نقيم مسارح للعرائس بساحات المساجد الخارجية لتنمية المواهب الفنية فى مواجهة التطرف
نساعد الصغار على تقديم منتج ثقافى مدعوم بالقيم الإيجابية
الطفل هو البداية التى من خلالها ترتقى الدول وتحقق أهدافها، وجاء اهتمام الإسلام بالطفل حتى قبل مولده، واهتمت الأمم المتحضرة بالطفل باعتباره أمل المستقبل وحامل راية التنمية والحضارة.. ولذا كان اهتمام وزارة الأوقاف بالطفل فحرصت من خلال مشروعها الفكرى الشامل على إقامة كتاتيب فى المساجد يعمل بها مُحَّفِظُوَنَ متمكنون فى حفظ كتاب الله تعالي، وعلوم الثقافة الدينية والعامة، بما يساعد فى تنشئة الطفل علميا وتربويا.. د. هدى حميد مسئول ملف الطفل بوزارة الأوقاف أكدت فى حوارها لـ «الجمهورية» أن البرنامج التثقيفى الصيفى يلقى إقبالا كثيفا من الأطفال، وأولياء الأمور، حيث يأتى ضمن تكامل المؤسسة الدينية فى سبيل تحقيق الأمن الفكرى ضد تيارات التشدد والانحراف.
> كيف جاءت فكرة التثقيف الصيفي؟
>> من يتابع المشروع الفكرى فى ربط الناس بالمسجد يعرف أنه بدأ بالسيطرة على المساجد بحيث لا يخطب فيها إلا عالم من الأوقاف يمتلك ثقافة دينية بعيدة عن منهجية تيارات معينة، فلا يرتقى المنبر إلا إمام يتبع وزارة الأوقاف، قد مَرَّ بدورات تدريبية متنوعة أسهمت فى تطوير قدراته للتعامل مع المستجدات، وجاءت الخطوة التالية وهى الاستعانة بالمرأة فى العمل الدعوى بعدما ثبت أن التيارات المتطرفة كانت تستغل النساء فى تجنيد الفكر الأنثوى بالمساجد والمنازل، وحتى تكتمل استراتيجية إبعاد التطرف عن المنابر والمنازل قامت الوزارة بانتقاء واعظات يملكن القدرة على تثقيف السيدات فى دروس علمية بالمساجد ومقارئ التلاوة، والسوشيال ميديا، ثم كان البرنامج الصيفى لتثقيف الطفل الضلع الثالث فى مثلث بناء الوعى المجتمعي.
> هل معنى هذا أن الأوقاف بدأت العناية بالطفل بعد أن كان تركيزها على الكبار؟
>> للعلم الاهتمام بالطفل فى الأوقاف قديم، فالوزارة كانت تُصدر ملحقاً تابعاً لمجلة منبر الإسلام بعنوان «الفردوس» خاص بالأطفال، وتم تطوير الملحق حتى صار مجلة مستقلة، وقد شمل التطوير الشكل والمضمون، ولأن الطفل من اهتمامات الأوقاف، جاء مشروع التثقيف الصيفى للطفل، لربط الطفل بالمسجد الذى يذهب إليه، ويلتقى فيه بمن يتحاور معه ويسأله ويستمع إليه، ويشيد تفكيره، ويشجعه ويمنحه جائزة، وقد فوجئنا بالإقبال على الفكرة من أطفال وأمهات ومهتمين بقضية الطفل.
> نريد تحديد طبيعة برنامج التثقيف الصيفي؟
<< طبيعة البرنامج تبسيط المعلومة للطفل وتقديمها بطريقة جذابة من خلال حوار ومسابقات وجوائز وفقرات ترفيهية، بحيث يرتبط الطفل بالفكرة ويحبها ويتغير خُلُقيا وأدبيا وتثقيفيا، كما نهدف إلى توصيل المعلومات الصحيحة لمواجهة ما قد يتلقاه على وسائل التواصل الاجتماعى من معلومات مُشَوهة، باختصار نُعَلِّمَه عدم قبول أى معلومة دون التأكد من صحتها، من خلال كثرة النقاش وتعويده على التفكير فيما يستمع أو يقرأ.
