فى عالم غيرته التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعى تحت مظلة الفضاء الافتراضى ..ماذا يمكن أن يرصد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية..من هذه الظواهر المجتمعية والسلوكيات التى اقتحمت فضول واهتمامات الشباب..ولم تكن تظهر قبل دخول الفيس بوك إلى مصر..منتشرا بسرعة الصاروخ..
تُرى ما هو دور وجهود العلماء والخبراء لمواجهة قضايا شبابية بعضها قادم من الخارج والبعض أفرزته تداعيات الثقافة الجديدة للشباب والتى امتد تأثيرها إلى اختيار شريك الحياة عبر الانترنت .. وماذا عن التأثيرات السلبية التى ظهرت دلالاتها على السطح وأسفرت عن فجوات بين الأجيال؟؟
د.وليد رشاد أستاذ الاجتماع والمشرف على برنامج بحوث الشباب –فى ثوب جديد–يؤكد أن البرنامج يمثل قاعدة مهمة لرصد الظواهر الشبابية وإجراء الدراسات العلمية وصولا إلى حلول إيجابية تنير الطريق وتزيل العقبات..
> سؤال البداية عن مسيرة برنامج بحوث الشباب إلى التطوير ؟
>> بدأ البرنامج تحت إشراف أستاذى الراحل د.على ليلة منذ ما يزيد عن عشرين عاما وأول بحث قدمناه عن قضايا الشباب والمشاركة المجتمعية والعنف والشباب وفى فترة لاحقة ركزنا على هموم واهتمامات الشباب وقضاياهم لنخرج بموسوعة كبيرة عن أهم البحوث التى تتناول هذه القضايا كقاعدة بيانات مهمة وأحدث ما درسناه مع نهاية العام الماضى (الشباب والأمن الإنسانى فى قضايا عالم التكنولوجيا ) بإشراف عام لدكتورة هالة رمضان مديرة المركز وأستاذ الاجتماع الكبير د.أحمد مجدى حجازى وقدمنا مفهوما شاملا للأمن الإنسانى بالتركيز على الأمن المجتمعي/ النفسي/البيئي/ الصحي/ قيم العيش المشترك وأيضا الأمن السيبرانى (فى عالم الانترنت)
>ماذا عن برنامج الشباب الآن ..الخطة والطموح ؟
>>لدينا تحول فى مسار قضايا الشباب يستحق الرصد وعقدنا الشهر الماضى اجتماعا موسعا مع الخبراء من مختلف التخصصات والجهات :الأزهر والكنيسة ورجال الفكر والإعلام وأساتذة الجامعات والتنفيذيين وخبراء التحول الرقمى وطرحنا على الطاولة مقترحات لعمل أجندة بحثية بقضايا الشباب تعتمد على مسارين :
الأول : الاستفادة من قاعدة المعلومات التى كونها المركز عبر أبحاثه السابقة
والثانى :الاستعانة بآراء رجال الفكر لنستقر على إجراء مسح دورى كل عامين لقضايا الشباب..نعنى بقضايا محددة نعيد دراستها لرصد التحول فى فكر الشباب تجاه هذه القضايا مؤمنين أن التطور فى فكر الشباب أصبح سريعا والفجوات الجيلية تتزايد لذلك نحاول التعرف على الثابت والمتغير فى فكر الشباب
كما نقدم كل 3 شهور كراسات الشباب التى تستخدم أسلوبا كيفيا فى التعامل معهم وتدرس ثقافة الشباب فى النوادي– المولات – العشوائيات– الساحل الريف وكل 3 شهور قضية جديدة ضمن هذه الفئات الشبابية المتنوعة تتشابه فى المرحلة العمرية لكن تختلف فى
النواحى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأسلوب المعيشة والحياة.
>ماذا غيرت السوشيال ميديا من قضايا الشباب ؟
>>السوشيال ميديا أسلوب حياة والشباب يستقبل مخرجاتها كالأسفنجة : يمتص كل جديد ويتفاعل معه والأمر لم يعد مجرد وجود المواقع فى حياته إنما تطورها المتلاحق ..فظهر الآن عالم «الميتافيرس» والذكاء الاصطناعى ..وانتشرت الصفحات والمجموعات التى تلمس كل القضايا بل أظهرت أحدث الأبحاث عن (التعارف والاختيار الزواجى عبر الانترنت) أن الشباب اعتمد صفحات التعارف والخاطبة الالكترونية لتكوين الأسرة (وقابلنا بالفعل 80 حالة تزوجوا عبر الانترنت )
وبالتالى لم يعد الفيس بوك وغيره مجرد مصدر للتعرف على الأخبار أو وسيلة لتمضية الوقت والترفيه بل حدث تحول أسرى (تكوين أسر) واقتصادى للترويج لأعمالهم وأصبحت الشباب جزءا مما نسميه مجتمع المنصة .
