أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى السيد القصير أن قطاع الزراعة فى الدولة المصرية شهد نهضة ودعما غير مسبوقين من القيادة السياسية خلال السنوات العشر الماضية؛ نظرا للدور الحيوى الذى يلعبه القطاع باعتباره ركيزة أساسية فى الاقتصاد القومي، إضافة إلى اعتباره من القطاعات ذات الأولوية ضمن مرحلة الإصلاح الهيكلى لتميزه بتسارع معدلات النمو فيه.
جاء ذلك فى كلمة الوزير أمام الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق؛ لاستعراض جهود الدولة فى تعزيز تنافسية الصادرات الزراعية المصرية فى الأسواق الخارجية، فى ضوء مناقشة طلب المناقشة العامة المقدم من النائب حسام الخولى و20 نائبا.
وقال القصير إن الاهتمام بقطاع الزراعة يأتى انطلاقا من أنه ركيزة أساسية فى الاقتصاد القومي، إذ تبلغ نسبة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى أكثر من 15٪، كما تعد الزراعة مصدرا رئيسا للدخل والتشغيل إذ يستوعب أكثر من 25٪ من القوى العاملة إضافة إلى مساهمته الملموسة فى تعظيم الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية من خلال زيادة نسب الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، وتوفير المواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الوطنية بما يساهم فى تقليل فجوة الاستيراد، فضلا عن مسؤوليته عن توفير الغذاء الآمن والصحى والمستدام.
وأضاف القصير أنه وفقا للمؤشرات المالية، يعتبر قطاع الزراعة من أفضل القطاعات التى حققت معدلات نمو إيجابية رغم كل الظروف والتحديات، يضاف إلى ذلك أن القطاع أثبت قدرة على الصمود خلال جائحة كورونا باعتباره من القطاعات المرنة، وذلك فى وقت عجزت فيه كثير من الدول الكبرى عن توفير الغذاء لشعوبها.
وتابع أنه على الرغم مما حققه هذا القطاع من نهضة كبيرة، إلا أنه يواجه العديد من التحديات، أهمها: محدودية الأراضى المتاحة للزراعة، وتناقص نصيب الفرد منها والذى وصل حاليا إلى 2 قيراط للفرد مقابل فدان لكل فرد فى فترات زمنية سابقة نتيجة لتناقص الرقعة الزراعية القديمة تأثرا بالتعديات على الأراضى الزراعية والتوسع فى الأحوزة العمرانية وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع فى الرقعة الزراعية.
وأوضح أن التفتت الحيازى يعتبر عائقا رئيسيا لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية، إضافة إلى أن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التى قد تتأثر بالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الإنتاجية الزراعية ومعدلات استهلاك المياه وزيادة ملوحة الأرض، كما أن الزيادة السكانية المطردة تعمق من حدة تأثيرات كل هذه التحديات وهو ما يستوجب منا جميعا مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص التفكير فى تدابير وإجراءات لمواجهة ذلك، وهى مسؤولية مشتركة لنا جميعا.
وأشار القصير إلى أنه لا يخفى ما يعيشه العالم من أزمات اقتصادية طاحنة سببتها الأزمات والتحديات العالمية بدءا من أزمة كورونا ومرورا بالأزمة الروسية – الأوكرانية بالإضافة إلى الأزمات الحالية فى المنطقة، وكلها تحديات وأزمات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول وخلفت أوضاعا مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد فى أسواق السلع الغذائية الأساسية نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع ارتفاع أسعار الطاقة ومستلزمات الإنتاج والسلع والمنتجات الرئيسية وارتفاع أسعار الشحن والنولون والتأمين مع التأثير على احتياطات الدول من العملات الأجنبية.
وقال وزير الزراعة إن المتابع للأزمات الاقتصادية العالمية يجد أنها طالت العالم أجمع بلا استثناء، والدولة المصرية مثلها مثل كل الدول تتأثر بالأزمات والتحديات العالمية لأنه ليس هناك دولة تستطيع العيش بمعزل عن العالم وما يمر به من أزمات نتيجة التشابك والتلاحم فى المعاملات، مشيرا إلى أنه بفضل النهضة الزراعية التى شهدها هذا القطاع والدعم غير المحدود والرؤية الثاقبة للقيادة السياسية فى تنفيذ مشروعات استباقية مكنت الدولة المصرية من توفير الأمن الغذائى الآمن والصحى والمستدام للشعب المصري، وذلك فى وقت عانت فيه الكثير من الدول التى تعتبر كبيرة ومتقدمة وتقف فى مصاف الاقتصاديات الكبيرة من أزمة وارتباك فى مجال الأمن الغذائي.
وأضاف القصير – فى كلمته أنه بناء على توجه الدولة لتدعيم هذا القطاع، قامت وزارة الزراعة بوضع إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ضمن إطار رؤية مصر 2030، وتضمنت عددا من الأهداف منها: الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها، وتحقيق تنمية متوازنة واحتوائية ومستدامة، وتحقيق قدر كبير من الأمن الغذائي، وإقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة، وتدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية فى الأسواق المحلية والدولية وزيادة الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، وتوفير فرص عمل منتجة وخاصة للشباب والمرأة فى قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به، وتحسين دخول ومستوى معيشة السكان الزراعيين والريفيين وتخفيض معدلات الفقر فى الريف وادماجهم فى كل برامج التمويل الميسرة، والتكيف مع تغير المناخ والحد من آثاره.
