حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة قضت على حوالى 45 الف شهيد فلسطينى من الاطفال والنساء والشيوخ، ووصفت الأمم المتحدة دمار غزة بأنه دمار غير مسبوق وان إعادة الإعمار ستستغرق 80 عاما على الاقل، يأتى ذلك فى وقت يتوعد فيه ترامب بتحويل الشرق الاوسط لجحيم لحفظ ماء وجه نتنياهو بخصوص الرهائن ولمساعدته على تجاوز الازمات التى يتعرض لها داخلياً وخارجياً وفى مقدمتها قرار المحكمة الجنائية بمحاكمته كمجرم حرب، والتى قد ينجوا منها لعدم انضمام اسرائيل لعضويتها، ولكن الذرائع التى يدعيها نتنياهو وترامب فى المنطقة تذكرنا بالرسالة التى بعث بها أبوفيس حاكم الهكسوس وهو فى «الدلتا» للأمير سقنن- رع، وهو فى طيبة «الاقصر» والتى قال فيها إن أصوات أفراس النهر فى طيبة، تقض مضجعي، وكانت هذه الحجة ذريعة للملك المغتصب لشن الحرب، والان اصبحت الدول المعتدية اكثر ذكاء حيث تعتمد على خونة الاوطان والعملاء والجهلاء لبث الشائعات والاكاذيب والازمات لاضعاف الدولة وتقسيمها ونشر الفتنة بين شعبها للقضاء عليها واستنزافها بدون اطلاق نار، فقد ذكر ابن الاثير ان القائد المغولى جنكيز خان عجز عن اقتحام مدينة بخارى فكتب لأهل المدينة: أن من وقف فى صفنا فهو آمن، فانشق أهل المدينة إلى صفين، الصف الأول رفض وأصر على المواجهة والدفاع عن المدينة وشعبها إلى آخر رجل أما الصف الثانى فوافق على الرضوخ والاستسلام خوفاً من بطش المغول فكتب جنكيز خان لمن وافق على الرضوخ إن أعنتمونا على قتال من رفض منكم، نولكم أمر بلدكم ونمكنكم من الحكم والسلطة فتم تجنيد العملاء والخونة والجبناء تنفيذاً لأمره ووقعت الحرب بين أبناء الشعب الواحد وجيوش المغول تتابع الموقف وفى النهاية انتصر طرف العملاء ولكن الصدمة الكبرى أن التتار سحبوا منهم السلاح وأمروا بذبحهم، وقال جنكيز مقولته المشهورة: «لو كان يؤمن جانبهم لما غدروا بإخوانهم من أجلنا ونحن الغرباء».
الخيانة هى سلاح المعتدين لاسقاط الدول، فخيانة حاشية الخليفة العباسى والتى كانت تسعى للسلطة مكنت هولاكو من الانتصار ودخول بغداد، وكانت النتيجة قتل مليون مسلم كما ان هزيمة الزعيم احمد عربى جاءت نتيجة خيانة اتباعه ومن الشخصيات التى يذكرها التاريخ مراد بك الجركسى الذى منح الفرنسيين البارود الذى أحرقوا به بيوت القاهرة لقمع «ثورة القاهرة الثانية «، ونفس الاحداث تتكرر بقصص وحكايات عن خونة الاوطان الذين باعوا بلادهم لصالح اعدائهم مما ادى لتفتيت الدول وتدميرها داخلياً والاستيلاء على مقدراتها طمعاً فى المال والسلطة، فذاكرة الاوطان لا تنسى وكتب التاريخ لا ترحم، فالمنطقة حالياً مشتعلة والعالم يتشكل برؤية جيوسياسية جديدة تستلزم تماسك نسيجنا الداخلى وتعزيز الوعى الوطنى وقيمنا الانسانية، والحفاظ على استقرارنا كدولة اقليمية كبيرة ومحورية فى المنطقة وضرورة التمسك بوحدتنا العربية وانتماءاتنا الافريقية، حفظ الله مصر.