حصلنا على موافقة البرلمان بتخفيف الحكم القضائى على القاتل إذا حدثت «مصالحة»
المراهنات لا تقل خطرًا عن التطرف لأنها تخرب البيوت وتزج بالشباب فى السجون.. ونعمل على حصار هذه الظاهرة
تمتلك مصر قوة ناعمة لا يشاركها فيها أحد، وعلى رأس تلك القوة يقف الأزهر الشريف بتاريخه وحاضره ومستقبله الذى ينمو ويزدهر مع إشراقة كل شمس، يبسط يده للعالم بالوسطية والاعتدال، وينشر بين الناس مبادئ التعايش السلمى والتعاون فيما يفيد البشرية.. ومن أبرز أدوات الأزهر فى تحقيق رسالته المنظمة العالمية لخريجى الأزهر.. المؤسسة التى يرأس مجلس إدارتها العالم الأزهرى د.عباس شومان حيث تؤدى المنظمة دورها فى توثيق الصلة بين أبناء الأزهر الذين تخرجوا وبين المؤسسة الأم، وتعتبر المنظمة مرجعية لأبناء الأزهر تشاركهم القضايا وتمدهم بما يحتاجونه من العلوم والمعارف والدورات التدريبية المستمرة طوال العام.. كما تملك المنظمة مشروعات فكرية تسهم فى محاربة التطرف والانحراف الفكري.. إضافة إلى العديد من القضايا التى تم تناولها فى حوار «الجمهورية» مع د.شومان.
>> بداية.. ما مشروعكم لتنمية تلك العلاقة من خلال قيادتكم إحدى أدوات قوة مصر الناعمة وهى المنظمة العالمية لخريجى الأزهر؟
> المنظمة العالمية لخريجى الأزهر تهدف لتوثيق صلة خريجى الأزهر من المصرين والوافدين بمؤسسة الأزهر بعد تخرجهم، حتى يمكن دعمهم بما يحتاجونه فى المجال العلمى والدينى لضمان استمرارهم على منهج الأزهر، وعدم تخطفهم من تيارات أخرى نتيجة ابتعادهم عن الأزهر، وهذا ما نعمل عليه من خلال تقوية فروع المنظمة بالمحافظات وفى الدول التى توجد بها فروع المنظمة، ومراجعة الفروع الخارجية وتقييم الإداء والفاعلية لها، وتفعيل الفروع ضعيفة الأداء،كما نعمل فى المنظمة على استكمال فروع المنظمة فى الخارج بالدول التى لا يوجد بها فروع وتكثيف برامج تعليم اللغة والعربية ودراسة مناهج الأزهر عن بُعْد، ووضع برامج بالتنسيق مع جامعة الأزهر ومركز تطوير دراسة الوافدين بالأزهر، والأكاديمية العالمية للتدريب بالأزهر الشريف.
>> هل الاشتراك بعضوية الأفرع الداخلية للمنظمة قاصر على خريجى الأزهر؟
> فروع الداخل يمكن الانضمام إليها من كل مصرى وليس شرطا أن يكون أزهريا طالما أنه مؤمن بمنهج الأزهر، كما أن هدف تلك الأفرع الداخلية أن تكون بمثابة رباط وثيق بين خريجى الأزهر والمجتمع من حولهم، بحيث يتفاعل الخريجون مع واقعهم من خلال مشاركات إيجابية تسهم فى دعم البناء المجتمعى ومجابهة التطرف والإرهاب الفكري.
