كشفت د.إلهام شاهين أمين مساعد شئون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية الآلية التى يتم على أساسها اختيار الواعظات التابعات للأزهر الشريف .. موضحة فى حوارها لـ«لجمهورية» أن نساء مصر بحاجة إلى مزيد من الواعظات فى إطار خطة الدولة تنقية المجتمع من الأفكار المتشددة التى زرعتها التيارات المنحرفة فى أذهان النساء عبر كتائبهم النسائية التى كانت تعمل وفق أيدلوجية تعديل المنهجية الفكرية لدى النساء حتى ينعكس ذلك على التربية لأبنائهن.. كما أبدت د.إلهام شاهين أمنيتها أن تلتحق المرأة بعضوية كبار علماء الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ضمن حرص فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر تمكين المرأة.
>ما هى آلية اختيار الواعظات؟
>> هناك فارق بين واعظات الأزهر والأوقاف، حيث تعمل واعظات الأزهر بالتعيين وفق درجات وظيفية ثابتة لها راتب منتظم مما يستلزم توفير تلك الدرجات الوظيفية عبر الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وهذا يجعل مطالب تعيين واعظات مرهونة بتوفير تلك الدرجات وتمويلها من وزارة المالية، وفلسفة الأزهر فى اختيار الواعظات لها مبررات مقبولة حتى يمكن السيطرة والمساءلة حين وقوع الخطأ، حيث يشترط الأزهر فيمن تتقدم لعمل الواعظات أن تكون خريجة كليات الدراسات الإسلامية والعربية أو التربية أو اللغات،ويتم مرورها بعدة اختبارات فى القرآن الكريم والمواد الشرعية، واختبار المهارات الدعوية، وتخضع لتدريبات تنمية مهارات دعوية وتكنولوجية لتواكب مستجدات العصر، ويبلغ عدد واعظات الأزهر حوالى ٢٠٣ واعظة موزعة على 26 محافظة حيث لا يوجد واعظات بمحافظة البحر الأحمر ،بينمنا توجد واعظة واحدة فى السويس، وواعظتان فى مرسى مطروح والوادى الجديد، وهذه اقل المحافظات فى عدد الواعظات ونتمنى زيادة الأعداد حتى تؤدى الرسالة على أكمل وجه، أما واعظات الأوقاف فلا يخضعن لعمل نظامى له لائحة عمل وراتب مالى فجميع واعظات الأوقاف يعملن بالتطوع ولا ننكر أن واعظات الأوقاف حققن نجاحات واقعية فى العمل الدعوى ميدانيا.
> ما هى أهمية الدعوة النسائية فى المجتمع ودور مجمع البحوث فى ذلك؟
>> الدعوة النسائية مهمة فى المجتمع فالمرأة لها أسئلة تتحرج أن تسألها الرجل وتحتاج إلى امرأة مثلها تثق بها علميا لتسألها وترجع إليها، وكذلك من الناحية الاجتماعية، فإذا وجدت مشاكل اجتماعية تعانى منها الأسرة تلجأ المرأة لمن تكون حريصة عليها وعلى أسرتها وتحفظ أسرارها، لذلك نحرص على تدريب الواعظة لتكون مؤهلة للحديث فى مختلف القضايا وإدراك الأخطار المحيطة بها فى المجتمع ، فعلى سبيل المثال قضايا العنف والإرهاب تحتاج الأم إلى واعظة تنصحها إذا كان أحد أبنائها يجنح إلى فكر متطرف لمساعدتها فى اكتشاف هذه المشكلة منذ بدايته
> ماهى آليات تعامل الواعظات مع قضايا الساحة؟
