يعتبره المؤرخون الأب الروحى ومهندس الاعلام المصرى وجزءاً لا يتجزأ من ثورة يوليو.
بدأ حياته العملية بالقوات المسلحة قبل أن تتم ترقيته من مجلس قيادة الثورة إلى بكباشى ثم «قائم مقام» قبل نقله للعمل المدنى وكان متحدثا باسم الثورة فهو فى نظر رجال الفكر والأدب الرجل العسكرى الذى احترف السياسة والاعلام والاقتصاد وتاريخه شاهد على نجاحاته فى كل ما قام به من اعمال بذهن وطنى يرجع اليه الفضل فى انشاء وتطوير هيئة الاستعلامات ووزارة الاعلام التى تولى مسئوليته الثقافة والاعلام والسياحة 10 سنوات.. لقب بأنه الرجل العسكرى الحاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1939 لكنه يرتدى زيا مدنيا.. دراساته للاقتصاد السياسى فى لندن قبل الثورة عام 1947 وحصوله على ماجستير العلوم الاستراتيجية من كلية أركان الحرب وماجستير العلوم السياسية 1953 وبعدها دكتوراه من كلية حقوق القاهرة عام 1957 كانت أسلحته للنجاح فى مسيرته العملية التى حاز فيها على الريادة.. درس الابتدائى مع الرئيس عبدالناصر وعمل معه لفترة ليست قصيرة إلا ان دوره فى حرب 56 ونكسة يونيو وحرب الاستنزاف.. وفى حرب اكتوبر اعلاميا كان دوره علامة بارزة من النجاح الاستراتيجى والتعتيم الاعلامى المصرى فى معركته امام الاعلام الاسرائيلى ووراء هذا النجاح جهوده المبكرة فى انشاء التليفزيون وأكبر محطة اذاعية فى العالم «صوت العرب» واذاعة القرآن الكريم ودوره المميز فى انشاء أهم وكالة أنباء عربية فى الخمسينيات وكالة أنباء الشرق الأوسط.. فقد كان واحدا من المفكرين الكبار فى رسم الاستراتيجيات وهذا سجله فى رؤيته للحصول على الدكتوراة فى موضوع «الاعلام والدعاية.. قوة سياسية للاستقرار ونشر الأمن والسلام العالمى».
عاصر الأحداث الكبيرة فى مصر مع الثورة فى خطواتها الأولى وعاش معها طوال أكثر من 97 عاما قريبا من رئاسة الدولة ومشاركا فى قراراتها التاريخية انه عبدالقادر حاتم المولود فى 3 سبتمبر عام 1918 بعد نحو 9 أشهر من ميلاد الرئيس عبدالناصر ونفس عام ميلاد السادات وعاش فى حى العطارين بالاسكندرية التى شهدت ميلاده فقد عاصر تأسيس عدم الانحياز والوحدة مع سوريا وتأميم قناة السويس ووضع حجر اساس السد العالى وعاش النكسة وحرب الاستنزاف وقبلها حرب اليمن.
وفى الوقت الذى نجح فى تقديم الاعلام المصرى بصورة تجعله ينفذ إلى العالم الخارجى كان هذا النجاح ملحوظا فى حرب 56 والعدوان الثلاثى ونجح فى ادارة الحملة الاعلامية لمصر أمام اعلام الدول الثلاثة المعتدية وذلك بالاعترافات التى سجلتها بريطانيا بشهادة رئيس الوزراء ايون عندما قال اثناء الانسحاب من سيناء ان الدعاية المصرية «هزمته» وقال جى موليه رئيس وزراء فرنسا ان الاعلام المصرى ومدير الحملة الاعلامية يقصد د.حاتم نفد إلى الشعب الفرنسى والرأى العام العالمى مما اضطرنا للانسحاب.