> ما الجهات التى تشارك الأوقاف فى برنامج التثقيف الصيفي؟
>> برنامج رؤية لمن لا يعرف هدفه تقديم كتب الأوقاف الفكرية بلغة بسيطة ومختصرة وفى كتيبات صغيرة، وتشاركنا فى ذلك وزارة الثقافة، وهذه الكُتب صالحة لكل الأعمار والثقافات بسبب بساطتها ولغتها القريبة من الناسص، وقد تم طباعة أعداد ضخمة من هذه الكتب بسبب الإقبال الكبير عليها، أما البرنامج الصيفى لتثقيف الطفل فيشاركنا فيه عدة مؤسسات منها «صالون محبة الوطن» التابع للمركز القومى للطفل، وهذا الصالون يقام بشكل أسبوعى بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب، وأقيم سنوات متتالية خلال شهر رمضان، وشارك فيه واعظة وإمام، وكاتب وفنان، كما نشارك بمعرض القاهرة الدولى للكتاب بجناح الأطفال إضافة للمشاركة بمعرض فيصل للكتاب، حيث تقيم الوزارة خلال هذه المعارض مجموعة أنشطة تثقيفية وفنية ومسابقات يشارك فيها الأطفال، وعدد كبير من كُتَّاب الأطفال والمبدعين، وخلال هذه الفعاليات يتم توزيع أعداد من مجلة الفردوس وكتب سلسلة رؤية للنشء.
> بعد ثلاث سنوات من البرنامج التثقيفى للطفل ألا تفكرون فى تطويره؟
>> البرنامج يتم تطويره منذ بدأ، فكما يتم التوسع فيه، فإنه يتم تطويره، وللعلم فإن أفكار الأطفال وما يقترحونه تمثل محورا من تطوير البرنامج، حيث نأخذ بها، وإن كنا ندخل عليها تعديلات، لأن الطفل لا يأتى ليَسْمَع فقط، وإنما لنَستمع إليه، فنحن نتعلم منه، كما يتعلم مِنَّاَ، نتعلم منه كيف نتعامل معه، كما نتعلم إلى أى مدى وصلت ثقافة الطفل فى مرحلته العمرية، وعلى ذلك نضع خطط برامجنا، وقد بدأنا البرنامج بدرس من إمام المسجد، وإحدى الواعظات وكاتب أو كاتبة من المتخصصين فى كتابات الأطفال، ثم أضفنا مسرح للعرائس يقام فى المسجد، ويقدم القصص التربوية التى تفيد الطفل، وتعلِّمه بشكل بعيد عن التلقين والوعظ، وقد لاقى ذلك ردود فعل طيبة لدى الأطفال، كما أضفنا رحلات ترفيهية للنابهين ضمن الجوائز وهو أمر يشجع الاطفال على المنافسة والتركيز وانتظار يوم الجمعة والذهاب مبكرا للصلاة للمشاركة.
> بما تفسرين الإقبال على هذا البرنامج؟
>> الإقبال على البرنامج يعنى أن الأطفال متعطشين إلى المعلومة الدينية ويبحثون عنها، خاصة إذا جاءتهم بطريقة جاذبة وبتشجيع، كما يعنى أن أولياء الأمور وجدوا مصدر ثقة يُرسلون إليه أولادهم دون قلق عليهم، فلن يعود إليهم الطفل يصفهم بالكفر، كما كان يحدث فى الماضي، ولن يعود إليهم أكثر عنفا، ولا حادا فى تعاملاته، وإنما يعود أكثر هدوءًا وأدبا وحبا لهم.
> قلتم إنكم قمتم بتطوير مجلة الفردوس على أسس علمية فكيف تم هذا التطوير؟
>> الحقيقة أنه تم وضع آلية التطوير بعد الوقوف على الوضع الحالى للمجلة، والذى تم رصده من خلال رسالة الدكتوراه الخاصة بى والتى كانت بعنوان «صحافة الأطفال الدينية ودورها فى تنمية الوعى الدينى للطفل» حيث كانت مجلة الفردوس ضمن عينة الدراسة، وقد تم رصد مجموعة أمور شملتها عملية التطوير، بسبب اعتمادها على شكل إخراجى واحد تقليدى لم يكن متغيرا وفق الأحداث، كذلك تم تطوير منهجية اعتمادها على خط رسم واحد دون تنوع فى الرسوم المستخدمة، وعدم تنوع موضوعات المجلة حيث كانت تعتمد على سيناريو واحد وعدد من المقالات، وعدد قليل من القصص السردية تتقارب فيما بينها فى شكل الرسوم المستخدمة، وكذلك استخدام كلمات معقدة يصعب على الطفل معرفة معناها، فقمنا بحصر تفضيلات القراءة عند الأطفال وعوامل الجذب التى تجذبهم للقراءة، وبدأنا وضع خطة التطوير عن طريق توظيف ما توصلنا إليه من نتائج لتلافى أوجه القصور وتقديم منتج ثقافى يتناسب مع التفضيلات القرائية عند الأطفال.