>> نضع خطة لتدريب الواعظات على مدار العام تشمل جوانب علمية متخصصة فى العقيدة، والفقه وأصوله، وإعداد المفتيات، ومنهجية للرد على الشبهات، ودورات نوعية على استخدام السوشيال ميديا، والمونتاج وفن كتابة المقال الصحفي، ودورات خاصة بالتعامل مع القضايا المعاصرة المطروحة على الساحة مثل قضايا العنف الأسري، وختان الإناث، وقضايا زواج الصغيرات، ويتم التدريب على تغطية تلك القضايا من الجوانب النفسية، والاجتماعية والطبية مما يُعطى الواعظة خلفية كاملة ليس فقط لإعطاء الحكم الشرعى فى القضية ولكن معرفة كل أبعاد المشكلة للإجابة عن الأسئلة من كافة النواحى ، وهناك دورة خاصة بمنهجية الرد على الشبهات تتناول كيفية الرد على أى شبهه تُعرض على الواعظة وتحديد نوعية السائل أو من يطرح الشبهة وخلفيته العلمية والفكرية وهل يمر بمشكلة نفسية أو اجتماعية ، فمثلاً الشخص المُلحد لا تكون لديه مشكلة فكرية بقدر ما يواجه مشاكل نفسية أو عاطفية أحيانا ولذلك لابد أن تكون الواعظة على دراية بأبعاد الشخصية وأنماط الشخصية الإنسانية لتستطيع التعامل معها لأن لكل إنسان مدخل
> هل هناك دورات تدريبية للداعيات فى مجال المسائل الفقهية المستحدثة؟
>> هناك دورة قضايا فقهية معاصرة ودورة إعداد مفتيات، وبعدها تم النزول إلى أرض الواقع فى لجان الفتوى وخاصة بالجامع الأزهر للتدرب عمليا على الإجابة عن أسئلة الجمهور مع المتخصصين وعمل تقرير أسبوعى شامل عن الواعظات باللجنة وتقديراتهن، ولدينا ثمانية واعظات أعضاء لجان فتوى على مستوى الجمهورية موجودين فى لجان الفتوى الرئيسة فى بعض المحافظات.
> ما هى أكثر الفئات تواصلا مع الواعظات وما مدى الإقبال على التعامل؟
>> فى آخر قوافل للواعظات عن الإصلاح الاجتماعى وتأهيل المقبلين على الزواج نزلنا إلى أرض الواقع وأنشأنا جروب للاستشارات الزوجية ومن خلاله بدأنا فى عمل لقاءات مع جمهور السيدات فى محاضرات للتوعية للفتيات المقبلات على الزواج فوجدنا اقبالا كثيرا من جميع الأعمار المتزوجين حديثا ومن الآباء والأمهات ممن لديهم أحفاد يريدون عقد دورات أخرى لهم لكيفية مواجهة المشاكل الأسرية والتعامل مع شريك العمر لأن هناك مشاكل كثيرة يمكن تجنبها إذا قمنا بالتعامل معها منذ البداية.
> هل تعتبر واعظات الأزهر قوة ناعمة فى مواجهة المفاهيم المغلوطة؟
>> المرأة قوة ناعمة فعليا فى تصحيح المفاهيم وإنقاذ المجتمع النسائى من المغالطات التى امتلأت بها أذهان المرأة فترة من الزمن على يد قنوات وبرامج الجماعات المتشددة التى كان يظهر بها أنصاف المتعلمين، لذلك فإن واعظات المجمع دخلن معركة شرسة مع الفكر المترسخ لدى النساء على يد تلك التيارات، واستطاعت الواعظات تحقيق انتصارات متواصلة فى تلك المعارك بفضل الدعم الفقهى والفكرى الوسطى المعتدل ضمن منظومة التعليم الأزهري، وهذا صميم عمل الواعظات تصحيح المفاهيم المغلوطة وزرع التدين الصحيح فى نفوس الأطفال وتعليم السيدات والفتيات مبادئ الدين الوسطى بعيدا عن الغلو والتطرف فى العبادات والمعاملات والعقيدة والأخلاق، ومعرفتها من منبعها الأصيل وفق منهجية الاعتدال والرحمة والعدل، حتى يصبح الإنسان متدينا ظاهرا وباطنا، جامعا بين الإيمان والاستقامة، وهذا ما تسعى الواعظات تعليمه جمهورها حتى نستطيع تصحيح الأفكار التى تتعرض لحالة تجريف عبر وسائل التواصل الاجتماعي
> هل يوجد تعارض بين واعظات البحوث الإسلامية وواعظات الأوقاف؟