وفى حرب 1973 كانت هناك معركة عسكرية على جبهات القنال ومعركة اعلامية يقودها د. حاتم مع العالم بإذاعاته وصحفه وشاشاته التليفزيونية فقد تجرع موشى ديان المغرور وجولدامائير رئيسة الوزراء المتغطرسة «طعم» خداع الدكتور حاتم فى المعركة وكان وقتها يشعل منصب رئيس الوزراء بالنيابة للرئيس السادات ويتولى الاعلام وقبل المعركة وفى الوقت الذى ظن كسينجر وزير خارجية أمريكا فى كلامه مع د. الزيات وزير الخارجية «ان الأقوى يفرض شروطه» وبعد أيام تغير كلامه وقال مع انطلاق الحرب «حقا كانت المفاجأة معجزة» ولم تحدث وكان أسعد أيامه يوم 5 أكتوبر يوم المقابلة لأن كلام كسينجر كان يعنى اننا لن نحارب..
هنا تحدث العالم كله عن الدكتور حاتم وإدارة المعركة الاعلامية والخداع الاستراتيجى وقد أشار كتاب الجنرالات الاسرائيليين «التقصير» إلى معركة حاتم الاعلامية وكيف خدعهم الاعلام المصرى ومهندسه حاتم.. وسيذكر التاريخ كيف سرب «حاتم» اول شريط عن حرب اكتوبر فى مؤتمر صحفى عقد فى أوروبا وقت ان كان المجال الجوى مغلقا وطار حاملا الشريط إلى مطار أوروبى ليعلن للعالم صورا حقيقية عن الانتصار وان الحرب على ارض سيناء الأمر الذى ابكى جولدامائير وديان.
اعترافات إسرائيل
ونجح حاتم فى أن تصل رسالة الخداع إلى قيادات العدو ويعترف «ايلى زاعيرا» رئيس الاستخبارات الاسرائيلية أثناء محاكمته والتى أشار لها كتاب «التقصير» بأن الخداع الاعلامى المصرى ضلل القيادة الاسرائيلية وهذا النجاح والكلام لـ «ايلى زاعيرا» يعود للسادات وشخص آخر إلى جواره لم يحدده.. لكن عاد وقال هذا الشخص هو «حاتم» وكان وقت المحاكمة قد تولى حاتم 1974 المجالس القومية المتخصصة التى استمر بها 22 عاما قبل أن يسلمها للدكتور عاطف صدقى.
ومن المفارقات ان د. حاتم وسط المعركة يكلفه السادات يوم 10 أكتوبر بأن يرسم استراتيجية متكاملة للعمل حتى عام 2000 وإنشاء المجالس القومية المتخصصة.. فعلا نقل الاعلام المصرى فكان عبورا اعلاميا تزامن مع عبور جنودنا قناة السويس فى ملحمة النصر على أرض البطولات سيناء والتى لا تزال مدارس الاعلام العالمية تضع خطة حاتم فى حرب أكتوبر والاستنزاف معيارا للخطط الاعلامية الاستراتيجية وخطط الخداع الاعلامى يذكر التاريخ كيف قاد حاتم العمل الاعلامى أثناء العدوان الثلاثى وعندما ضربت الاذاعة المصرية اذاع خطاب جمال عبدالناصر من اذاعة «سرية» بالمقطم ليسمعه العالم.. متهمه بعض خصومه بأنه صاحب مذبحة الاعلام لحرب اكتوبر فكان لابد كما تم تجديد الجيش المصرى ان يكون الاعلام المصرى بلغة جديدة و«خادعة» امام عدو يمتلك الكثير من محطات التلفزة فى العالم والصحف.. وفى وقت كنا قد خسرنا معركة وامريكا يدير سياستها وزير يعتقد كما قال لمحمد حسن الزيات وزير خارجيتها المهزوم لا يفرض شروطا .
كان حاتم مدرسة اعلامية مستقلة ووزير سياحة وثقافة واعلام ونجح فيها فهو الذى أنقذ وساهم فى إنقاذ معابد ابوسمبل وأيضا أكد ومعه انشئت اذاعة القرآن الكريم وقبلها الإذاعات السرية التى اسقطت حكومات فرنسا بشهادة شارلى ديجول وحكومة بريطانيا العظمى فى عهد تشرشل بعد حرب السويس 1956.
