حققت مصر نجاحات كبيرة على مستوى العلاقات الدولية وتحظى بتقدير واحترام وثقة على المستويين الإقليمى والدولى بفضل التوازن والحكمة وعدم التورط فى تحالفات على حساب أخرى تبحث عن مصالحها أينما كانت وتقف على أرض صلبة من القوة والقدرة والدور والتأثير وأيضاً الفرص التى تستطيع من خلالها بناء شراكات إستراتيجية تقوم على المصالح والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وتبنى سياسات تدعم الحلول السياسية والتفاوضية لإنهاء الصراعات والتوترات وإرساء الأمن والاستقرار والسلام وتحتفظ بعلاقات قوية ومتوازنة مع القوى الكبرى فى العالم تتجلى فى علاقات إستراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى.. وأيضاً مع الصين وروسيا رغم ما يدور من صراعات وتوترات وتنافس بين هذه القوى.. لكن القاهرة تسجل نجاحاً كبيراً فى هذا الإطار وتستمر فى هذه العلاقات لتحقيق مصالحها ودعم مواقفها السياسية وأيضاً لخدمة مصالح أمتها العربية والحشد لمواقفها وثوابتها بما يحقق مصالح أمتها العربية أيضاً.. وترسخت الثقة والمصداقية للسياسات المصرية فى العقل الجمعى العالمى بفضل دبلوماسية الشرف ورفع شعار العدالة ومبادئ القانون الدولى والشرعية الدولية.. ورفض سياسات الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير.. ويظهر ذلك بوضوح فى مساندة الحق العربى والحفاظ على الأمن القومى العربى ودعم التكامل والعمل العربى المشترك فى مواجهة التحديات الإقليمية والمخططات والتهديدات التى تموج بها المنطقة وتستهدف أمة العرب.. وذكرت فى الجزء الأول من مقال دبلوماسية الشرف.. مواقف مصر الصادقة وجهودها المكثفة والمتواصلة من أجل إنهاء الأزمات فى بعض الدول الشقيقة مثل ليبيا والسودان وهما من دول الجوار لمصر.. فى ظل اشتعال الحدود من كافة الاتجاهات الإستراتيجية وان مصر تريد الحل من داخل هذه الدول بمعنى الحل الوطنى.. وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لهذه الدول من القوى الخارجية والحفاظ على وحدة وسلامة أراضى هذه الدول واستعرضنا الموقف والجهود المصرية فيما يتعلق بليبيا والسودان ومحاولات مستمرة لإنهاء الأزمات فى هذه الدول التى ترتبط بالأمن القومى المصرى.. ولأن مصر تعمل وفق دبلوماسية الشرف والحرص على المصالح والأراضى والأمن القومى العربى.. فإن جهود مصر تجاه لبنان الشقيق لا تتوقف على كافة الأصعدة سياسياً ودبلوماسياً وإنسانياً ودولياً وإقليمياً.. ودعمت الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى اللبنانية.. وإعلاء المصلحة اللبنانية والعمل على بناء الدولة الوطنية اللبنانية ومؤسساتها وجيشها الوطنى لمواجهة التحديات وقدمت مصر مساعدات للشقيقة لبنان لدعم احتياجات الأشقاء وتضع كافة امكانياتها وقدراتها وخبراتها لعملية إعادة الإعمار فى لبنان ومصر ترفض وتدين الانتهاكات الإسرائيلية للأراضى اللبنانية.. وكذلك عدم تنفيذ الاتفاق الدولى بالانسحاب الكامل من الجنوب ومصر تسعى للحفاظ على لبنان ومصالح شعبه وإنهاء الانقسام والتوافق وبدأ بالفعل على طريق بناء الدولة الوطنية وإعادة الإعمار بدعم مصرى وعربى.
مصر أيضاً ترتبط بعلاقات قوية مع أشقائها العرب.. خاصة فى ظل وحدة المواقف مع الشقيقة الأردن.. خاصة ان القاهرة وعمان معنيتان بالقضية الفلسطينية والتصدى لمخططات تصفية القضية وتهجيرالشعب الفلسطينى فى غزة والضفة.. والحقيقة ان وحدة الموقف المصري- الأردنى تؤكد رفضهما لمخطط تهجير الفلسطينيين بشكل عام أو على حساب أمنهما القومى بالإضافة إلى العلاقات القوية والتنسيق المتواصل بين القيادتين السياسيتين ومصالح مشتركة وتعاون فى العديد من المجالات.