وتابع أنه لتحقيق أهداف هذه الإستراتيجية، تم وضع مجموعة من المحاور والسياسات يتم تنفيذها لتحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائي، وتتمثل أهم هذه المحاور فى تنفيذ المشروعات القومية الكبرى المرتبطة بالزراعة بمفهومها الواسع خاصة مشروعات التوسع الأفقى لزيادة الرقعة الزراعية بأكثر من 4 ملايين فدان أهمها مشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة العملاق بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان وغيرها، حيث تمت زراعة ما يقارب 2 مليون فدان من هذه المشروعات بإنتاجية يصل متوسطها 30 مليون طن منتجات زراعية خاصة المحاصيل الإستراتيجية ساهمت بقدر كبير فى تدعيم منظومة الأمن الغذائي.
ونوه القصير بأنه تم كذلك تدعيم مشروعات التوسع الرأسى التى استهدفت زيادة الإنتاجية من المحاصيل وزيادة الاعتماد على التقاوى المعتمدة خاصة للمحاصيل الاستراتيجية وتحسين الممارسات الزراعية واستنباط أصناف وهجن تتكيف مع التغيرات المناخية من خلال التوسع فى البحوث التطبيقية مع تفعيل الزراعة التعاقدية لأكثر من 7 محاصيل رئيسية، وهو ما سيضيف محورا مهما فى مجال تأمين احتياجات الدولة المصرية من المحاصيل الإستراتيجية وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، بالإضافة إلى التوسع فى تطبيقات التحول الرقمى والإصلاح التشريعى والمؤسسى وتدعيم مبادرات تمويل المزارعين والمنتجين.
وأشار السيد القصير إلى أن ما يتم تصديره من المحاصيل الزراعية هو الفائض عن الاحتياج المحلى وللسلع والمنتجات التى يكون للدولة المصرية فيها ميزة تنافسية، مثل: الموالح، الفراولة، البطاطس وغيرها من المنتجات، موضحا أن التصدير يستهدف تدعيم الفلاح والمزارع المصرى عبر تسويق الفائض من إنتاجه للحفاظ على توازن الأسعار وتحقيق قدر من العائد يحقق له ربحية مناسبة تضمن له الاستدامة.
وأكد القصير أن وزارة الزراعة تستهدف من وراء تشجيع التصدير مجموعة من الأهداف، تتمثل فى أن التصدير مصدر للعملات الأجنبية، حيث بلغ حجم الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة نحو 8.5 مليار دولار خلال العام المنقضي، وتستخدم لتعظيم قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات التى بها فجوة، فضلا عن مساهمته فى تدعيم العلاقات مع الدول، خاصة التى يتم تصدير نسبة ملموسة لها، وبالتالى تساهم فى تدعيم السياسة الخارجية للدولة المصرية، إضافة إلى تخفيض تكلفة النقل حيث أنه عندما يتم التصدير لدولة ما ويتم استيراد منتجات منها، فإن مسألة الشحن تنخفض نتيجة التبادل (تصديراً واستيراداً).
وقال القصير «إن الوزارة وضعت إستراتيجية لتعزيز وزيادة تنافسية الصادرات الزراعية المصرية، استهدفت: رفع جودة المنتجات الزراعية المصرية المصدرة، تنمية الأسواق التصديرية الحالية وفتح أسواق جديدة، التوسع فى تصدير المنتجات الزراعية المصنعة، فضلا عن الترويج للصادرات الزراعية من خلال زيادة المشاركة فى المعارض الدولية وتفعيل دور التمثيل التجارى وتوفير بيانات عن الأسواق تنويع الصادرات الزراعية مع التوسع فى تصدير السلع الزراعية غير التقليدية.
وأضاف: أنه «تم وضع مجموعة من المحاور لتنفيذ إستراتيجية زيادة تنافسية الصادرات الزراعية، وهي: تطوير منظومة الحجر الزراعى المتمثلة فى التتبع والتكويد، تعظيم الاستفادة من قدرات الأسواق التصديرية القائمة وفتح أسواق جديدة، فضلا عن تعظيم دور مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البنى فى البطاطس، تطوير قدرات المعامل المرجعية المعتمدة دوليا، ورفع جودة المنتجات الزراعية المصرية من خلال دعم تشريعات وقوانين الصحة النباتية وسلامة الغذاء، بالاضافة إلى المشاركة فى الكيانات والمنظمات الدولية المعنية بالصحة النباتية وسلامة الغذاء».
وتابع:»كما تضمنت المحاور تطوير منظومة التحول الرقمى للحجر الزراعى فى إطار التوسع فى تطبيقات التحول الرقمى فى قطاع الزراعة، وكذلك تدعيم منظومة الحجر الزراعى بعدد من العمالة المتخصصة، والاستمرار فى استفادة المصدرين الزراعيين من برنامج دعم الصادرات»، منوها بأنه يجرى حاليا التوسع فى منظومة النقل السريع، وكذلك عمليات الرصد والمتابعة للعملية التصديرية فى الأسواق الدولية، وإنشاء منظومة المعامل الموحدة فى المنافذ الجمركية لتوحيد كل جهات الرقابة والإشراف فى مكان واحد.