منذ أن طرح مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم، شهدت الاروقة الدولية والإقليمية والعربية، نشاطا مصريا دبلوماسيا، متضافرا بين دبلوماسية رئاسية ودبلوماسية من قيادات وزارة الخارجية، فى تحركات نشطة ومؤثرة تقودها القيادة السياسية، وتجد إشادة إقليمية ودولية، وتؤكد نجاح الدبلوماسية خط الدفاع الأول عن الأمن القومى المصرى والعربي.
وتزامنا، مع الاعتداءات الإسرائيلية الشرسة على الأراضى الفلسطينية، صعدت مصر من تحركاتها، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى وتشاور وتواصل هاتفيا، مع قيادات عربية وإقليمية وعالمية وأممية، وأكد على الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية وفقًا للشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما قدمت مصر ورقة إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، التى شملت كل التفاصيل من أجل الحفاظ على أرض فلسطين لأهلها وتوجت مصر تحركاتها «النشطة» بعقد القمة العربية الطارئة، والتى كان موضوعها الوحيد «القضية الفلسطينية»، وتم التأكيد على صيغة عربية فى مواجهة المخططات التى تحاك ضد الأمة العربية وضد القضية الفلسطينية «قضية العربية الاولي».
ملف نجاحات الدبلوماسية الرئاسية المصرية، يستحق التوقف أمامه خاصة فى ظل الظروف الصعبة المحيطة بالمنطقة والتحالفات والمخططات التى تستهدف التأثير على الدور المصري، لكن رغم ذلك نجحت القاهرة فى أن تتحرك بقوة وتحقق نجاحات كبيرة وتفرض أولوياتها بل وتحشد مواقف دولية وإقليمية مهمة، وخير دليل ما حدث فى الفترة الماضية سواء ايقاف مخطط التهجير والقمة العربية الطارئة التى جاءت فى توقيت مناسب وخرجت بقرارات تعبر عن موقف عربى واضح وحاسم وقبلها كان التعامل الدبلوماسى الاحترافى مع توجهات الإدارة الأمريكية وكذلك مهارة الحوار مع الأطراف المختلفة والتصدى لأكاذيب وإدعاءات تستهدف تشويه الموقف المصرى والنجاح الدبلوماسى المصري.
تحدث عن نجاحات الدورالمصرى لـ«الجمهورية» عدد من الخبراء والدبلوماسيين السابقين، فى السطور التالية، وبعد ساعات قليلة من القمة العربية الطارئة فى العاصمة الإدارية الجديدة».
قال، السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق ، أن دور الدبلوماسية الرئاسية تجلى فى مواجهة قضية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والموضوع قديم وطرح منذ العام 2008، وعقدت الندوات والحوارات حوله ورفض، رغم المغريات المالية الضخمة لاقامة هذا المشروع وضمنه تبادل الأراضي، وتم ممارسة الضغوط «السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية»، الا أن مصر رفضت، ثم أعيد طرح فكرة التهجير فى أواخر فترة حكم الديمقراطيين فى الولايات المتحدة، وعرضوا على مصر مبالغ ضخمة وتم رفضه «شعبيا وسياسيا»، وتقديم البدائل، التى تتفق مع القانون الدولي، واستطاعت مصر والدول العربية القيام بحشد دولى من خلال القمم التى عقدتها القيادة السياسية «داخليا وخارجيا»، لرفض مبدأ التهجير، وما كان من بريطانيا والمانيا أن رفضتا التهجير، بل وصفه المستشار شولتس بالفضيحة المدوية، ورغم الجهد المبذول، إلا أن الخطة مازالت موجودة وهذا يفسر لماذا يطيل المحتل فترة احتلال قطاع غزة لتنفيذ الخطة.
وأضاف، أن مصر مدركة أن تهجير الفلسطينيين تحدى للامن القومى المصرى والدبلوماسية السياسة والديموجرافيا، لانه تصفية للقضية الفلسطنية ورغم التلويح بالتهديد بوقف المساعدات، أو ضرب مرافق حيوية، الا أن القيادة السياسية وقفت بحزم وقوة ولم تخضع لاى ضغوط اوتهديدات .
دقة مصرية
أكد السفير رخا، إن مصر حريصة على استمرار عملية السلام وعدم هدمها، ومع كل التضحيات التى تحملتها مصر، تعالج الوضع بنظرة مستقبلية متحدية الاستفزازات وخرق اتفاقية السلام، حيث تقوم إسرائيل باستمرار احتلالها لمحور صلاح الدين، والتحدى الآخر هوالقدرة المصرية على التعامل بدقة مع المتغيرات التى تتم أو تمت فى محيطنا العربى والتعامل معها، وما يجب الانتباه له عربيا، هوالتعاضد من أجل مواجهة «غطرسة وتبجح» نتنياهو، بانه سوف يغير الشرق الاوسط وتأديب من يهدد أمن دولتة، وما تقوم به إسرائيل، يعتبر تحدى لقرارات القمة العربية والعالم حين تمنع وصول المساعدات الإنسانية، رغم أنها جريمة حرب ضد الانسانية وعلى وزراة الخارجية «مواجهة» هذا التحدي، من خلال 154 بعثة دبلوماسية ترصد وتعد التقارير وتقدمها إلى مؤسسة الرئاسة، من أجل وضع خطوط التحرك العريضة.
