اشتهر السودان بأنه بلد الانقلابات والخلافات العرقية والمذهبية وبالتالى عاش شعبه حياة صعبة، حيث اقتصاد منهار ونظام حكم شيوعى مرة وإسلامى متطرف مرة أخرى.. ومع كل ذلك فإن معظم الذين تولوا مقاليد السلطة لم يفكروا إلا فى مصالحهم ومصالحهم فقط والتى فى سبيلها اشتعلت نيران الحروب بين بعضهم البعض وسقط آلاف الضحايا ممن لا ذنب لهم ولا جريرة علماً بأنه زاخر بالثروات الطبيعية الهائلة.
وإنصافاً للحق.. الرجل الوحيد الذى شذ عن هذه القاعدة هو المشير عبدالرحمن سوار الذهب الذى تسلم السلطة بعدما أسميت بانتفاضة إبريل عام 1987 ثم سلم الحكم بإرادته إلى حكومة مدنية منتخبة برئاسة كلٍ من الصادق المهدى وأحمد الميرغنى.
>>>
وغنى عن البيان أنه خلال تلك المراحل المتعاقبة من تاريخ السودان لم يتوقف نزيف الدم ولم تهدأ الخواطر، بل ظل البلد الجريح يئن ويتألم دون هوادة حتى وقعت الطامة الكبرى المتمثلة فى تلك الحرب الضارية بين الجيش الوطنى السودانى وبين ما تسمى بقوات الدعم السريع وهى حرب أهلية بكل المقاييس حيث ترتكب قوات الدعم السريع أبشع المجازر التى تخلًّف آلافاً من القتلى وملايين الفارين إلى الدول المجاورة وعلى رأسها مصر وبعدها تشاد وغيرهما.
>>>
طبعاً الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول من يدرك أبعاد الخطر فهو يحذر دائماً من كوارث تمزق الشعوب والجيوش واضعاً أمام كل القوى العالمية والإقليمية نماذج الانهيار والتفكك والسقوط فى بحور من الندم.
الرئيس السيسى ينبه دائماً إلى أن انهيار الأوطان إنما يجلب المصائب لأهلها حيث يصبحون لقمة سائغة فى أفواه الطامعين والمتربصين والباحثين عن الثروة والنفوذ.
وها هو السودان الحبيب إذا ما تمزقت أوصاله ضاع فى غياهب الجب لينضم إلى سابقيه سواء داخل المنطقة العربية أو خارجها.
>>>
من هنا كانت دعوة مصر للفرقاء فى السودان لكى يأتوا إلى أرضها فى محاولة لإزالة الخلافات ومحاولة لم الشمل من جديد وبالفعل دارت مباحثات جادة وحوارات هادفة لكن السؤال:
وهل خلصت النوايا بين هؤلاء المتناحرين وبين بعضهم البعض..؟!
طبعاً.. نأمل ذلك.. أما إذا تبددت الآمال فسوف ينضم السودان تلقائياً إلى قائمة المشتتين والمفككين وأيضاً المشردين.. وبذلك يصير جزءاً مهماً من الجسد العربى فاقد الروح ولن تقوم له قائمة سواء فى الحاضر أو المستقبل.
والأهم.. والأهم.. أنه سيكون مصدراً من مصادر الإضرار بالأمن القومى المصرى وهو ما لن تسمح به مصر تحت وطأة أى ظرف من الظروف فأمننا القومى كما يعلم الجميع خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
>>>
فى النهاية تبقى كلمة:
فلتدرك الأطراف المتحاربة فى السودان أن لا غالب ولا مغلوب ولا منهزم ولا منتصر.. وفى جميع الأحوال سوف يسجل التاريخ أن هناك أناسا فرطوا فى وطن كان يمكن أن يكون فى يوم من الأيام من أعز وأفضل الأوطان.. فانتبهوا.. انتبهوا.. وأعيدوا تقييم مواقفكم فإذا كان حساب الدنيا يسيرا.. يسيرا فإن عذاب الآخرة تعبر عنه الآية الكريمة:» الْقَارِعَةُ «1» مَا الْقَارِعَةُ «2» وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ «3» يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ «4» وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ «5» فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ «6» فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ «7» وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ «8» فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ «9» وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ «10» نَارٌ حَامِيَةٌ».
>>>
و..و..شكرا