اعلام أكتوبر
ينظر المراقبون فى السياسة والاعلام خاصة الاعلام العسكرى بالتقدير والاحترام لحظة اعلام حرب أكتوبر وهى الخطة التى أبهرت العالم ولم يكن غريبا عليه أن يتحدث العالم عن تجربته الاعلامية و حمل لقب «ابو الاعلام المصرى» باقتدار وعاش تجاربه مع حرب 1956 عندما كان قريبا من عبدالناصر وتجربة نكسة 5 يونيو 67 وفترة اعلام حرب الاستنزاف حتى وفاة عبدالناصر وبعد مايو 71 عاش تجربة مهمة وهى حرب اكتوبر وكان قريبا من السادات الذى كان مؤمنا بأهمية دور الاعلام فى المعرفة والتبصير والتنوير .
المسرح والتليفزيون
عمل لفترة رئيسا لمجلس ادارة الأهرام وقدم مع الاعلام المكتوب تجربة مهمة بعد الحرب مع تجربتين فى النهوض بالمسرح وانشاء فرق التليفزيون.
نجح حاتم فى قيادة الاعلام المصرى فى 1956 ونجح فى هزيمة الاعلام البريطانى والفرنسى ومعه الاسرائيلى وأصدر مجموعة الكتب التى كشفت اسرائيل امام أعين العالم العربى والعالم وقد كانت تملك الحركة الصهيونية فى هذه الفترة أكثر من 500 جريدة ومجلة وتسيطر على محطات كثيرة للإذاعة والتليفزيون وكانت فرنسا فى مواجهة المقاومة الجزائرية التى تساندها مصر واعلامها وفى 56 حافظ على قوة الجبهة الداخلية وفى حرب السويس نجح الاعلام المصرى فى اعلان نداءه بالانسحاب التى تعد نموذجا فى العلوم العسكرية اشبه بعملية «دنكرك» فى الحرب العالمية الثانية..
علاقته مع عبدالناصر
وللنشأة فى الاسكندرية جزء كبير من قربه من عبدالناصر فقد كان منزله لا يبعد سوى 500 متر عن منزل عبدالناصر وتزاملا فى مدرسة العطارين الابتدائية وكان عمرهما ما بين 12 و13 عاما وكان عبدالناصر يذاكر معه فى منزله فى الصفين الرابع والخامس الابتدائى ومعهما ابن عمه الذى شغل حكمدار الاسكندرية ومعهم د. عبدالعزيز كامل الذى أصبح فيما بعد وزيرا للأوقاف وجميعا شباب متحمس ضد الاستعمار ويخرجون فى المظاهرات ضد الانجليز.. وكان عبدالناصر بحسب كلام حاتم لمجلة نصف الدنيا قبل وفاته يقبض عليه فى المظاهرات نظرا لطول جسمه وكنا نستطيع الهروب بسهولة وفى إحدى المظاهرات التى هتفوا خلالها ضد اسماعيل صدقى وذهبوا لحضور محاكمة المتظاهرين التى دافع عن الطلبة مكرم باشا عبيد وحاول مدير النيابة تكذيب مكرم عبيد وفجأة خلع روب المحاماة الاسود ووضعه أمامه وقال «يا حضرات المستشارين اذا قلت الصدق كذبونى انهم يريدون منى أن أقول الكذب» وإذا بجمهور الحضور يهنف بسقوط صدقى وراء مكرم عبيد الذى قال «فليحيا كذبى وليسقط صدقى» ولم تقف علاقته بناصر على المدرسة والتظاهر بل كان مع مشاركته فى السياسة بدحوله حزب مصر الفتاة وشاركه معه فى الحزب من اجل مشروع القرش وتغيير «الطربوش» وفى الثانوية انفصل حاتم عن عبدالناصر وذهب إلى المدرسة العباسية الثانوية.