> وماذا عن سلسلة رؤية للنشء؟
>> مهما قدمنا من منتجات ثقافية مختلفة ومتنوعة للطفل، يظل الطفل دائما فى حاجة إلى المزيد، خاصة فى ظل تزايد ما يتعرض له الطفل من مخاطر عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، ولن نقول كل فترة ولكن كل ساعة وكل لحظة، لاسيما وأن الطفل دائم التعرض لهذه الوسائل، وقد اثبت تقرير اليونيسيف لعام 2017م أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 سنة هم الفئة العمرية الأكثر وصولا للإنترنت مقابل 48٪ بالنسبة لمجموع السكان وأن الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة هم ثلث مستخدمى الانترنت فى مختلف أنحاء العالم، وسلسلة رؤية للنشء جاءت فى إطار مشروع للتطور فى الخطاب الدينى بحيث يصل إلى كل الأعمار، ورؤية مقدمة للمرحلة العمرية من 12 سنة إلى 18 سنة، وهى المرحلة الأصعب فى خطابها على الإطلاق، ومن هنا كان التحدى الأكبر لكل فريق العمل الخاص بسلسلة رؤية للنشء هو كيفية تقديم منتج ثقافى بمحتوى وشكل إخراجى جاذب لهذه المرحلة لتحقيق الهدف المرجو من السلسلة وبناء وعى كامل مدعوم بالقيم الإيجابية المختلفة التى تخلق من الطفل مواطنًا واعيًا بدوره تجاه وطنه ومجتمعه، ويتم إصدار سلسلة رؤية بالتعاون بين الوزارة ممثلة فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووزارة الثقافة ممثلة فى الهيئة العامة المصرية للكتاب.
> هل هناك معايير محددة لاختيار ما يقدم لهذه المرحلة بل لاختيار الكتاب؟
>> الأساس الأول فى اختيار كافة موضوعات السلسلة أن يكون الموضوع مختلفا وجاذبا ومقدما بشكل نبتعد فيه عن أسلوب النصح المباشر أو الأسلوب السردى المباشر فى تقديم المعلومة، ولذلك اعتمدنا على المحتوى القصصى المقدم من خلال الصور فى عرض الكثير من الكتب وهو أحد اهم الفنون الجاذبة للكبار والصغار، أما الموضوعات المقالية فقد اعتمدنا فيها على الرسوم بشكل كبير، كما حرصنا على عرض عشرين كتابا من كتب الكبار الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والهيئة العامة للكتاب، واعتمدنا على إثارة شغف الطفل فى هذه المرحلة للاطلاع على كتب الكبار، كما اعتمدنا فى مجموعة أخرى بهدف تقديم محتوى علمى حقيقى أقرب للخيال يعمل على إثارة خيال الطفل أثناء القراءة، إلى جانب أننا بدأنا فى تحويل روايات من أشهر روايات الأدب العالمى بفن القص من خلال الصور لأول مرة، وبذلك نرى أن موضوعات السلسلة تم اختيارها بمنتهى العناية حتى تناسب هذه المرحلة العمرية الصعبة، وقد بدأنا مؤخرًا ترجمة عدد من إصدارتنا بالسلسلة الى ثلاث لغات مختلفة هى اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية نصل بها إلى أطفال الجاليات العربية فى الدول الأجنبية.
> على أى أساس تختارون الكاتب؟
>> منذ بدأنا حرص عدد كبير من كبار كتاب الأطفال فى مصر على المشاركة فى السلسلة بابداعاتهم ويرجع ذلك إلى أنهم أدركوا جدية وأهمية الرسالة، ويشترط فى الكاتب أن يكون صاحب سيرة ذاتية قوية فى مجال أدب الطفل وقبل كل ذلك تقديمه لرسالة جادة ومختلفة لهذه المرحلة.
> وماذا عن ذوى الهمم؟
>> ذوو الهمم أصحاب قدرات وإمكانات كبيرة بشرط توفير ما يساعدهم على استغلال قدراتهم وتدريبهم وتأهيلهم بما يجعلهم يبدعون ما يفيد وطنهم ويفيدون به أنفسهم ويشعرهم بقيمتهم، لذا قامت الوزارة بترجمة بعض إصداراتها إلى لغة «برايل» ليقرأها الأطفال من ذوى البصيرة إلى جانب الأصحاء فقامت بإصدار كتاب القفز فوق الصعاب والذى تقدم من خلاله أبرز الشخصيات التاريخية من متحدى الإعاقة والذين كان لهم دور بارز فى التاريخ وكانوا نماذج يحتذى بهم على مر العصور.