>> بخصوص الإرهاب الفكرى هل تملك المنظمة مشروعا لمحاربة ذلك السرطان الفكري؟
>حماية الأفكار طريق حماية العقائد، فإذا تركنا الفكر البشرى لحملات الاستقطاب والاستحواذ التى تقوم بها تيارات وجماعات لها أجندات خاصة، وهدفنا عدم ترك العقل الإنسانى دون دروع واقية تحميه من السهام المتناثرة من كل حدب وصوب فى ظل سماوات مفتوحة بالإعلام وطغيان السوشيال ميديا التى أسهمت فى تغيير آلية الحروب ونقلتها من الجانب العسكرى التقليدى إلى جانب الاستهداف العقلي، مما استلزم على المنظمة بذل جهود مضنية لحماية شبابنا من تلك الممارسات الخبيثة، وأصبحت لغة الخطاب الفكرى متنوعة واستباقية، وهذه الفلسفة موجودة فى الفقه الإسلامى خاصة فى التنبؤ بالوقائع قبل حدوثها، ولذلك فإن المنظمة باعتبارها أحد أضلاع العمل الأزهرى تقوم بدورات متواصلة بهدف تثقيف وتوعية الطلاب والخريجين على أبرز حروب الجيل الخامس والسادس الهادفة لتحطيم الإنسان وهدم الأوطان بثمن بخس من خلال الكتائب الإلكترونية المعتمدة على الشائعات، ولدينا برامج متقدمة لعلاج مشكلات التطرف والإرهاب.
>> كيف تضمنون أن فروع المنظمة بالعالم تحرص على نشر ثقافة التعايش مع المخالفين؟
> بكل تأكيد فهذا ما يؤمن به الأزهر، ومن خلال هذه الفروع نقدم العديد من الفعاليات والمؤتمرات لترسيخ مبدأ التعايش فى ظل المواطنة الذي. يتبناه الإمام الأكبر بنفسه.
>> هل مناهج التعليم بالأزهر مازالت بحاجة إلى تطوير؟
> التطوير فى كافة المجالات فى غاية الأهمية، وهذا ما يعمل عليه الأزهر، لكن التطوير النافع هو الذى يكون بعد دراسة الواقع ورصد نقاط القوة وتعزيزها، ونقاط الضعف وعلاجها، وليس التغيير السريع غير المدروس، ولقد أقدمنا على عملية تطوير تشمل المبنى والمعنى ورغم قسوة التحديات والنتائج فى الأعوام الأولى لتطبيق التجربة لكننا بعد ذلك حققنا نتائج ملموسة وأصبح الأزهر به كوادر علمية قادرة على تمثيل مصر فى المحافل الدولية بصورة مشرفة.
>> شهدت السنوات الماضية طفرة مميزة فى هيئة كبار العلماء.. فما المشروعات الفكرية التى تقوم عليها الأمانة مستقبلا؟
> ما تحقق فى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ليس جهدا فرديا وإنما يشارك فيه مجموعة عمل من الباحثين بالأمانة العامة، وكان من أحدث منجزات الهيئة مخاطبة مجلس النواب أثناء مناقشته قانون الإجراءات الجنائية بناء على مقترح اللجنة العليا للمصالحات الثأرية التى أتولى رئاستها باستفادة المحكوم عليه فى قضايا القتل وخاصة أحكام الإعدام من المصالحات التى تتم بين العائلات أصحاب الدم،وهو ماوافقت عليه الهيئة ووافق عليه مجلس النواب، مع ملاحظة أن تخفيف عقوبة الإعدام حال التصالح لايعنى إسقاط العقوبة عن القاتل بل يبقى الحق للقضاء فى معاقبته بأى عقوبة يراها ولو كان الحبس المؤبد، وهو ما يعنى إقبال الناس على التصالح والقضاء على الثأر المنتشر فى الصعيد خاصة، ورغم أن التطبيق لم يبدأ بعد إلا أننا نستقبل يوميا فى اللجنة العليا للمصالحات الثأرية العديد من طلبات تصالح الخصوم، كما أن الهيئة استخدمت الفترة الماضية العديد من القرارات فى موضوعات تهم الناس فى مجال الأسرة بشكل خاص، وهى تواصل التصدى للقضايا التى تهم الناس لإصدار قرارات تناسب الزمان وأحوال الناس.
>> بالحديث عن الثأر هل يمكن أن تحقق لجنة المصالحات القضاء على نزيف الدم نتيجة العدوات العائلية؟
> هذا ما يعمل عليه الأزهر من خلال اللجنة العليا للمصالحات الثأرية وفروعها فى المحافظات، ونحقق نتائج طيبة، والتشريع الجديد الذى أقره مجلس النواب أتوقع أن يضيق دائرة الثأر، ولكن من المبكر أن نقول بقرب تحقق أمانينا برؤية محافظات مصر خالية من الثأر.