التحق حاتم بالكلية الحربية بعد وفاة والده تاجر الغلال بالاسكندرية وفتح باب القبول لأبناء الشعب بعد ان كانت مقصورة على أولاد الباشوات ودخلها عبدالناصر وفى العام الثانى دخلها حاتم وكان عبدالناصر قد تنقل إلى أكثر من مدينة ولكن مع دخوله الحربية وجده قد سبقه بدفعة والتحق بسلاح الطيران قبل أن ينتقل إلى سلاح الحدود وتكون خدمته فى واحة سيوة أثناء الحرب العالمية كقوة استكشافية عندما بدأ روميل يدخل مصر عن طريق ليبيا وخلالها تفرغ حاتم للقراءة.
وخلال الحرب العالمية ألف روايته الوحيدة «روميل فى سيوة» ومع دخول روميل إلى سيوة نقل حاتم إلى سيناء.
وبينما كان حاتم يعمل فى الجبل الأصفر كان معه شاويش اتصل به فى الفجر يبلغه ان زوجته – أى الشاويش – فى حالة ولادة وذهب إلى المستشفى وسمى الشاويش ابنه د. «حاتم» وعندما عاد وأثناء الطابور اصطدم بسيارته واصيب د. حاتم بكسر مضاعف والساقين ودخل الانعاش وحضر فريق أركان حرب ابن عطا الله باشا وكان يريد معاقبة الجندى لكن حاتم قال له «رقى» الشاويش إلى رتبة صول لأنه قبل الحادث كان قد طلب منه ذلك وان الارهاق الذى كان فيه وزوجته وظل حاتم فى المستشفى كان لا يتحرك وخاف ان يخرج من الجيش وأثناء دخوله المستشفى درس فى الاقتصاد السياسى وافادته ولم يخرج من الجيش ورشح حاتم لجمع المعلومات ووقتها وابلغ ناصر أنه نما إلى علمه ان احد الضباط بالقلم السياسى سمع ان الجيش به حركة الضباط فأخبر ناصر ولم يكن فى حركة الضباط ومع الثورة اختير مديرا لمكتب عبدالناصر وذكر ذلك فى سلسلة أحاديث للزميل سامح محروس مديرا لتحرير الجمهورية وعضو الهيئة الوطنية للصحافة الآن.
ومع الثورة حارب الانجليز بـ 12 محطة إذاعية سرية واستطاع استخدام احد محطات الـ 12 وكان يعرض هذه المحطة جمال عبدالناصر و3 من مساعدوه هم شريف كامل ابن احمد باشا كامل وشقيقته جيهان ومدير الاجبشيان جازيت محمود عمرو وكان بهذه المحطة ستوديو صغير من الصحراء تذيع خلاله الموسيقى التى يستهويها الانجليز وكانت تذيع روايات منها رواية حول زوجه فى لندن وزوجها فى القنال وأصبحت صديقة لضابط فى الحلف الأطلنطى وكانت الاذاعة مسموعة وأثرت ما تقدمه على الحالة النفسية لجنود الإنجليز وتحوّلت إلى اذاعة لأم كلثوم .
حجب الأخبار ينشر الشائعات
حاتم تميز اعلاميا برفع شعار «إذا حجبت الأخبار عن الناس.. لا تحزن إذا انتشر الشائعات والنكت» كان مؤمنا ان الاعلام علم وفن ومن واجب رجال الاعلام ان يكون على دراية كاملة بفنونه وأشار فى حديث مع الكاتب الراحل احمد بهجت فى الأهرام نشر فى 30 يوليو 71 ان استقراء المستقبل والتنبؤ بما سيكون مهم .
والدرس الذى تعلمه حاتم من الرئيس السادات فى حرب أكتوبر وقال له نريد أن نحارب ونحن نبتسم.. وفى الوقت الذى يدير فيه جنودنا ادق الأسلحة ليس هناك ما يمنع أن يقرأوا بيت من الشعر حتى لا يفتقدوا إلى الجمال.
