العلماء فى مصر يجيئون ويذهبون فى صمت وبلا أى ضجيج اللهم إلا فيما ندر.
نفس الحال بالنسبة للخبراء الاقتصاديين أو الاجتماعيين أو ما شابههم.
لذا.. عندما يتردد ذات يوم أن العالم فلان قد انتقل إلى رحمة الله سرعان ما يبدى الكثيرون دهشتهم حيث كانوا يتصورون أنه قد جاء الأجل المحتوم منذ فترة طويلة.
أما بالنسبة للفنانين فإن الدنيا كلها تنقلب رأسا على عقب حيث تزخر صفحات الصحف بسطور عديدة عن هذا الفنان أو تلك الفنانة التى قدمت أحلى الاستعراضات وأجمل الأغانى العاطفية وغير العاطفية.
وبالأمس رحل عن عالمنا واحد من أشهر وأكفأ أطباء القلب المفتوح على مستوى العالم كله.. ليس هذا فحسب بل بذل جهده لتطوير هذا النوع من الجراحة بكل ما أوتى من قوة..!
لكن ربما اعتبرت اهتماماته مهمة إلى حد كبير عندما قرر أن يدخل معترك السياسة ليفوز بعضوية مجلس الشعب.
>>>
منذ ذلك اليوم وهو مضطر للاعتذار عن عدم التواجد فى عيادته إذ لابد من مشاركته فى اجتماع حزبى وكانت النتيجة أن افتقده المرضى وشاءت الظروف أن يلجأوا لواحد من أنجح ثلاثة الذى استطاع بتحركاته وحماسه لمهنة الطب التى تحتل مكانة خاصة “لدى الأستاذ” والذى أخذ بدوره يكد ويجتهد حتى وصل إلى مرتبة الزميل رقم “1” فى مركز القلب الذى كان علامة مضيئة من علامات الطب فى مصر.. وهكذا د. إسماعيل سلام الذى أصبح فيما بعد وزيرا للصحة ليدخل حلبة المنافسة العلمية البحتة وكون الاثنان نموذجا فريدا من الطب والسياسة فالدكتور حمدى السيد وجد فى توجهه السياسى الكثير من المشاهد التى طالما سعدت به وسعد بها.
نفس الحال بالنسبة للدكتور إسماعيل سلام الذى انضم هو الآخر إلى مجلس الشورى ليصبح خلال فترة وجيزة زعيما للأغلبية فى المجلس..!
هنا يثور سؤال بريء.
إلى أى مدى سارت العلاقات الإنسانية بين الرجلين حمدى السيد وإسماعيل سلام؟
بصراحة لقد تبادل الاثنان احتراما متبادلا وتقديرا مشتركا فلم يحدث أن خاطب حمدى السيد إسماعيل سلام إلا وقال فى لهجة رائقة ومتفائلة فى آنٍ واحد عبارة: “سيادة الوزير”.
>>>
على الجانب المقابل لم تسلم هذه العلاقة الإنسانية من تدخل هواة زرع الأسافين ومفبركى الروايات الخاطئة وبالتالى حدث نوع من التوتر بين نقيب الأطباء الذى هو حمدى السيد وبين من يمثل الأغلبية البرلمانية وقد أصابنى أنا شخصيا بعض من رذاذات خلاف تبدو آثاره واضحة للعيان أحيانا وتداعياته قابعة فى طى الكتمان مرة أخري.
وكأنى كنت أدفع ثمن صداقتى للدكتور إسماعيل سلام وهى صداقة أعتز بها على طول الزمان.
>>>
ودق رنين التليفون الأرضى فى السابعة صباحا ليبلغنى مندوب مركز القلب بنبأ وفاة د.حمدى السيد فى نفس الوقت جاءنى صوت إسماعيل سلام وقد بدا فى لهجته نوع من حزن مكتوم قائلا:
لقد توفى الدكتور حمدى السيد وسوف أقوم بنشر نعيه غدا فى صحيفة الأهرام.. فأنت تعلم مدى ارتباطى بالراحل الكريم حمدى السيد وطبعا وافقت على رأيه وأضفت: ويمكنك أيضا نشره على الفيس بوك الذى أصبح الآن أكثر انتشارا سواء فى المناسبات السعيدة أو الحزينة.
ورحم الله د.حمدى السيد إحدى العلامات المؤثرة فى تاريخ مصر الحديث.
>>>
و..و..شكرا