لم يكن ما حدث فى الخامس من يونيو 1967 فى حرب متكافئة، لكنها كانت محاولة لضرب مشروع لنهضة مصر، محاولة لاجهاض مشروع تنمية شاملة ولقطع الطريق أمام مصر لتصعد فى سلم الدول النامية المتقدمة مثل كوريا والصين نفسها.
لذلك جاء الانتصار فى 6 أكتوبر 1973 ليرد الاعتبار لشعب ضارب بجذوره فى التاريخ، وما هذه الجولة إلا مجرد فيمتوثانية فى سجله.
أما الجيش المصرى فكانت 6 أكتوبر رد اعتبار فى حرب حقيقية، كان عمادها الجندى المصري، ولكن تدخل أمريكا وقتها كان انذارا لما يحدث الآن، أو بالأصح تعبير عن واقع موجود لكن العبور العظيم ايذانا بكشفه تحت شمس الحقيقة.. أقصد ان إسرائيل ما هى إلا شوكة أو رأس حرب أو بديل لاستعمار قديم أفلت عنه الشمس أو ايذانا بميلاد استعمار جديد على أنقاض الاستعمار القديم.. إيذانا بميلاد عالم القطب الواحد يتزعمه الكاوبوى الأمريكي.
لذلك كان ذكاء الزعيم أنور السادات التوقف عند مرحلة معينة للحفاظ على النصر للتفاوض على الهدف وهو استعادة سيناء المحتلة.. والباقى تعرفونه.
وما أشبه الليلة بالبارحة.. ما يحدث الآن فى الساحة العربية والحرب الدائرة فى غزة واغتيال قيادات المقاومة وتهديد لبنان بالغزو البرى وتحويلها إلى غزة أخري.. كل ذلك بمساعدة أمريكية- غربية.
انكشف المستور وسقط ورق التوت بإعلان النتن ياهو رئيس وزراء إسرائيل بأن حرب غزة وقتل قيادات حزب الله وعلى رأسهم حسن نصر الله أمين حزب الله وقيادات حماس إسماعيل هنية قائد حركة حماس ومئات القيادات السورية والإيرانية ما هى إلا تمهيد للمشروع الأكبر وهو الشرق الأوسط الجديد الذى أفصحت عنه منذ سنوات كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية.
بجاحة يحسد عليها نتن ياهو وقف على منبر الأمم المتحدة معلنا خريطة «مؤقتة» فى يده عن هذا الشرق الأوسط الجديد تكون فيه إسرائيل هى القائد والمهيمن والمسيطر ورأس الحربة الغربى فى العالم العربي..
وبالطبع ما أعلن عنه النتن ياهو ليس بجديد فى مراكز الأبحاث والدراسات.. إسرائيل الكبرى هى الحلم الصهيونى والكابوس العربى الذى يتفاضل عنه الكثير.
إسرائيل لن تهدأ أبداً حتى يتحقق «الكابوس» وهو كيان سرطانى يتمدد من المحيط إلى الخليج إما بالاحتلال العسكرى أو بالسيطرة والهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية على المنطقة.. ولم تكن إسرائيل بمفردها قادرة على هذا التبجح بعيدا عن الدعم الأمريكى والبريطانى والغربي.
يكفى ان نعرف ان أجهزة الاستخبارات الغربية كلها تمنح معلوماتها وخططها لتل أبيب، كل الأقمار الصناعية التى تصور المنطقة كلها تبث معلوماتها إلى تل أبيب، كل مخازن الأسلحة الحديثة مفتاحها مع إسرائيل.. كل قدرات «الناتو» فى أمر إسرائيل.
ومع هذه القدرات العسكرية والتكنولوجية كل الخزائن الغربية الممتلئة تحت أمر إسرائيل.. بل ربما يحاربوننا بأموالنا وبدعم بعضنا فى السر والعلن.
لكن الدرس الذى يتعلمه نتن ياهو ان هناك الإنسان الذى لا يقهر، أقصد صاحب الحق ومثلما اندهش العالم كله بالجندى المصرى فى 6 أكتوبر وتغلبه على أكبر خط دفاعى عالمى «خط بارليف» والساتر الترابى الذى يحميه بل وأكبر مانع مائي.. كل ذلك انهار وتشظى أمام إرادة الإنسان المصري.. وما حدث يوم 7 أكتوبر الماضى ونجاح رجال حماس فى دخول الكيان الصهيونى وضرب مرتزقته وأسرهم والجلوس هناك عدة ساعات، كل ذلك بامكانيات بسيطة فى التكنولوجيا لكنها عميقة بالإنسان.
نعم نجحتم فى اغتيال قادة المقاومة ولكن الأرض تنبت كل يوم آلاف.. نعرف أرضنا وتعرفنا.. أما أنتم فستظلون غرباء مهما امتدت السنوات وحالة «الجنان» التى أصابت الكيان الصهيونى منذ 7 أكتوبر الماضى ما هى إلا تعبير عن هاجس «الزوال» الذى يراودهم ومثل اللص الذى يشعر اننا سنقبض عليه.. يعيش النتن ياهو هذا الكابوس لذلك أصيب بالسعار.
تقدموا.. تقدموا.. فتحت كل ذرة رمل ملايين الأبطال ولدوا ويولدون وسيولدون.. تقدموا واقتلوا بالقدر والخيانة.. وكل شهيد منا من القادة سيولد بدلا منهم آلاف.
تقدموا فتحت كل دمار تخلفونه.. ستنبت آلاف بل ملايين الأشجار، أقصد ستنبت حيوات جديدة كلما تصورتم أنكم قتلتم الحياة.. تقدموا.. تقدموا.. لن نصدقكم فخلف ابتسامتكم الماكرة الصفراء واتفاقيات التطبيع والاستيلاء توجد إرادات شعوب لن ترضى إلا بحقها فى أرضها وحقها فى الحياة.. صدروا لنا الموت والدمار أمام العالم كله الذى لا يتحرك يترك منبر الأمم المتحدة أمام القاتل وبيده خريطة شرق أوسط مضرجة بالدماء.
تقدموا.. تقدموا.. النصر لنا.. والبلاد التى جئتم منها فى انتظاركم.. لن نرميكم فى البحر بعد ان شكا البحر لنا واستغاثته بنا للحفاظ على كائناته البحرية من القتلة ومصاصى الدماء ودعاة الخراب!!
تقدموا.. تقدموا.. لن تجدوا الأمان حتى لو روجتم بأن يدكم الطولى تستطيع ان تصل إلى أقصى جنوب العالم العربى فى اليمن.. لأنكم ببساطة تعرفون ان حصونكم لن تحميكم من غضب أصحاب الأرض، أقصد أصحاب الحق.
نعم قد تكونوا تفوقتم علينا فى جولة بمساعدة الغرب وبزرع الجواسيس بيننا.. لكن ما حدث فى 6 أكتوبر من المصريين والسوريين قابل للتكرار على جبهات أخري.. لا تغرنكم القوة فمهما كانت باطشة فلن تقتل الحق أبداً مهما طال الزمن..!!