وأضاف: «مصر تمتلك العديد من أوراق القوة والتى يجب استخدامها كالتلويح بمفاتيح عملية السلام، واستخدامه كما تضمن البيان الذى صدر عن الخارجية، وتحدث عن أن مكتسبات السلام مهددة بالخطر، لانه «بدون سلام مع مصر، لا سلام مع إسرائيل»، ولهذا تأتى أهمية التلويح بمكتسبات السلام، إضافة إلى دور مصر فى المنطقة كقوة رئيسية لتمتعها بالقوى الشاملة للدولة، وبالتالى أقوى دولة عربية».
مواقف صلبة
فيما وصف السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق، الدبلوماسية المصرية بخط الدفاع الاول عن الامن القومى المصرى والعربي، وإلى جوار الشعب الفلسطينى منذ بداية النزاع وتعمل من أجل استقرار المنطقة والأهم التصدى لواحد من أخطر المخططات وهو مخطط التهجير القسري، ومصر أدركت من البداية، أن التوجة الإسرائيلى والعملية العسكرية كانت تستهدف اقتلاع الشعب الفلسطينى من أرضه وأعلنت أن هذا المخطط «خط أحمر»، وسعت بجهودها الدبلوماسية واتصالاتها الدولية والإقليمية بالتوصل مع الشركاء «قطر وامريكا «الى اتفاق هدنة تسعى إسرائيل لاختراقه، و مصر هنا تقف موقفا صلبا لاستعادة هذا الاتفاق لعناصره ودعم أمن واستقرار الفلسطينيين من خلال التقدم بخطة بديلة للخطة الإسرائيلية.
وأضاف السفير حجازي، أنه من خلال القمة العربية تقدمت مصر بخطة عملية واقعية، تنهى الأزمة الراهنة وتدفع لاستقرار المنطقة، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، من خلال ثلاث مراحل، و تسعى الخطة إلى أن تكون الـ»6» أشهر الأولى لمرحلة الاغاثة العاجلة، ثم تشكيل 3 مناطق آمنة توفر فيها «المياة والكهرباء»، لأبناء القطاع، ليتمكنوا من البقاء على أراضيهم والانتقال بعد ذلك إلى عملية إعادة الإعمار والتأكيد على أهمية السعى من أجل وضع اطار سياسى لحل الدولتين، من خلال مؤتمر دولى يتبناه التحالف الدولى لدعم حل الدولتين، والذى عقد 4 مؤتمرات، آخرها فى القاهرة منذ أسابيع تحت رعاية وزارة الخارجية، وكان المؤتمر الأول فى الرياض، ثم انتقل الى بروكسل، ثم أوسلوا، ما يعكس اهتماما دوليا لدعم حل الدولتين.
المرحلة الحرجة
ويرى «حجازى»، فى هذة المرحلة الحرجة أنه يجب أن نعبر عن التقدير للقمة العربية، التى شكلت واجهة تظهر الدول العربية فى أفضل صورة «ككتلة واحدة» تعمل ضد التهجير القسرى وتساند المقترح المصرى الذى صار عربيا ويكفل استقرار وأمن المنطقة، والذى يحول دون تغول اليمين الإسرائيلى على حقوق الشعب الفلسطينى وحياته ومستقبل مصيره، ومحاولة اقتلاعه من أرضه.
وأكد على أن : دبلوماسية القمة هامة وضرورية لدعم موقف مصر فى القضية الفلسطينية، وكانت زيارات القيادة السياسية فى المرحلة الأخيرة وآخرها «زيارة إسبانيا» واضحة لاستقطاب المواقف الدولية، على النحو الذى يتضمنه البيان الختامى مع رئيس الوزراء الاسباني، والذى وصف أن ما حدث فى غزة أسوأ الكوارث البشرية فى العصر الحديث، ومعنى ذلك توافق مصر مع دولة بحجم إسبانيا، التى اعترفت بالدولة الفلسطينية وقدمت الدعم للقضية، بجانب التحركات المصرية للعديد من البلدان لتأمين الدعم الدولى والمساندة.
دبلوماسية القمة
وأشار، إلى أن «دبلوماسية القمة» ليست فقط السعى من أجل الدعم والمساندة فى المحافل الدولية، وتغيير مواقف دول لصالح القضية الفلسطينية، ولكن هى تعبر بشكل قاطع عن محددات الموقف المصري، عندما يشير الرئيس السيسي، أن عملية التهجير القسرى «خط أحمر»، و هذة هى الدبلوماسية الجادة الصارمة، التى تحفظ الحقوق وتحمى المصالح وتنقذ المنطقة مما يتهددها، بسبب رعونة وتصرفات اليمين الإسرائيلى المتطرف، إضافة إلى تماهى بعض القوى الكبري، ما سهل عليه إرتكاب جرائمه ولا يزال يماطل، وليس هذا لمصلحة إسرائيل ولا المنطقة وشعوبها، بل يخدم فقط بقاء نتنياهو فى الحكم.
