منذ عقود طويلة، شكلت القضية الفلسطينية محورًا أساسيًا فى السياسة الخارجية المصرية، التى ظلت تضعها فى صدارة اهتماماتها على الساحة الدولية والعربية. لم يكن الدعم المصرى للشعب الفلسطينى مجرد خيار سياسي، بل كان تجسيدًا لمسئولية تاريخية وقومية، لم تتوانَ مصر عن الوفاء بها رغم تعقيدات المشهد السياسى الإقليمى والدولي. وفى إطار هذا الدور الثابت، تواصل مصر جهودها المكثفة لدعم حقوق الفلسطينيين، خصوصًا فى ظل الوضع المأساوى الذى يعيشه سكان قطاع غزة.
إن مصر، بموقعها الأستراتيجى ودورها القومي، لن تدخر جهدًا فى دعم حقوق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. هذا الموقف الثابت، الذى تم التأكيد عليه فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، يعكس التزام مصر الراسخ بالقضية الفلسطينية، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى العربي. وعلى الرغم من التحديات المتزايدة التى يواجهها الفلسطينيون، لا تزال مصر تقف على الدوام إلى جانبهم، تسعى لتحقيق العدالة والسلام.
فى هذا السياق، تواصل مصر جهودها الدبلوماسية المتواصلة فى المنظمات الدولية والإقليمية، لحشد الدعم السياسى والإنسانى لفلسطين، بالإضافة إلى مواجهة المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، سواء من خلال تهجير الفلسطينيين أو تعطيل عمل وكالة الأونروا، التى تعد الهيئة الدولية الوحيدة التى توفر الإغاثة والحماية للاجئين الفلسطينيين.
ولطالما لعبت مصر دورًا محوريًا فى تقديم الدعم الإنسانى إلى قطاع غزة، فى ظل الظروف الصعبة التى يعيشها السكان هناك. منذ بداية التصعيد العسكرى الأخير فى غزة، قدمت مصر أكثر من 70 % من المساعدات الإنسانية التى دخلت القطاع، سواء من خلال إرسال شحنات غذائية وطبية أو عبر توفير العلاج والرعاية الصحية لآلاف الجرحى الفلسطينيين الذين تم استقبالهم فى المستشفيات المصرية.
ان الأوضاع فى قطاع غزة وصلت إلى نقطة حرجة، حيث باتت المجاعة تهدد حياة آلاف المدنيين، خصوصًا فى شمال القطاع. تقرير لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة حذر من احتمال حدوث مجاعة وشيكة نتيجة القصف الإسرائيلى المستمر والحصار المطبق، الذى أدى إلى تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية، بما فى ذلك المستشفيات وسبل الوصول إلى الغذاء والماء. لذلك لا بد من اتخاذ إجراءات فورية لضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع من خلال فتح المعابر بشكل آمن ودون عراقيل. كما أن الدور الذى تقوم به وكالة الأونروا فى توفير المساعدات وإغاثة النازحين أصبح أكثر أهمية من أى وقت مضي.
وتؤكد مصر على ضرورة تحرك المجتمع الدولى فى المحافل الأممية لحماية الأونروا، وتوفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الإنسانية للفلسطينيين فى قطاع غزة. فى الوقت نفسه، يظل التحرك الفورى لدعم الوضع الإنسانى فى غزة أولوية، من خلال السماح بتدفق الإمدادات الأساسية بأمان ودون تأخير.
إن مصر، باعتبارها قلب العالم العربى ومنبرًا للعدالة الدولية، ستظل تواصل دعمها الثابت للشعب الفلسطيني، وتعزيز جهودها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي. إن المسئولية التاريخية التى تتحملها مصر، إلى جانب دورها الإنسانى فى دعم الفلسطينيين فى غزة، لا يمكن أن تكون محلاً للمساومة أو التراجع. اليوم أكثر من أى وقت مضي، تتطلب الأوضاع الإنسانية فى غزة تحركًا عاجلًا من قبل المجتمع الدولي، لا سيما من خلال دعم الأونروا وضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، قبل أن يصبح الوضع أكثر مأساوية ويستحيل إنقاذ الأرواح.