>> الجهات الدعوية والدينية تتكامل ولا تتعارض، والعمل الميدانى للواعظات فى الأزهر والأوقاف يحتاج إلى مزيد من الواعظات، خاصة أن أعدادهن قليلة جدا مقارنة باحتياج المجتمع أعداد المساجد، لكن نسعى إلى تعويض النقص الميدانى من خلال الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم هذا فإن الواعظات يمارسن العمل الدعوى ميدانيا فى المساجد، والمدارس، والمعاهد، ودور الرعاية، والحضانات، والمستشفيات، والوحدات الصحية، والجمعيات الأهلية، والساحات الدواوين، وأماكن تجمع النساء والفتيات والأطفال، كما تقوم الواعظات بعمل ملتقيات فكرية بالمساجد الكبرى فى شهر رمضان على مستوى جميع المحافظات بالجمهورية
> كيف تتعامل الواعظات مع ذوى الهمم؟
>> حصلت الواعظات على دورة تدريبية فى مهارات التعامل مع ذوى الهمم، وتعلم لغة الإشارة مما جعل لديهن قدرة التعامل مع ذوى الهمم من فئات الإعاقة البصرية أو الحركية أو السمعية أو العقلية، وهناك دروس ثابتة أسبوعيا للصم بلغة الإشارة، منها ما هو مباشر بالجامع الأزهر، ومنها ما هو إلكتروني، ودروس أخرى بلجان الفتوى للرد على أسئلتهم، وتوصيل الإجابة للمستفتى بصورة صحيحة، كما تقوم الواعظات بمهمة نشر ثقافة لغة الإشارة والتعامل مع ذوى الهمم بين الجمهور، ولدينا مجموعات كبيرة من كل الفئات والأعمار تتعلم لغة الإشارة لتستطيع التعامل مع الصم والبكم ولا يشعروا بالوحدة ويندمجوا فى المجتمع
> هل طلبت دول إسلامية واعظات من الأزهر مبعوثات؟
لم يحدث هذا من قبل وإذا حدث فليس لدينا عدد كاف من الواعظات حتى نقوم بتصدير واعظات، فنحن لدينا عجز شديد فى عدد الواعظات
> هل فشلت الواعظات فى قضية تنظيم النسل للحد من الزيادة السكانية؟
>> آخر لقاء بالمجلس القومى للسكان كان هناك عرض عن أسباب عدم استخدام النساء لوسائل منع الحمل، ولم نجد من بينها أسباب دينية، وبالتالى تكون الواعظة نجحت فى توصيل المعلومة الدينية الصحيحة، وقامت بأداء مهمتها ويتبقى دور علماء الاجتماع والنفس والصحة فى تصحيح المفاهيم المغلوطة التى تتسبب فى عدم استخدام السيدات لوسائل تنظيم الأسرة، ولا يجب إلقاء التهمة على المؤسسة الدينية التى قامت بأداء رسالتها كاملة دون تقصير، ولكن الأمر يتطلب تضافر جهود المجتمع كاملة لمواجهة هذه المشكلة القومية للحفاظ على المجتمع من ناحية، ومقدراته الاقتصادية من ناحية أخري
> هل بالإمكان إنشاء منظمة عالمية للواعظات مقرها مصر؟
>> نأمل أن يكون هناك هيئة رسمية خاصة بالوعظ النسائى فى مصر ومنها ننطلق إلى العالمية، وهذه ليست بدعة ونأمل أن تكون لهم نقابة أو منظمة تجمعهم محليا عالميا.
> لماذا لا تضم هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية عناصر نسائية ضمن أعضائهما؟
>> لا يوجد إلى الآن عناصر نسائية ضمن أعضاء هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية، ونأمل أن نرى ذلك قريبا فى ظل وجود الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ودعمه للمرأة وعنايته بتمكينها وتقدمها وتبوئها أعلى المناصب داخل المؤسسة الدينية بالأزهر الشريف، وقد أثبتت وجودها سواء فى الوعظ أو التدريس والإدارة، وحتى فى المناصب القيادية، فمنهن مستشارة للإمام الأكبر، وتقلد بعض منهن عميدات كليات ورئيسات للإدارات المركزية وأمينات مساعدات للأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وبكل أمانة كلهن أثبتن وجودهن فى الأماكن اللاتى كُلِّفْن بها، وطالما وجد من العنصر النسائى الكفاءة فلا مانع.