259 يوما مرت على بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وأوجاع القطاع لم تتوقف بعد، فالدمار والدماء يتصدران المشهد، والمدنيون العزل يتنقلون من سيئ إلى أسوأ، فمن جحيم القصف والقتل إلى مأساة الجوع والفقر والمرض والتشرد، فلم تضمد إدانات العالم أجمع جراحهم حتى اليوم، ولم يستطع صراخهم إيقاف آلة القتل الإسرائيلية ولو مؤقتا.
استهدف طيران الاحتلال أمس أماكن متفرقة من قطاع غزة بغارات عنيفة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والمصابين من الفلسطينيين. بينما أكدت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب مجزرتين ضد العائلات فى قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 10 شهداء و73 إصابة خلال 24 ساعة.
ففى مدينة خان يونس، جنوب القطاع، استشهد عدة مواطنين جراء قصف مُسيرة إسرائيلية بلدة الفخارى شرق المدينة، وتم نقل جثامينهم إلى مستشفى غزة الأوروبى.
كما أصيب عدد من المواطنين فى غارات للاحتلال استهدفت منزلين فى حيى التفاح والشجاعية شرق مدينة غزة، نقلوا إثرها إلى مستشفى المعمدانى فى المدينة.
وأطلقت مدفعية الاحتلال عدة قذائف صوب حى الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وصوب المناطق الشمالية من مخيم النصيرات ووادى غزة، وعدة مناطق شرق مدينة دير البلح وبلدة المصدر ومخيم المغازى وسط القطاع.
وذكرت وسائل اعلامية أن هناك قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفا استهدف أيضا المناطق الغربية لمدينة رفح فى جنوب القطاع، دون ذكر معلومات إضافية.
فى المقابل أعلن جيش الاحتلال، مقتل جنديين اثنين فى معارك بوسط قطاع غزة، فيما أشار إلى أن هناك 3 آخرين أصيبوا أصابات بالغة. كما قتل ضابط وجندى وأصيب 8 آخرون فى كمين نصبته كتائب القسام جنوب قطاع غزة .
وكانت القسام أعلنت أن مقاتليها نصبوا كمينا محكما لقوة إسرائيلية مدرعة، بتفجير لغم ذى قوة تفجيرية كبيرة، تم زرعه فى طريق القوة الإسرائيلية جنوب حى تل السلطان غرب رفح، بعد عمليات رصد استمرت أياما عدة.
وأضافت القسام أن مقاتليها فجروا اللغم فى دبابة ميركافا لحظة مرورها فى المكان، ما أدى إلى تدميرها بشكل كامل ومقتل طاقمها.
فى نفس الوقت قالت سرايا القدس الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامى إن مقاوميها استهدفوا مروحية عسكرية إسرائيلية بصاروخ من طراز «سام 18» شرقى مدينة رفح فى جنوب قطاع غزة، وذلك خلال عودتها من إجلاء قتلى وجرحى جيش الاحتلال الذين سقطوا فى كمين الشابورة الخميس الماضى.
فى السياق نشرت وسائل إعلام فلسطينية نقلا عن مدير مستشفى كمال عدوان فى قطاع غزة أنه لم تصل أى مواد أساسية فى شمال القطاع خاصة غذاء الاطفال، بينما بدأت بعض الأمراض تنتشر مجددا مثل التهاب الكبد الوبائى والنزلات المعوية. وطالب مدير المستشفى بضرورة إدخال الوقود والغذاء والمستلزمات الطبية لأن الجميع فى قطاع غزة أمام كارثة.
فى الاثناء قال الهلال الأحمر فى قطاع غزة إن استهداف إسرائيل للمنشآت الصحية والمربعات السكنية يرفع عدد الضحايا ويعرقل عمله. وأكد أن الوضع فى شمالى القطاع كارثى مع عودة شبح المجاعة، كما أن 500 ألف شخص فى شمالى قطاع غزة مهددون بالمجاعة.
من جانب اخر، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى حملة اعتقالات فى صفوف المواطنين الفلسطينيين فى مخيم الجلزون شمالى مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة. وقالت مصادر إن قوات الاحتلال نكلت بالمعتقلين، وهددت ذوى آخرين بضرورة تسليم أنفسهم.
على صعيد اخر كشف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى مقابلة صحفية حديثة، تصوره لمستقبل غزة، بعد نهاية الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر.
وطرح الصحفى الأمريكى جيك شيرمان من موقع «بانتش بول نيوز» على نتنياهو سؤالا مفاده «ماذا سيحدث بعد نهاية الحرب فى غزة؟»، فكان جواب نتنياهو انه سيتعين نزع السلاح بشكل مستدام، ويجب أن تكون هناك إدارة مدنية بالتعاون مع الدول العربية.
واشار نتنياهو أنه لابد من القضاء على ما وصفه بالتطرف من خلال المدارس والمساجد ليكون هناك مستقبل أفضل يتخلى فيه الفلسطينيون عن عقيدة إبادة اسرائيل وقتل كل يهودى على هذا الكوكب.
وأخيرا ستكون النقطة الرابعة هى إعادة الإعمار، التى من المفترض ان يتبناها المجتمع الدولى.
فى نفس الوقت قالت الخارجية الأمريكية إن أنتونى بلينكن بحث مع وفد إسرائيلى فى واشنطن جهود تحقيق وقف إطلاق النار فى غزة، وإطلاق سراح الأسرى المحتجزين.
وأضافت الخارجية أن بلينكن شدد للوفد الإسرائيلى على ضرورة التخطيط لما بعد انتهاء الحرب، وإعادة الإعمار فى غزة، كما أكد على ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لزيادة المساعدات إلى غزة.
من ناحية اخرى ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلى يرغب فى الإعلان عن انتهاء الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.
قالت الصحيفة: «بينما يقوم الجيش الإسرائيلى بإعداد قواته والجمهور لإنهاء القتال فى غزة للتركيز على الحرب المتنامية فى الشمال، فإن رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو محاصر فى شبكته السياسية المذعورة دائما من التفاهة والشعارات وألعاب إلقاء اللوم سيئة النية».
أضافت أن الجيش يرغب فى الإعلان عن انتهاء الحرب بعد عملية رفح، وفتح المجال لصفقة تبادل. وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال قد يطلب «خفض القوات بمحورى فيلادلفيا وصلاح الدين.
ويأتى هذا التقرير فى الوقت الذى صرح فيه المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيل هغارى بأنه سيكون من غير الممكن القضاء على حركة حماس، وذلك بعد أكثر من 8 أشهر من الحرب على قطاع غزة.
من جهة اخرى أعلنت أرمينيا أمس اعترافها بالدولة الفلسطينية، مما يرفع عدد الدول المعترفة بها إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «أرمنبريس» عن بيان وزارة الخارجية القول إن أرمينيا على قناعة بأن هذا هو السبيل الوحيد لضمان قدرة الفلسطينيين والإسرائيليين على تحقيق تطلعاتهم المشروعة.
ورحبت الرئاسة الفلسطينية بهذه الخطوة، معربة عن التقدير الكبير لهذا القرار الشجاع والهام، بينما أعلنت الخارجية الإسرائيلية أنها استدعت السفير الأرمينى.
وفى مايو الماضى ، أعلنت أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافها بالدولة الفلسطينية فى قرار متزامن.