اشتهرت أمريكا على مدى مختلف عصورها بتأييدها لإسرائيل وهو تأييد لم تشأ أن تخفيه بل بالعكس حيث تبدو فى جميع الأحيان أنها تقدم المال والسلاح والفيتو للصديقة الحميمة التى يجب أن تتمتع بالحماية والتى من حق حكوماتها أن ترتكب كافة وسائل القهر والاضطهاد والعسف ضد الفلسطينيين والذين ليس أمامهم سوى تجرع مرارة العذاب والألم والتشرد والضرب والسحل والسجن بغير اعتراض.. وإذا فرض وأرادوا أن يرفعوا أصواتهم وليس صواريخهم احتجاجا واعتراضا وبحثا عن حياة آمنة مثل ملايين البشر لا يجدون أيضا سوى ردود فعل عنيفة وقاسية وعدوانية..!
يعنى كان هذا هو حال أمريكا إزاء علاقاتها مع إسرائيل لكن لم يحدث أن غيرت مواقفها سواء فى السر أو فى العلن حتى جاء حكم الرئيس بايدن الذى يقف كل مرة مشيداً فى تحدٍ بعلاقته مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ثم سرعان ما يأتى فى اليوم التالى ليهاجم المستوطنين واصفا إياهم بالإرهابيين ولا يكتفى بذلك فحسب بل يؤكد تأييده لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
إذن والحال هكذا فشيء طبيعى أن يذكر كلاما عن مصر أو غير مصر قد يكون مستندا إلى معلومات غير دقيقة.. وطبعا من حق مصر أن تعود لتذكر العالم بأنها منذ اللحظات الأولى كان قرار الرئيس السيسى بفتح المعبر طوال الليل والنهار لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبالفعل تدفقت قوافل الشحن من كل فج الأمر الذى أثار حفيظة الإسرائيليين الذين كانوا يتمنون بالطبع منع المساعدات حتى يزداد خنق الفلسطينيين أكثر وأكثر فى نفس الوقت الذى تحاول فيه استمرار صولجانها وسلطانها فأخذت تدك الجانب الفلسطينى من المعبر دكا خسيسا ولا أخلاقى حتى تبدو وكأنها المسيطرة الأمر الذى كان له أبلغ الأثر لدى مصر التى قامت على الفور بعمل تعديلات فنية أوقفت نوايا إسرائيل الرديئة ليستمر تدفق المساعدات الإنسانية من خلال معبر رفح ولأن مصر تعودت على التعامل مع الأشياء – كل الأشياء – بوضوح وشفافية لم تحاول تضييع الوقت فيما لا يفيد وفتحت أبواب مستشفياتها لعلاج الجرحى والمصابين فضلا عن إجراء أدق العمليات الجراحية لمن طردتهم إسرائيل من مستشفياتها ومنعت عنهم الدواء والعلاج.. فوقف العالم كله مشيدا وشاكرا بل ومتحملا كافة السخافات من جانب الإسرائيليين فى لحظات حرجة وأليمة.
>>>
والآن بالرغم مما اتخذته محكمة العدل الدولية من قرارات وبالرغم من المواقف الجديدة من جانب كبار العالم فمازالت إسرائيل تمارس عمليات القتل الباردة ضد الفلسطينيين ولا أحد يتدخل بحسم..!
كل ما هنالك تصريحات تسخن أحيانا وتبرد أحيانا أخرى ليستمر الوضع على ما هو عليه.
>>>
فى النهاية تبقى كلمة:
ليس منَّا أو معايرة حينما نقول إن القضية الفلسطينية منذ اندلاع شرارتها عام 1948 لم تلق من التأييد والمساندة والعطف والمشاطرة مثل ما تقدمه مصر برضا وإيمان ويقين من جانبها بأنها قضية العرب الأولى ولا شك.
لكن أحيانا يكون الكلام لمجرد الاستهلاك المحلى وأحيانا أخرى لتتصل الجسور بعضها مع بعض حتى تتحرك معدات الأمل وماكينات التفاؤل فى مواجهة مشاعر اليأس والاستسلام وصولا إلى مواكبة الشجاعة والجرأة وبث روح العزم والإصرار فى القلوب – كل القلوب حتى ترتفع أعلام النصر من كل الأراضى الفلسطينية وعندئذ سوف نزهو ونفتخر بالتضامن العربى بصرف النظر عمن شارك فى رسم ملامح الصورة الجديدة أو لم يشارك.
>>>
و..و.. شكراً