ويحسب لحاتم انه مهندس الاعلام التكتيكى والاستراتيجى والفرق بين الدعاية البيضاء والسوداء ومواجهة الحرب النفسية .
وقد سأل د. يوسف السباعى السادات لماذا حاتم يتولى 3 وزارات فى وقت واحد وهى الاعلام والثقافة والسياحة فقال له اخذته ليس لأنه صديق بل لأنه كفء وصاحب رؤية وفكر واتعامل معه «كأسطى اعلام» واللافت انه فى عهد السادات كلف باعداد الدولة للحرب ونجاحه جعل رئيس الاستخبارات الاسرائيلية الموساد فى حرب 1973 «ايلى زاعيرا» يعترف ان حاتم نجح بخطته فى خداعنا .
ولد فى الاسكندرية فى 3 سبتمبر 1918 وتوفى عن 97 عاما فى 7/7/2015 وسط اسرة محافظة وغرس الأب فى أبنائه القيم الدينية وكان يعمل تاجرا للغلال وكان يعيش فى منطقة المندرة وفى رمضان كيان يحول المنزل إلى رواحة لقراءة القرآن يوميا وكان هذا الرجل الذى يملك مطاحن غلال ومن أكبر التجار فى مصر وكان والده يتعامل مع التجار الأجانب أيام الاحتلال وعندما توفى اكتشفوا ان عليه ديون لأجانب دونها فى كشف خاص وأعطاه لزوجته والدة الدكتور حاتم اضافة إلى ممتلكاته الخاصة وأوصاها اذا كانت الممتلكات غير كافية يقوم ابنى بسدادها وعندما جاء الدائنون اليه بعد الوفاة كان قد حصل على البكالوريا اجتماع مع الدائنين وخرجوا بقرار ان والده كان يتعامل معنا بـ «الكلمة» وليس عليه شىء .
شيك الأهرام
عندما تولى الأهرام وكان عبدالله عبدالبارى مسئولا عن الاعلانات وكان حاتم رئيسا للإدارة قدم له شيكا بـ 70 ألف جنيه وحاول يقنعه ان هذه حقوقه كرئيس لمجلس ادارة فرفض المبلغ وكرر نفس الرفض عندما انتهى عمله بعد 17 عاما فى المجالس القومية المتخصصة فهو الحاصل على قلادة الجمهورية مرتين من عبدالناصر والسادات.
فى لقاء تكريم حاتم فى عهد الرئيس الفرنسى شارل ديجول بعد حرب 56 لمنحه الدكتوراة الفخرية من جامعة مارسيليا قال ديجول هذا الرجل قاد الاعلام المصرى الذى هزمنا فى حرب السويس وصحح أخطاء وقعت فيها فرنسا وتبين لنا ان صداقة الشعوب أهم من اصلاحها وهى الحرب التى أنهت جى موليه رئيس وزراء فرنسا سياسيا.
تأبين عبدالناصر فى لندن
ومن المفارقات ان يدعى حاتم فى حفل لندن لتأبين عبدالناصر فى مجلس العموم البريطانى فى ذكرى الأربعين وقام خطيب المؤتمر بإلقاء كلمة قال فيها نحن نؤبن عبدالناصر لأنه لم يكن عدوا لنا بل عند بريطانيا حكومة وصحافة أعداء له وقام خطيب آخر وقال ان الوطنية فى كل العالم تفخر بأن عبدالناصر قمة وطنية كان يحافظ على بلاده واستقلالها أما حاتم فى نفس الحفل ارتبك حاتم وصمت واعتقد – الحضور – انه يقف دقيقة حداد لكن حاتم يقول: هذا موقف بريطانيا امام الد اعدائها وقلت: يا ليت روح ناصر تكون معنا فى القاعة لترى هذا الحدث.
