الانتخابات فى أى مكان بالعالم لها قوامها.. مرشحون.. ومراقبون.. ومؤيدون.. ومعارضون.. من هنا تأتى الإشادة بالديمقراطية التى تتيح لكافة العناصر من مختلف الاتجاهات التقدم لخوض المعارك السياسية التى تنتهى فى الأغلب إلى ما يتفق مع رأى وقرار وسلوك الأغلبية.
>>>
فى الولايات المتحدة الأمريكية التى ظلت حتى الآن تتغنى بهذه الديمقراطية الفريدة من نوعها جاءها اليوم الذى عاشت مهددة فى مقتل بسبب الصراع العنيف بين الحزبين المتنافسين وهو الصراع الذى يبذل فيه الرئيس السابق دونالد ترامب أقصى جهد للعودة للحياة السياسية مرة أخرى بينما يخوض الرئيس الحالى جوبايدن أعتى المعارك للحيلولة دون فوز ترامب بهذا المنصب الرفيع..!
أيضا.. لأول مرة تهدد إحدى الولايات بالانفصال عن الدولة الاتحادية لأن حاكمها لا يحترم القانون ولا الدستور بل يبحث عن رغبة شخصية بحتة.
الأهم..والأهم.. أن ظهر على السطح فى الآونة الأخيرة عناصر لا علاقة لها أصلا بالسياسة بل دخلت معتركها لمجرد إثبات الوجود وها هى التى رشحها الرئيس الأسبق باراك أوباما لدخول الانتخابات نائبا للرئيس الديمقراطى جو بايدن ومنذ أن بدأت كامالا هاريس تمارس عملها والناس فى أمريكا عكفوا على أن يتخذوا منها مثارا للتهكم والسخرية متهمين إياها بالتفرغ لخدمة زوجها وابنتيها واصطحابهم فى رحلات داخلية وخارجية واللى عاجبه..!
>>>
فى نفس الوقت فإن الرئيس السابق دونالد ترامب ليس لديه مانع من دفع مليارات الدولارات فى سبيل الفوز مرة أخرى بالمنصب المرموق وبالبيت الذى وجد فيه سعادته وزوجته وأبناءه وأزواج بناته لدرجة أنه لم يعد يعترض على الأحكام التى تصدر ضده بسبب قضايا لا علاقة لها بالسياسة والتى قضى واحد منها بإلزامه سداد ما يقرب من 45 مليون دولار سددها ترامب فى خزينة المحكمة وانصرف صامتا.
>>>
ما يثير الدهشة والعجب أن كل تلك الصراعات الظاهرة والباطنة سواء بسواء لا تؤثر من قريب أو من بعيد فى الوضع المتميز لأمريكا على مستوى العالم فمصانع السلاح تعمل بكل كفاءتها وقدرتها لتقدم أسلحة لم يعرفها العالم من قبل مثلما تعمل شركات التجارة التى لم تتأثر قيد أنملة بما يجرى بل حجم مما تتداول فى بورصات الداخل والخارج يجعل من الأمريكان نوعا غريبا من البشر..!
حتى بالنسبة للسياحة فقد زادت معدلاتها كثيرا وكثيرا بعد التخلص من فيروس كورونا وأثناء الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا وكأن شيئا لم يحدث..والدليل أن القنصليات الأمريكية فى الخارج مليئة بطلبات التأشيرة والتى يقف البعض على أبوابها وكأنهم فى رحلة إلى جنات النعيم.. ما هذا التناقض يا إخوان؟! علما بأن أمريكا ليست شعبا واحدا بل عدة شعوب الأمر الذى اختفت معه القومية فى حد ذاتها.
>>>
أما فيما يتعلق بانحيازها الكامل مع إسرائيل فذلك أيضا يعتبره الأمريكان بمثابة شيء عادى لأسباب كثيرة أن معظم نشاطات الاقتصاد والسياسة والاجتماع يسيطر عليها إسرائيليون إما يقيمون إقامة دائمة هناك أو يأتون لفترات محدودة وهكذا دواليك..
والدليل أنه عندما قرر الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش غزو العراق رأى أن تضم حملته العسكرية لبعض الدول الكبرى إلى جانب ما نسميهم بالحكومات النامية ودون نقاش أو اعتراض أو «تدلل» انضمت بريطانيا على الفور إلى أمريكا وتحملت حكومتها فى ذلك الوقت «صياح» الشعب ضد هذا التحالف الذى يقولون إنهم لم يجنوا منه شيئا بل وصل الأمر إلى تقديم رئيس وزرائهم تونى بلير فى ذلك الوقت للمحاكمة لكن بقدرة قادر أفلت من أى حساب بينما لاذ الجميع بالصمت.
>>>
فى النهاية تبقى كلمة:
الأمريكان مهما اختلفوا فإنهم جميعا ينظرون للظروف العادية والاستثنائية نظرة موحدة بل إنهم يتفقون مع بعضهم البعض ضد أية عقبات أو صعاب.
واسمحوا لى أن أروى لكم حكاية عابرة كنت أنا أحد أطرافها:
مرة.. سقطت طائرة تابعة لمصر للطيران بعد إقلاعها من مطار نيويورك بحوالى 20 دقيقة وساعتها أعلنت مصر احتجاجها متهمة برج القيادة فى مطار نيويورك بالتسبب فى الحادث مما دعا الأمريكان على الوجه المقابل لكى يسوقوا اتهاما لقائد الطائرة وهو اتهام صارخ «الإرهاب».
وقد كتبت أنا شخصيا عدة مقالات ساخنة شجبت فيها هذه الاتهامات الباطلة محملا الأجهزة فى مطار نيويورك بالتسبب فى الحادث..!
طبعا لم يعجب الكلام السادة الأمريكان وبعثوا بخطابات احتجاج لوزارة الخارجية المصرية التى كان ردها إن حرية الصحافة فى مصر ليست محلا للتدخل بأى شكل أو نوع.
وشاءت الظروف أننى كنت أنتوى السفر لأمريكا وتأشيرة الدخول التى يحملها جواز سفرى أوشكت على الانتهاء وأصبح لزاما على أن أحصل على تأشيرة جديدة.. عندئذ وصلنى رد من السفارة الأمريكية بالقاهرة يبدون فيه اعتراضهم على منحى التأشيرة إلا بعد بصمة للعين والأصبع و..و..
ولقد اعتبرت أن ذلك نوع من أنواع التحدى فرفضت الذهاب إلى مقر السفارة لكن السفير والقنصل وقتها أخذا يبعثان لى برسائل ومكالمات متعاقبة للتأكيد على أن هذا نظام جديد قد بدأ تطبيقه.. المهم وبعد أخذ ورد تم الاتفاق على أن يبعثوا لى بمندوب إلى مكتبى ومعه جهاز البصمات وبالفعل جاء المندوب..وختم على جواز السفر بالتأشيرة الجديدة.. بعد حوالى ستة شهور..جاءنى السفير الجديد الذى تم تعيينه والذى قال لى مازحا: لو كنت أنا موجود لمنحتك التأشيرة فى سلام ودون أى ضجيج أو زعيق.
ولما سألته عن السبب قال إن السفير السابق لم يتصرف هكذا من عندياته بل بعث لوزارة الخارجية فى واشنطن يطلب منها الاستثناء بمنحك التأشيرة يعنى لا هو ولا أنا نملك أى قرارات إلا بعد الرجوع للقيادات الأعلي.
>>>
والله جدعان..!
>>>
و..و..شكراً