دعا مجلس أمناء الحوار الوطنى كل الأطراف في ملف مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى إجراء لقاءات وحوارات ومناقشات فيما بينهم، برلمان ونقابات ومؤسسات وهيئات، وتبادل وجهات النظر المختلفة حول المشروع من أجل التوصل إلى توافقات تحقق المقاصد العامة المشتركة وتطلعات الشعب في عدالة ناجزة.
دعوة أمناء الحوار الوطنى مهمة وفى وقتها وتعكس روح الجمهورية الجديدة، بل وتترجم رؤية القيادة السياسية التي كانت سباقة فى فتح أبواب الحوار عبر آلية الحوار الوطني.
وعلى الجميع إدراك أن الحوار أصبح هو النهج الثابت للدولة، فالقضية ليست قناعات جامدة أو تسجيل مواقف، وإنما حوار ونقاش في دولة أصبحت قادرة على استيعاب الاختلاف وإدارته بما يصل بنا في النهاية إلى المصالح المشتركة للمجتمع.
بالتأكيد ليس مطلوباً تجاهل رأى أو رؤية، وليس مقبولا أن يتشبث طرف ويتمترس خلف موقف لا يريد مغادرته، وليس مفروضًا أن تتحول مناقشة مشروع قانون إلى صراع سياسي منفلت، لكن المفترض أن يكون الحوار هو الأصل والتوافق هو القاعدة، وإذا كان مجلس النواب قد أكد أنه يفتح أبوابه أمام مناقشة أي تعديلات على المشروع، فهذه مساحة جديدة ومحترمة لتلتقى على أرضيتها كل الأطراف فى حوار صريح بعيدًا عن البيانات المتبادلة والاتهامات التي تمنح الفرصة للمتربصين للتصيد وإشعال الحرائق.
المؤكد أيضا أنه ليس لطرف مصلحة خاصة، ولا يجب أن يكون ذلك فالجميع يسعون لما يحقق الهدف الأسمى العدالة الناجزة، وفى سبيل ذلك ليس عيباً أن يحدث الاختلاف وتتفاوت الرؤى وفى النهاية فمؤسسات الدولة قادرة على أن تحول كل هذا إلى نقاط إيجابية تضيف للمشروع وتلبي المطالب الموضوعية لكل الأطراف، والأهم أن تسهم في الهدف الأكبر وهو حماية الحريات وحقوق المواطن وفي الوقت نفسه صون المجتمع وسلامته وأمنه فى قانون يعد كما وصفه رئيس مجلس النواب “الدستور الثاني”.
يقينا في الحوار بين كل الأطراف فوائد عديدة: أولها استعراض كل وجهات النظر والمقترحات ومناقشتها بشكل جاد وتحقيق التوافق حولها.
والثاني إغلاق الباب أمام أى محاولات للتأويل أو التفسير الخاطئ وتشويه الدولة من قبل المتربصين الذين يحولون الأمر وكأنه معركة يشهر فيها كل طرف أسلحته.
الثالث: أن المساحات المشتركة بين الجميع أكبر كثيرا من مساحات الاختلاف فكلها مؤسسات الدولة سواء البرلمان أو النقابات أو المؤسسات المختلفة ولهذا فإن الحوار سيصل بالتأكيد إلى نقاط متوافق عليها تنهى الخلاف وتحقق المستهدف بخروج القانون بالشكل الذي يليق بدولة عريقة.
الرابع أن الحوار يعطى صورة تجسد الجمهورية الجديدة وثوابتها الديمقراطية وتؤكد الشعار الذي أعلنه الرئيس السيسي بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.
ولهذا فالحوار المطلوب ليس فقط بين المؤسسات المختلفة بل يجب أن يكون داخل كل مؤسسة فكل نقابة مطلوب منها حوار داخلي بين أعضائها، لأن وجهات النظر ليست واحدة وقبل أن تدخل حوارًا مع باقى المؤسسات يجب أولا أن تصل إلى توافق داخلي، فهذا هو الأصل في الحوار حتى يكون مجديا.
وفي النهاية الحوار مكسب للوطن ولكل أبنائه، وعلى الجميع أن يحرصوا عليه ويدعموه وإذا كانت تجربة الحوار الوطني نفسها قدمت ما يمكن وصفه بالنموذج الملهم فعلينا أن نجعلها قاعدة عامة تحكم كل المؤسسات.. وندير من خلالها كل الملفات والقضايا، وأن يكون المبدأ الذى يحكمنا هو أننا على أرضية وطنية واحدة، وهدفنا مشترك وهو المصلحة العامة، أما من يسعى لأهواء ومآرب أخرى فلا مكان له فى الحوار ولا احترام لرأيه لأنه خارج الإطار الوطني.