نقل خطاب الأزهر من إذاعة المقطم
فى حرب السويس عام 1956 تم تهديد اذاعة صوت العرب وقت العدوان وكان مقرها فى الشريفين ضرب محطات الارسال فى أبو زعبل وابلغه عبدالناصر انه سيتحدث من الأزهر يوم الجمعة ووضع حاتم خطة لإذاعة بديلة وبالفعل القى عبدالناصر خطابه الشهير وسط المعركة من أزهرنا الشريف.. ونظرا لضعف اذاعة المقطم دارت ميكروفونات فى الشوارع من خلال اذاعات لاسلكية بيانات الحرب بصوت جلال معوض .
فكرة بناء التليفزيون
فى 10 يناير جاءت فكرة بناء مبنى التليفزيون ومحطات التقوية فى عموم مصر وكان مقترح أن يقام بالقرب من مجمع التحرير لكن تم اختيار الموقع الحالى على شاطئ النيل ليكون حرم ثقافى كما يقول حاتم فى حديث لمجلة الاذاعة والتليفزيون عدد رقم 3841 وبدلا من 5 سنوات المدة المقترحة تم البناء فى سبعة أشهر وبدأ الارسال فى عيد الثورة عام 1960 بتصميم التليفزيون الفرنسى الدائرى ومعه بناء الحجر توازن بعثات الكوادر الفنية إلى الخارج وهكذا انطلق حاتم بالتليفزيون الذى افتخر به ناصر واذا كان 13 يوليه 1960 اسعد ايام عبدالناصر فى تليفزيون مصر الذى افتخر به فإن 5 أكتوبر كان اسعد ايام السادات وهدا ما قاله وزير خارجية أمريكا كسينجر عندما زار مصر لأول مرة عام 1973 عندما تحدث عن كيف خدعتهم مصر والعالم وتخدع مخابراتنا بل وتخدع العالم بهذا التعتيم والخداع الاعلامى وهذا ما قاله وزير الحرب الاسرائيلى الأشهر موشى ديان عندما قال انه لم يعتقد شخصيا ان الحرب ستقع حقا.
حاتم وجولدامائير وجها لوجه
فى عام 1973 بعد الحرب أجرى التليفزيون الفرنسى حوارا مع جولدامائير رئيس وزراء اسرائيل وفجأة قال المذيع معى على الهاتف رئيس الوزراء بالإنابة د. حاتم وأى سؤال تريدين أن توجيه إليه؟ واقترحت فى الحديث عبقرية بلدها وقال لها لماذا لم تعرفون بحرب أكتوبر ولم تستطيع الرد عليه عندما ابلغها انكم خدعتم ولم تكن خطة حاتم الاعلامية أيام المعركة أيضاً بعد المعركة ومع انهاء الحرب.
رئيس مؤسسة الأهرام
كلفه السادات بإدارة الأهرام وفى نفس اليوم زاره الكاتب على أمين شقيق مصطفى أمين وقال له انه مسافر إلى لندن وانه زار شقيقه مصطفى فى السجن قبل يومين وطلب منه حاتم ان يلتقى معه على الغداء وتحدث معه السادات فقال له ان أمامه الآن على أمين ونصح بالسفر إلى لندن كى لا يتم القبض عليه ووقتها طلب منه السادات أن يستعين بعلى أمين كمدير للتحرير فى الأهرام وساعتها وافق على وشكر حاتم ولم يكن الأمر مرتبا كما يقول حاتم واشيع وقتها فقد كان وجوده مع حاتم صدفة تهنئة غير مرتبة ونجح حاتم فى معالجة أزمة الثقة بين المواطن والاعلام وأن يفهم المواطن حقيقة الثغرة فى الدفرسوار.. والحقيقة ان حاتم نجح فى علاقاته مع روساء مصر خاصة عبدالناصر والسادات لأنه كان يعمل لصالح الوطن بعيدا عن المشاكل.
