فى الوقت الذى ننشغل فيه بتوقع ما ستقوم به إسرائيل ضد لبنان ومتابعة تطورات صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل والحديث عن اليوم التالى لحرب غزة تعكف مراكز الابحاث الامريكية وإلاسرائيلية على وضع تفاصيل اقامة دولة يهودية خالصة والقضاء على فكرة إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة فى اطار حل الدولتين واجهاض الزخم باعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية.
بعد الحروب دائما ما تعقد الصفقات والمعاهدات ويستحوذ المنتصر على بعض الاراضى ففى عام 1898 تنازلت اسبانيا عن برتوريكو فى نهاية الحرب الاسبانية الامريكية.. وفى عام 1899 تم تقسيم ساموا فى نهاية الحرب الاهلية بين القوات الالمانية والأمريكية والتى تعرف الآن باسم ساموا الأمريكية.. وفى عام 1917 اشترت امريكا جزرفيرجين من الدنمارك خشية الغزو الالمانى فى بداية الحرب العالمية.. وكانت جزر ماريانا الشمالية آخر الجزر التى انضمت للاراضى الامريكية عام 1986 منذ وضعها تحت ادارة الولايات المتحدة بعد هزيمة اليابان عام 1945.
مواطنو هذه المناطق رغم انهم اصبحوا امريكيون ويتمتعون بخقوق اجتماعية واقتصادية الا انهم محرومون من حقوقهم السياسية وفق القوانين الامريكية.
يبدو ان هذا ما تسعى له مراكز الابحاث الصهيونية لاختيار ما تطبقه على الاراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية ووادى الاردن.
الاسبوع الماضى نشرت جريدة المصرى اليوم مقالاً للدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بعنوان برتوريكو والضفة واختتم المقال بعبارة لازم التنويه والتحذير لخطورة ما يتم تداوله من مشروعات للقضاء على فكرة حل الدولتين من خلال المقترح الذى قدمه ديفيد فريدمان السفير الامريكى السابق فى إسرائيل امام مؤتمر الاذاعات الدينية الوطنية المرتبط بالتيار الانجيلى فى فبراير الماضى والذى يتضمنه كتاب سينشر فى سبتمبر المقبل بعنوان (دولة يهودية واخدة الامل الاخير والافضل لحل الصراع الإسرائيلى الفلسطيني).
يرى فريدمان لابد من التخلى عن وهم الدولة الفلسطينية بعد هجوم ٧ اكتوير وبعد تصويت الكنيست باغلبية ٩٩ صوتا ضد ١١ بشأن محاولة فرض اقامة دولة فلسطينية لانها لن تحقق السلام بل تعرض إسرائيل للخطر.
فهناك 49 دولة اسلامية والعديد من الدول المسيحية والبوذية والهندوسية ولكن هناك دولة يهودية واخدة اعطاها الله للشعب اليهودى ويجب الا تتعرض للتهديد الديموجرافى الفلسطينى فى ظل الدولة الواحدة
وتكون وضعية الفلسطنين مثل وضعية سكان بورتوريكو هى اراض لا يتمتع سكانها بالحقوق السياسية الكاملة.. هذه الخطة هى ما يطرح بشأن الضفة الغربية (يهودا والسامرة) والتى تم صياغاتها فى اطار عمل مركز فريدمان للسلام من خلال القوة وهى منظمة هدفها التوسع فى اتفاقيات السلام الابراهيمى مثلما تختفظ امريكا بالسيادة على برتوريكو ستحتفظ إسرائيل وفق مشروع ديفيد فريدمان بالسيادة على الضفة الغربية ووادى الاردن والسيطرة الامنية الشاملة على ان يتمتع الفلسطينيون بقدر من الحكم الذاتى المدنى فى المناطق التى يعيشون فيها وبتمويل عربي.
ما قدمه فريدمان الدبلوماسى الامريكى اليهودى القريب من التيار المسيحى الانجيلى اليمينى المتعاطف مع إسرائيل من منطلق عقائدى والقريب من دوائر صنع القرار فى الحزب الجمهورى يمثل خطورة فى هذه الفترة التى يتوسع فيها الاستيطان فى الضفة وقضم اجزاء من غزة وجعلها غير قابلة للحياة كما اوصى جيورا ايلاند فى بداية الحرب وهنا ممكن ان نسمع عن فكرة دولة واحدة وبعد تهجير اكبر قدر من الفلسطينيين ومن يبقى على ارضه سيكون دون سيادة كاملة على الارض هل يقبل أحد بهذا المقترح؟