>ما المقصود بمجتمع المنصة ؟
>> هى مجتمعات مرتبطة بالتكنولوجيا ..المنصات بالنسبة للشباب مجتمع كامل :اجتماعى اقتصادى تقنى فى قلب الحياة ..تقدم المنصات تمكينا جديدا يمكن أن نصفه بالتمكين الغامض أو المنفلت كما طرحنا فى أحدث أبحاثنا مثلا عن أغانى المهرجات والراب إذ كشفت العينة عن أن أهم أسباب انتشارهذه الأغانى (53.7 ٪ زيادة وسائل التواصل الاجتماعى ). ومجتمع المنصات غير محايد ..هناك سياسات عامة لهذه المواقع تمنح الفرصة للبعض للتعبير و تحجبه عن آخرين وهو أيضا مجتمع استهلاكى ، من مزاياه أنه مجتمع إبداعى ويظهر ذلك فى ارتباطه بثقافة الصورة التى تجاوزت الصورة الفوتوغرافية إلى الفيديو السريع ..باختصار هو مجتمع يؤمن أن التغيير هو الثابت الوحيد وبالتالى أفرز ثقافة التريند مما جعل بعض الشباب يتجه للتقليد ويتخذ من البلوجرز القدوة الزائفة . فتحول مفهوم المثقف إلى الناشط ثم حاليا المؤثرين الجدد.
> ماذا عن البعد الجنائى للتكنولوجيا و الجرائم الالكترونية بأشكالها من تنمر وتحرش وصولا لتجارة البشر !
>> قمنا بدراسات كثيرة عن الجرائم الالكترونية والبعد الاجتماعى والنفسى والقانونى وأخطر ما يجب الانتباه له حاليا جرائم dark web حيث التعامل مع فضاء مجهول لا تعرف من يدخل فيه ومن أى دولة، ومجتمع مظلم تحدث فيه جرائم القتل والمخدرات وتجارة الأعضاء كما صعقنا من جريمة قتل طفل شبرا الخيمة وأعتقد أننا بحاجة إلى خطاب دينى عصرى يتوجه للشباب مباشرة حول قضاياهم وبلغة قريبة منهم..يحدثهم عن الاستخدام الرشيد للتيكتوك والذكاء الاصطناعى وغيرها.
> عندما نتحدث عن قضايا الشباب لا يمكننا تجاهل البطالة ..فهل تختلف دراستها الآن عن الأبحاث السابقة؟
>> هناك متغيرات جديدة إذا درسنا البطالة الآن مثل ريادة الاعمال والابتكار والبرمجة فهناك شباب نجح فى ابتكار وظائف إبداعية والاتجاه للاقتصاد الرقمى وأؤكد أنه رغم الضغوط التى يعانى منها الشباب إلا أن هناك فرصا أمامهم تفتح مجالات للعمل أكثر من أى وقت مضى ..فهناك تحول فى ثقافة العمل والاتجاه نحو العمل الحر الذى تغير شكله عن سنين مضت فمثلا هناك من يؤسس صفحة أو يعلن عن حرفة..أو يقتح متجرا أونلاين وهكذا ..
كل المطلوب أن يكون لديك مهارة أو حرفة والتسويق أو الترويج أصبح أسهل عن ذى قبل ولا شك أن المدن الذكية تقدم فرصا للعمل مما يتطلب إعدادا ذهنيا وتفنيا ومعرفيا .
> مع اقتراب الزائر السنوى «امتحانات الثانوية العامة « هل مازال الكابوس قائما وهل اختلفت النظرة الاجتماعية للتعليم ؟؟
>> أعتقد أن الثانوية العامة مازالت أمل الشرائح المتوسطة لدخول الجامعات لكن الأمر مختلف لدى فئة القادرين الذى قلت رهبة الثانوية بالنسبة لهم فى ظل توسع الجامعات الخاصة و الدولية والنظم البديلة مثل الدبلومة الامريكية
وشكل التعليم تغير والتخصصات تشعبت فأصبحت الأولوية لمجالات جديد مثل اللوجستيات والذكاء الاصطناعى والحاسبات والبرمجيات وحتى فى الفنون والاداب ظهرت برامج لنظم المعلومات والتنمية الاجتماعية وتعلم اللغات الجديدة ..
وقلت الضغوط من قبل الأهل فى ظل اتساع الجامعات وكثرة التخصصات وتعدد الاختيارات فتضاءلت مساحة الخلافات وأرى أن كثيرا من الأسر أصبح لديها قناعة بأن يختار الأبناء طريقهم فلم الاختلاف كبير بين رغبات الأهل والأبناء.