يخطئ من يقول إن الأم هى نبع الحنان بل الصحيح القول إنها نبع الحياة والحنان معا..
والأم الوحيدة فى هذه الدنيا التى تنبت بداخلها وداخلك ورود يستحيل أن تذبل أو تتساقط أوراقها خلال فصل الخريف لأن الأم تجمع بين الفصول الأربعة..
والأم هى التى إذا فقدتها فقدت البسمة وفقدت الإحساس بطعم الأشياء.
>>>
أنا شخصيا عندما ماتت أمى ظللت شهورا وأياما لا أكاد أصدق أننى لن أراها ولن أقبِّل يدها ولن تردد دعاءها لى صباحا ومساء.
>>>
باختصار شديد الأم هى الماضى والحاضر والمستقبل حتى بعد أن ترحل عن الحياة والضوء الذى لا ينطفئ أبدا.
ومنذ أيام ماتت أم الداعية الشاب مصطفى حسنى وهو رجل وسطى النزعة طيب الخلق رقيق السلوك والإحساس..!
وشارك فى تشييع جنازتها المئات وكان مصطفى يذرف الدمع فى أسى وتأثر وصبر جميل لكن ماذا عن ليلة العزاء التى تعودنا عندنا فى مصر إقامتها بتلاوة القرآن الكريم ترحما على الراحل العزيز ورجاء من الله أن يغفر له ويرحمه..
فى واقع الأمر سلك مصطفى سلوكا مخالفا تماما ولعل هذا سبب تخصيص مقالى اليوم عن تلك المبادرة الإنسانية والتى يندر كما أتصور تكرارها.
لقد تعود مصطفى أن يخطب الجمعة فى مسجد داخل واحد من تجمعات القاهرة الجديدة ولم يتخلف عن أداء واجبه المحبب إلى قلبه وقلوب باقى الأصدقاء والجيران الذين يعيشون معا فى صفاء ومحبة داخل مساحة محدودة من المكان.
لقد حرص على التواجد فى المسجد وجلس فى صفوف المصلين ومعه والده ليؤم الصلاة ويتلو الخطبة بدلا منه رجل عالم أيضا ومحترم هو د.شرين حلمى رئيس مجلس إدارة شركة فاركو للأدوية وبعد انتهاء الصلاة وقف مصطفى ووالده والمهندس هشام حله المشرف على المسجد والحريص على أن يكون نظيفا أنيقا مكيف الهواء ووقف الثلاثة عند باب الخروج يتدفق المصلون فردا فردا ليقدموا واجب العزاء بينما عينا مصطفى تترقرق بدموع الألم والحزن.. والأهم والأهم الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور..
>>>
هذه صورة إنسانية حضارية رسم أبعادها وخطوطها الداعية الشاب الذى كان فى إمكانه إقامة سرادق كبير يشارك فى إحياء لياليه أشهر وأفضل قارئى القرآن فى مصر لكنه آثر الاقتصاد وعمل على توفير مبلغ كبير رأى أن يتصدق به على الفقراء والمساكين.
>>>
البقاء لله يا أخ مصطفى وبارك الله فيك وأعزك لأنك أولا وأخيرا إنسان ضرب القدوة والمثل وقدم النموذج الطيب على مستوى البشر.
>>>
و.. و.. شكراً
