تواجه الأهداف المرسومة والخاصة بخارطة التنمية المستدامة التى وضعتها الأمم المتحدة مشكلة كبيرة.. فعلى الرغم من بعض التقدم المحرز فيها، لكن ظهرت على مر السنين فجوات واسعة النطاق فى التنفيذ فى جميع الأهداف السبعة عشر، والتى تهدف إلى معالجة كافة القضايا الملحة بدءاً من الفقر والجوع والمساواة بين الجسنين، وحتى الوصول إلى التعليم والطاقة النظيفة ونهاية بالتعاقدات المشتركة وما يدعو للقلق تلك التصريحات التى أكدها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش بأن معدل التنفيذ الفعلى لتلك الأهداف الـ 17 بماقصدها الـ 169 ومؤشراتها الـ 231 لا تتجاوز من قبل دول العالم 15٪ فقط، وأن 50٪ من الدول انحرفت تماماً عن الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية للأهداف الـ 17، ولكن الكارثة الحقيقية أن النسبة الباقية وهى 35٪ من دول العالم تراجعت للخلف معيشياً وتنموياً وبيئياً، وبذلك يخرج مضمون ورسالة تلك الخارطة العالمية التى وضعت من أجل رفع مستوى معيشة سكان العالم بالكامل، وتطوير وتنمية وسائل وأساليب الإنتاج، مع توجيه هذه الوسائل والأساليب نحو الحفاظ على الموارد الطبيعية بكوكب الأرض خارج حيز التنفيذ، وبالتالى خارج شعار هذه الخارطة العالمية التى تقوم على «لا يوجد أحد بالخلف»، وبذلك نجد أنه من الضرورى تشخيص هذا الوضع الكارثى على العالم، مع التنبه بضعف الاهتمام العام بتحقيق الأهداف من قبل بعض الدول وهى ليست بالقليلة، كذلك التوترات الجيوسياسية، وربما الأهم من ذلك، جائحة فيروس كورونا العالمية، والأزمة الروسية ــ الأوكرانية، والأزمات الإقليمية خاصة فى منطقتى الشرق الأوسط وإفريقيا، والتى نعتقد أنها تمثل أغلب الدول التى تراجت مؤشراتها عن تلك المرسومة بخارطة الطريق الاقتصادية والاجتماعية التى وضعتها الأمم المتحدة عام 2015، والدليل على ذلك أنه بوجود حوالى 2200 ملياردير حول العالم تتجاوز ثرواتهم 10 تريليونات دولار، لا نجد أكثر من 100 من هذا العدد على الأكثر فى منطقتى الشرق الأوسط وإفريقيا، وهذا دليل على أن ثروات هاتين المنطقتين الشرق الأوسط وإفريقيا تذهب خارج الحدود، ولكن ما يدعو للدهشة وبصورة تجعلنا أكثر تيقظاً لمستقبل الأجيال القادمة، أن صعود ملياردير واحد عالمياً يعقبه فوراً دخول ثلاثة أرباع مليار نسمة دائرة الفقر المدقع.
لذا نرى أن أهداف التنمية المستدامة بحاجة إلى خطة إنقاذ عالمية، ويقيناً فإن آليات التنفيذ التى أقدمت عليها مصر بداية من عام 2016 وحتى الآن برغم الظروف والأزمات العالمية والإقليمية المحيطة بالدولة المصرية إلا أن الروح والإرادة السياسية المصرية القوية وقفت حائط صد منيعاً أمام محاولات إفشال خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئة المصرية، فقد جاء مشروع حياة كريمة ليمثل أحد أهم المشروعات التنموية الذكية على مستوى العالم، مما جعل الأمم المتحدة تضع هذا المشروع على منصتها العالمية، ورغم الأزمات والعثرات إلا أن استمرار تنفيذ هذا المشروع كان هو النجاح الحقيقى أمام العالم، فهذا المشروع يقوم على الإنسان المصرى هو أساس التنمية الحقيقي، وأن الحفاظ على الموارد الطبيعية هو رسالة الإنسان المصرى لأحفاده لذا فإننا ومن خلال استعراض أهداف ومقاصد ومؤشرات إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة نجد أن هذا المشروع يساهم فى تفعيل عشرة أهداف على الأقل من أهداف التنمية المستدامة العالمية، وقد لاقت دعوة مصر فى الاعتماد على الحلول القائمة على الطبيعة صدى كبيراً عالمياً منذ قيام الرئيس السيسى بتدشين مشروع الهيدروجين الأخضر قبل انعقاد مؤتمر المناخ العالمى cop 27 فى شرم الشيخ، حيث تم رفع التمويل المخصص للحلول القائمة على الطبيعة من 150 مليار دولار عام 2021 إلى 154 مليار دولار عام 2022، على الرغم من أنها لا تزال أقل من نصف الـ 384 مليار دولار المطلوبة.
وتبقى المعضلة الكبرى من وجهة نظرنا أن المعلومات المضللة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى تمثل أكبر تهديد قصير الأجل فى العالم، وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.