>> نعود لهيئة كبار علماء الازهر هل اختيار اعضائها يكون بالاختيار المباشر أم الانتخاب؟
> يكون بالتقديم ثم الانتخاب من أعضاء الهيئة ثم التصديق من السيد رئيس الجمهورية.
>> حرمان المرأة من الميراث مشكلة أصبحت متكررة.. هل نجد حلولا لتلك المشكلة؟
> هيئة كبار علماء الأزهر لها جهود كبيرة فى هذا المجال، ولكن المشكلة فى ثقافات الناس وليس فى الأحكام، والأزهر بكافة جهاته وخاصة مجمع البحوث الإسلامية يبذل جهودا كبيرة لتصحيح ثقافات الناس وإقناعهم بتنفيذ شرع الله وإعطاء كل وارث حقه.
>> ما تعليق فضيلتكم على تفشى ظاهرة المراهنات وألعاب القمار الالكترونية؟
> هذه من القضايا التى لاتقل خطورة عن قضايا التطرف والإرهاب، وهنا بيوت خربت وكثير من الشباب مهدد بالسجن نتيجة الديون المتراكمة عليه من هذه الألعاب التى هى من القمار الصريح، لذلك فإن هناك جهودا مبذولة من وعاظ مجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى الإلكترونية بالأزهر ومرصد الأزهر وهيئة كبار العلماء والمنظمة العلمية لخريجى لأزهر وقطاع المعاهد الأزهرية ودار الإفتاء وكافة الهيئات الدينية بهدف محاصرة تلك الظاهرة السلبية التى تنافس المخدرات وتتفوق على التطرف الفكري.
>> كيف شاهدتم مسلسل معاوية وهل تجسيد الصحابة يأخذ حرمة تجسيد الأنبياء.. وهل يعتبر التابعون فى نفس درجة التحريم من التجسيد؟
> لا أحب التعليق على الأعمال الفنية والدرامية، فالملاحظ أن القائمين على هذه الأعمال لا ينتفعون بالرأي، وكل الكلام يسهم بشكل غير مباشر فى شهرة الأعمال التى يتم تناولها بالنقد الإيجابى أو السلبي، والصحابة والتابعون يجب أن نتعامل معهم بالاحترام والتقدير الكامل، وقد لا ينتبه كثير من الناس أن أقوال وأفعال الصحابة التى علم بها الرسول ولم ينكر على فاعلها هى جزء من السُنة وتسمى بالسنة التقريرية، وهذا يعنى أن أقوال الصحابة وأفعالهم التى علم بها رسولنا- صلى الله عليه وسلم- جزء من السُنة، ومعلوم أن أى إضافة على السُنة من الكذب الذى بَشَرَّ صاحبه بتبوء مقعده من النار، والسؤال الذى يقال بشكل عام هل يمكن أن يقتصر العمل الفنى على الحقائق المجردة التى قالها أو فعلها الصاحبي؟ أما عن المسلسل فلم أره ولا أتابع بحمد الله أى عمل فى رمضان خاصة.
>> بالحديث عن الشأن الفلسطينى برأيكم هل سوف تتوقف إسرائيل عن ممارساتها العدوانية بعد انتهاء الهدنة؟
> علينا أن نعلم أن إسرائيل دولة معادية، وأنه لا عهد لقادتها، ولذا فمن واجبنا أن نكون على جاهزية تامة لمقاومة غدرهم، ولا أظنها جادة فى العيش الآمن مع الفلسطينيين، ونأمل ألا تجر تصرفاتهم إلى إشعال حروب فى المنطقة فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، والموقف المصرى مُشَرِّف لكل عربى وليس للمصريين فقط لأنه موقف حاسم.. وموقف مشرف يناسب مكانة مصر التاريخية وما تحملته بسبب القضية الفلسطينية وليت كل دولنا والإسلامية تتبنى هذا الموقف المشرف.