وقال، السفير حجازي، أن القمة العربية أهم الاوراق الضاغطة، لأنها تعبير عن موقف عربى جاد وصادق، وللمرة الاولى منذ سنوات نجد موقفا عربيا متماسكا إلى هذا الحد ضد التهجير القسري، ولدينا فى هذا الاتجاه «القانون الدولى والأمم المتحدة وثقل مصر»، وتجميع الصمود العربى والمساندة الدولية الخارجية»، بالالتقاء مع المسئولين فى منطقة المتوسط ليقدم رؤيتنا للشركاء فى المنطقة والإقليم، وهذه هى الأوراق التى تحملها مصر، بالاضافة الى المصداقية.
هزيمة التهجير
فيما قالت، السفيرة د.مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان، إن الدبلوماسية تجلت فى تعامل مصر مع أزمة الحرب ضد الشعب الفلسطيني، والتى شهدت أقسى انتهاكات حقوق الانسان الفلسطينى لاجباره على الهجرة القسرية، ولكن تمكنت مصر من هزيمة «فكرة التهجير»، إلى دول أخرى مجاورة، ما أجبر أصحاب الفكرة على التراجع واعتبارها توصيات «غير ملزمة»، وذلك لثبات موقف مصر والاردن المنسق.
وأضافت خطاب: للأسف نشهد انتهاك حقوق الشعب الفلسطينى فى عصر حقوق الانسان، وتحركات القيادة السياسة الأخيرة، سواء باستقبال الكونجرس اليهودى والمسئولين الغربيين، أو الزيارات الخارجية للدول للتأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وبناء جسور التقاء حول عدالة القضية الفلسطينية وحل الدولتين وفقا للشرعية الدولية.
وقالت د.مشيرة: «تحركات مصر، متعددة الاهداف، و منها تقديم الاغاثة الانسانية، بجانب التفاوض والوساطة لوقف اطلاق النار، وحشد الامم المتحدة للقيام بدورها، ولم يعد سوى العمل على السعى لتنفيذ حل الدولتين «أى دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتكون عضو فى الأمم المتحدة، وهذا هدف التحركات الدبلوماسية الرئاسية المصرية لصون حقوق الشعب الفلسطيني».
أوراق مصرية
وأضافت : «مصر تمتلك ورقة القانون الدولي، والتى يمكن التلويح بها فى وجه الصلف الإسرائيلي، بجانب ثقل وزن مصر وتدعو إلى إقامة الدولة الفلسطينية باعتراف 143 دولة والضغط على مجلس الامن، رغم حق الاعتراض لإصدار قرار لتفعيل قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم «181 لعام 1948»، المعروف بـ«قرار التقسيم»، بانشاء دولة عبرية ودولة فلسطينية وعلى مجلس الامن اقرار هذا القرار، وقيام دولة فلسطينية حجر زاوية الاستقرار والسلام ليس فى المنطقة العربية، بل فى العالم».
وأشارت، إلى أن المشهد الفلسطينى شهد «قتل الأباء والأمهات والابناء والاطفال، وبتر أطراف انسان، أو حرمانه من العلاج والطعام والماء والتعليم والسكن، وهو ما يعنى تجرع مرارة الظلم والمهانة، ولهذا «ان لم تحل قضية الشعب الفلسطيني، سيبقى الفلسطينى «مشروع مقاوم»، ما يعنى استمرار التوتر والعنف وعدم الاستقرار، وعلينا الاستفادة من موقف الأمين العام للامم المتحدة، المساند للقضية العربية وبابا الفاتيكان وملك إسبانيا، ما جعل شعار لا لتهجير الفلسطينيين رأى عام على مستوى بعض المسئولين فى الاتحاد الأوروبى والمفوضية السامية لحقوق الانسان وعدد من المؤسسات الحقوقية العالمية.
وقال، السفير جمال بيومى مساعد وزير الخاجية الأسبق، أن الدبلوماسية الرئاسية المصرية، تشهد أروقتها حراكا نشطا، انطلاقا من أنها «دبلوماسية دولة تحمى ولا تهدد، تدافع ولا تبدد»، والدبلوماسية المصرية رائدة وكل من اختلف معها ندم واتبعها، وسياسة مصر الخارجية ومهارات التفاوض، أدت إلى استرداد كامل التراب الوطني، بما فيها طابا بعد التحكيم الدولي.
وأضاف السفير بيومى: «مساندة مصر ودفاعها عن القضية الفلسطينية، نابع من الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربي، والذى يبدأ من اللاذقية فى سوريا، حين ذهب الجيش المصرى منذ 2000 عام قبل الميلاد لتحريرها من الهكسوس وصلاح الدين الأيوبى الذى حرر القدس من الغزوالصليبي، والقيادة السياسية أعادت لمصر أهم اسلحتها المعروف بـ»دبلوماسية المطارات والدبلوماسية الرئاسية»، ونجد الرئيس السيسى يجوب العالم من أجل المصالح العليا لمصر، سواء الاقتصادية والتمنوية، والحصول على تمويل لمشروعات صناعية مدرجة فى خطة التنمية.