مصر أيضاً داعم للأمن والاستقرار فى العراق الشقيق.. وتتجلى العلاقات المصرية- العراقية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وهناك علاقات ومشروعات اقتصادية تجمع بين القاهرة وبغداد وتقدم مصر خبراتها وتجاربها من أجل دعم التنمية فى هذا البلد الشقيق والعريق ومن أجل عودته مرة أخرى ليتبوأ مكانته الإقليمية وهو ما يمثل جل أهداف مصر وفى إطار جهودها وأولوياتها العربية والاتجاه إلى التكامل والتنسيق والتعاون العربى.. القاهرة تؤكد دائما ان أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى وهناك تنسيق دائما على صعيد التعاون المصرى مع الأشقاء فى الخليج من أجل مواجهة التحديات فى المنطقة والحفاظ على الأمن القومى العربى وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بما يحقق مصالح كافة الأطراف ويلبى آمال ومطالب الشعوب.
الحقيقة ان مصر لا تتوانى ولا تتأخر عن دعم أشقائها العرب وتحرص على الحفاظ على أمن واستقرار هذه الدول ولا يمكن أن ننسى نصائح الرئيس السيسى الصادقة للشعوب العربية «خلوا بالكم من أوطانكم» فى دعوة مخلصة لامتلاك الوعى والإدراك لما يحاك للدول والشعوب العربية وأهمية الحفاظ على الاصطفاف ومن هذا المنطلق تتعامل مصر بأنها الدولة الكبيرة والشقيقة التى هى ركيزة الأمن القومى العربى واستقرار المنطقة.. لذلك فإن الجهود المصرية المتواصلة لدعم الأشقاء فى فلسطين وحقوقهم المشروعة مهما كانت التكلفة ومهما كان الثمن تؤكد دور مصر التاريخى تجاه القضية الفلسطينية وهو ما يتجلى فى وقوف مصر بشجاعة وحسم فى وجه مخططات التهجير واغتصاب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام.. وتجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة موقف يدعونا للفخر.. فمصر تقف وحيدة منفردة فى وجه المخطط «الصهيو- أمريكى» لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن وأعلنت مصر بشكل واضح وقاطع ان ذلك لن يحدث فلا تصفية للقضية الفلسطينية ولا تهجير لسكان غزة والضفة ولا توطين على حساب الأراضى المصرية فى سيناء ورفضت بشكل مباشر مطالب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باستقبال الفلسطينيين فى مصر فى إطار مخطط التهجير لأن القاهرة جل أهدافها ومواقفها الشريفة الحفاظ على الحق الفلسطينى المشروع والبقاء على أراضيهم والحفاظ على وطنهم وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967.. ومصر تدعم هذه المبادئ الشريفة بكافة السبل وأنواع الدعم السياسى والدبلوماسى والإنسانى والحشد الدولى والعربى والإقليمى للرؤية والموقف المصرى ونجحت فى ذلك ولعل عبارة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة بغداد تجسد قوة وشرف الموقف المصرى «انه مهما نجحت إسرائيل فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع كافة الدول العربية فانه لا سلام فى الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة» وهى رسالة واضحة تعبر عن قوة وشموخ مصر كقوة إقليمية وعظمى وفاعل دولى كبير.. لذلك فإن مصر لا تفرط أبداً فى حقوق الأشقاء المشروعة وفى مساندة إعادة الأمن والاستقرار للدول الشقيقة التى تواجه أزمات وهو نفس الحال بالنسبة للأشقاء فى اليمن وكذلك الصومال التى تقدم مصر له كافة أنواع الدعم لبناء الدولة الوطنية ومؤسساتها التى من شأنها الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الصومالية والقدرة على مجابهة التحديات والتهديدات من أطماع وإرهاب تلك هى مصر الشريفة الثابتة والصادقة فى مواقفها فهى الكبيرة قولاً وفعلاً.. جغرافيا وتاريخاً.. ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.