالاً للشك سوءات العالم الحر.. المساند لهذا العدوان الغاشم ومدي ما يتعرض له شعب فلسطين من ظلم بيَّن.. ولكن نقول: كما قال من سبقونا.. دولة الظلم ساعة.. ودولة الحق إلي قيام الساعة.