مع التطور الهائل والسريع الذى تشهده صناعة الإعلام.. خاصة بعد ظهور وسائط جديدة أبرزها وسائل النت والتواصل الاجتماعى التى تمكن أى شخص بأن يصبح صانعاً لمادة إعلامية يمكن أن تجذب جمهور المشاهدين على شاشات المحمول التى فى أيدى الجميع.. حتى ولو كانت سطحية أو تفتقد المهنية.
أصبح مقدمو البرامج التليفزيونية والتوك شو على القنوات الفضائية فى مأزق كبير نظراً لشدة المنافسة وكثرة البرامج والمذيعيين مع محدودية نفس الأحداث والمجريات التى تجعلهم صورة متكررة أمام المشاهد.. لذا فهم كثيراً فى مواقف لا يحسدون عليها فى ظل مساحات زمنية يومية عليهم أن يقدموها لمشاهد صار أكثر وعياً، وايضا أكثر مللاً وساما.. ويشاركه ايضا معلن تجارى يبحث دائماً عن الأكثر رواجاً وإنتشاراً.
ومن هنا صارت المسألة فى غاية الصعوبة للكثيرين، وإن كنا لا ننكر أن البعض منهم يملك الكاريزما أو الموهبة والقبول التى تجعله يحظى بمشاهدة أكثر فى هذه الميديا المفتوحة والسباق الرهيب مع عوالم الرياضة والفن والمسلسلات والبرامج الدينية وغيرها.. فى ظل نظرية إعلامية أبدية صحيحة تؤكد أن الإنسان كائن متطفل يريد أن يعلم.
<<<
ومن هذا المنطلق يبحث بعض مقدمى البرامج الفضائية عن المثير والجاذب من الأحداث والأشخاص خاصة من الذين غابوا عن مسرح الأحداث ويرتبطون بعهود وأنظمة سابقة كثيراً ما يثار الجدل أو الغموض حولها سواء كانوا سياسيين أو فنانين أو شخصيات عامة وضعتها الظروف فى مواقف حرجة.
وهذا ــ بالتأكيد ــ فى حد ذاته لا غبار عليه.. ولكن أن يلتقط بعض مقدمى هذه البرامج شخصيات بعينها وهى فى سن متأخرة من العمر نال من صحتها الذهنية أو العقلية الزمن، وأرهقتها السنون حيث أصابها الترهل أو عدم التوقف والتدبر قليلاً قبل الإفراط فى الحديث والوقوع فى الخطأ أو ما يقلل من قدر هؤلاء الأشخاص الذين يحتفظ الناس لهم بقدر من الاحترام والهيبة.. فهذا لا شك أمر لا يليق بالاعلام أولاً قبل تلك الشخصيات التى وقعت فى مصيدة هؤلاء الإعلاميين الباحثين عن الجذب وشد الانتباه.
وفى هذا الأمر أشير إلى ما حدث مع وزير مرموق أسبق أمضى فى حقبته السياسية أكثر من 20 عاماً وكان له بصماته الواضحة على الذى أداره بكفاءة وإبهار زاد من قيمة مصر الحضارية على نطاق الداخل والخارج على السواء.
فليس من الميثاق الأعلامى غير المكتوب أن يوقع هذا الاعلامى الكبير ــ الذى لا ننكر ذكاءه وحرفيته ــ هذا الشخصية العامة فى اسئلة تتناول حياته الخاصة حتى أنه يسأله لماذا لم يتزوج ولماذا حرم نفسه من متعة الزواج ؟!.. فيضطر هذا الوزير اللامع أن يجيب إجابة عفوية لا تليق به أو تاريخه قائلا:»إذا كنت تقصد الزواج بما هو فى بالك.. فإننى بهذا المعنى كثيراً ما حدث»!!.
بالطبع الإجابة كانت صادمة لوزير مرموق سابق ينظر له الكثيرون باعتباره مثلاً أعلى أو قدوة خاصة فى مجاله الذى من أهم صفاته أنه يدخل فى إطار القيم الإنسانية الرفيعة التى تعلى من قيمة الإنسان ولا تهبط به إلى حد الإنحطاط والبحث عن إشعاع الغرائز خارج الأطر التى أحلها الله وحرمها على البشر.
للأسف يحدث مثل هذا الصيد الاعلامى الرخيص مع كثير من الشخصيات كبيرة السن خاصة مع الفنانين والفنانات الذين يجعل منهم هذا الاعلام الخبيث «فرجة» و«مهزلة» وهم فى آواخر عمرهم، وقد يجعلهم يفقدون محبة الناس وإحترامهم لهم ولتاريخهم.
أتصور أنه من الصعب مطالبة مجالس الإعلام المسئولة بوضع ضوابط حاكمة للأداء الإعلامى خاصة مع الشخصيات العامة كبيرة السن.. ولأن ذلك هو مسألة ضمير حاكم للإعلامى الواثق من مهنيته الذى يحترم ضيفه ويحترم المشاهد فى المقام الأول، ويعمل حساب لكبر السن وأرزل العمر بكل ما يحدث معه من تراجع إنسانى يصيبنا جميعاً إن أجلاً أو عاجلاً.. ورحم الله رواد الاعلام الأوائل الذين مازالت برامجهم على وسائل التواصل الاجتماعى تنضح بالنضج والاستاذية والاحترام الذى يجب أن يتعلم منه المعاصرون الكثر الذين يطلون علينا ويدخلون بيوتنا عبر الشاشات المعلقة على الحوائط أو التى فى أيدينا..!!.