«بدنا نتجوز عالعيد.. بدنا نعمر بيت جديد.. شبعنا عزوبية وهموم».. أتذكر هذه الأغنية هذه الأيام ونحن على أبواب العيد.. وغيرها من أغنيات عديدة ترتبط بالزواج والأفراح.. بالمناسبة هذه الأغنية للفنان السورى «أركان فؤاد» صاحب الصوت الجبلى الرخيم وهو زوج الفنانة الرقيقة نادية مصطفى التى غنت فى نفس الفترة فى الثمانينيات من القرن الماضى أغانى ترتبط بالشباب وسفرهم للعمل بالخارج ومشاعر الغربة بحثا عن الرزق لشراء شقة وتكوين أسرة سعيدة لا يتسبب غلاء العيش هذه الأيام مع غيره من الأسباب فى كثرة الخلافات وزيادة حالات الطلاق التى تصل إلى الربع تقريباً من حالات الزواج التى يبلغ عددها فى مصر سنوياً حوالى 900 ألف حالة وفقاً للإحصاء الأخير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
أتذكر أغنية مها صبرى فى أوائل الستينيات «ماتزوقينى ياماما» ومحمد فوزى «يا ولاد بلدنا يوم الخميس.. هكتب كتابى وأبقى عريس».. ومحمد رشدى «قولوا لمأذون البلد ييجى يتم فرحتى» وغيرها من أغان جميلة تسعد الناس فى هذه المناسبات السعيدة بعيدا عن أغانى التنطيط وضرب النار والعوالم التى بلانا بها مخرجو الدراما هذه الأيام وتحاول الدولة كبح جماحها لإعادة الذوق الفنى الراقى إلى حياتنا.
وأذكر كيف كانت أجندة الأسرة وقتها تزدحم بالعديد من كروت الدعوة من الأقارب والأهل والأصدقاء لحضور حفلات خطوبة وأفراح وزواج وزفاف وتحتار الأسرة كيف تلبى كل هذه الدعوات على مدى أيام العيد الثلاثة، تفاضل وتعطى الأولوية لبعض الأفراح عن الأخرى وفقاً لدرجة القرابة وحدود المجاملة ومدى تقبل الناس الطيبين هذه الأيام للأعذار والظروف.. فلم يكن هناك الأفراح التى تقام الآن فى الفنادق والأندية وقاعات الأفراح وتتكلف عشرات الآلاف وربما المئات تثقل كاهل الناس بأعباء خرافية تضاف إلى تكاليف الزواج الباهظة بدءا من أسعار الشقق التى تتجاوز الآن أكثر من مليون ومنها فرش للشقة من أثاث وسلع معمرة وملابس قد تتسبب فى حبس الأهالى الذين يتنافسون فى شراء ما لا يلزم وخلق ظاهرة الغارمين والغارمات.. ولكن يبقى فى الذاكرة للأطفال حجم السعادة والسرور فى حضور أفراح وليال ملاح على مدى أيام العيد الثلاثة حيث الفرحة والملابس الجديدة وأكواب الشراب الحمراء والصفراء وعلب «الملبس» والمأكولات والحلويات.
>>>
ويمضى الزمان وأقارن الأحوال بين زمن مضى وواقع مرهق مكلف جعل الكثيرين من الشباب خاصة من الطبقة الوسطى خريجى الجامعات من غير الأسر الميسورة يحجمون عن الزواج.. وبالتالى انتشرت ظاهرة العنوسة – للأسف – بين الكثير من الفتيات اللاتى يفضلن العيش فى كنف الأسرة كأفضل من المغامرة بالزواج الذى قد يفشل ويتسبب فى ايذاء أطفال لا ذنب لهم.
ولكن من الأمانة أن أذكر الآن ان الدولة تحاول بقدر ما نستطيع المساهمة فى حل مشاكل الزواج وتكوين الأسر السعيدة سواء من خلال الطرح الواسع للوحدات السكنية عبر وزارة الاسكان.. ويستفيد منها فى الغالب من ينطبق عليهم شروط الاسكان الاجتماعى.. وان كان مطلوبا خفض تكلفة وأسعار الاسكان المتوسط الذى يصعب على غالبية الشباب بدون مساعدة أسرهم التعامل معه.
كما أتصور انه يجب التفكير فى عودة الإيجار مرة أخرى فيما يسمى الإيجار التمليكى الذى يقلص المغالاة الهائلة فى أسعار شقق الإيجار الجديد خاصة بعد مزاحمة ضيوف مصر الكثر لهم فى هذا الأمر.
>>>
ولكن فى كل الأحوال يبقى لمصر طعمها ومذاقها خاصة فى الأعياد وفى أجواء الأمن والأمان التى نحظى بها وكذلك التكافل والرحمة بين المصريين بعضهم البعض والمساهمة فى زواج اليتيمات والأفراح الجماعية فى الكثير من القرى والمحافظات.. ولكن من المهم أيضاً أن تساعد الأجهزة المعنية الشباب للحفاظ على تكوين الأسر السعيدة وتنشئة الأبناء والاهتمام بصحة الأسر والصحة الانجابية للحد من الزيادة السكانية التى كانت – للأسف – سببا فى حرماننا من أشياء كثيرة جميلة فى حياتنا.. وكل عام والمصريون بخير ووطنهم فى أمن وأمان.