إرسال قوة سوفيتية لمصر
بينما حرب أكتوبر تصل إلى النهاية فإذا يوم 24 أكتوبر 1973 يتم تسريب خبر مفاده ان السادات تلقى رسالة من بريجنيف بارسال قوة سوفيتية إلى مصر لفض الاشتباك وكان الخبر له اثره النفسى فى واشنطن وتل أبيب وكان هذا الخبر بمثابة أكبر أزمة واجهتها أمريكا بعد الأزمة الكوبية مع الاتحاد السوفيتى وبالفعل تم تنفيذ وقف اطلاق النار وقال كسينجر لجولدامائير سيدتى أنت تلعبين بمستقبل شعبك.
يكتب مقالًا باسم على أمين
يوما كتب على أمين مقال فى الأهرام «فكرة» وصعب نشره وبحث عنه لم يجده وموعد الطبع فى الوقت الحرج فكتبه بنفسه ووقعه باسم على أمين .
استحق عن جدارة لقب أبو الاعلام فقد كان وسط الاستعداد للحرب ومع التأكد من ان ساعة الصفر وشيكة طلب من وزير خارجية مصر محمد حسن الزيات أن يقابل وزير خارجية أمريكا وقام بالفعل و هذه المقابلة عبر فيها الزيات عن استيائه وكان موضوع المقابلة حث اسرائيل على الانسحاب من سيناء ورد كسينجر عليه بغطرسة ليس للدولة المهزومة أن يطلب شيئا وهى وصلت للسادات فى برقية وهى من أسعد البرقيات التى تلقاها أيضاً حاتم وفيها ان مخابراته ومخابرات العدو لا تعلم انه باقى على الحرب 24 ساعة وكان ذلك يوم 5 أكتوبر وبعدها اجتمع مع كبار مساعديه ووضعت خطة اعلام حرب أكتوبر.
الوفاة
فى عام 2010 كان حاتم فى رحلة علاجية إلى لندن للعلاج واتصل به أحد الصحفيين لإجراء حوار فقال ادعو لى أن أعود لمصر بخير.. هذا الرجل الذى أدار معاركنا الاعلامية فى 56 و67 و1973وأيام حرب الاستنزاف وافتتح فى عهده وزير التليفزيون ورأس المجالس القومية التى خططت لعاصمة إدارية جديدة ومدينة السادات وأكتوبر والعاشر من رمضان وألقى كلمته الأولى فى التليفزيون عام 60 من خلال كشك خشبى وتم اختياره ضمن 500 شخصية علمية كمفكر عالمى.. والذى أقنع عبدالناصر ان السياحة وطلب بورقيبه من ناصر أن ينقل له تجاربه وكذلك اسبانيا لطلب مشورته وبالفعل سافر واستقبله فرانكو وخطط للساحل الاسبانى فى منتجعا برادوس وجزر الكنارى فقد عاش آمال الثورة وانتصاراتها وانكساراتها فى دروس النعكسة كما عاش طموحاتها وانتصاراتها فى أكتوبر فهو صاحب الخداع الاستراتيجى ومستقبلها الاعلام فى حرب أكتوبر وما بعدها له 40 كتابا فى السياسة والاعلام والعلوم العسكرية والدين والثقافة والسياحة وترجم 20 منها إلى الانجليزية وحمل ألقاب مهندس وشيخ وابو الاعلاميين وعاش احداث مصر الأخيرة خاصة ثورة 30 يونيو وفى السابع من يوليو عام 2015 صدم شعب مصر بالنعى الذى نشر بوفاة الدكتور عبدالقادر حاتم ساهم بدوره فى بناء مصر الحديثة وقد ودعت مصر ابو الاعلام المصرى وتقدم الجنازة المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الأسبق فى جنازة رسمية وشعبية من مسجد المشير فى الجميع عن عمر يناهز 97 عاما بعد رحلة طويلة.. وسيظل اسمه فى الاعلام أيقونة مصرية ووطنيا مخلصا عمل قرابة القرن فى خدمة الوطن.