لم يكن يعلم هذا الصبى الذى مات أبواه نتيجة التسمم بفطر وهو فى سن الخامسة عشرة وكان أكبر إخوته الخمسة أنه سيخلد اسمه واسم عائلته من خلال اختراعه لمقياس الحرارة الذى حمل اسمه «مقياس فهرنهايت» والذى وصل إلى تمام انجازه فى عام 1715، حيث اعتبر ان درجة تجمد الماء هى 32 بينما درجة غليانه هى 212 ودرجة حرارة جسم الإنسان 96، لم يبدأ فهرنهايت من الصفر بل استفاد من تجارب جاليليو الأولية الذى اخترع ميزان الحرارة ثم طوَّر تجارب العالم الدانماركى اوليه رومر وتوصل فى النهاية إلى اول مقياس زئبقى للحرارة فى عام 1714، حيث وضع فهرنهايت الزئبق فى أنبوب مغلق ومدرج بمقايس مميزة، فكان الزئبق يتحرك ارتفاعا وانخفاضا مع درجات الحرارة المختلفة وكان هذا أول مقياس حرارة معتمد ومعروف فى العالم، وفقا لـ»الجمعية الملكية» البريطانية.
ولم يكن يعلم كذلك ان عالما سويديا سيأتى لاحقا ليغير من نظريته وهو العالم والفيزيائى أنْدْرْس سِلْسْيُوس والذى اعتبر أن درجة انصهار الجليد تحت الضغط العيارى هى الصفر، ودرجة غليان الماء تحت الضغط العيارى هى 100ْ، وكان أولوف بيكمان عالم الفيزياء السويدى قد كتب يقول عنه «يجب الاعتراف بأن أندرس سيلزيوس هو أول من أجرى ونشر تجارب دقيقة تهدف إلى تعريف مقياس درجة حرارة دولى على أسس علمية» فى البداية أطلق سلزيوس على مقياسه (درجة مئوية)، وذلك لأن هناك مئة نقطة بين الماء المتجمد والغليان، وهنا نجد ان الفرق بين نقطتى التجمد والغليان 180 نقطة عند فهرنهايت و100 نقطة عند سيلزيوس اى ان كل درجة مئوية تساوى 1.8 عند فهرنهايت لكن عند الوصول لسالب 40 درجة يتساوى المقياسين، ثم جاء عالم الرياضيات البريطانى الشهير وليام طومسون المعروف باللورد كلفن فى عام 1848 ليتوصل إلى ما اسماه العلماء (الصفر المطلق) وهو مقياس جديد تماما يعتمد على الخصائص الفيزيائية للأشياء من خلال درجة الحرارة المطلقة، إذن نحن أمام ثلاثة مقاييس مختلفة تماما من حيث الفكرة والتجربة والاستخدام والمدلول، ولم يكن يدرى هؤلاء العلماء الأجلاء ان الكرة الأرضية ستتعرض لما تتعرض له الآن من احترار غير مسبوق وتغيرات حادة وعنيفة لم يتوقعها أحد منهم على الإطلاق، بيد أننا على اعتاب مرحلة خطيرة وربما نعيش داخل مربع الخطر نفسه ولا ندري.