من أجل فهم الأسباب الحقيقية وراء تلكؤ وتشدد «نتنياهو» ومشروع «ترامب» فى غزة وما يسوقه من حجج ومبررات لتبرير تفريغ القطاع والتهجير لابد من الرجوع إلى الأهداف الحقيقية لإسرائيل و«الحلم الصهيونى» فى أرض الموعد.. كما لابد أن نفرق مابين ما يسمى بالأهداف الثابتة التى عادة ما يتم تغليفها بمسحة دينية لإضفاء صفة القدسية عليها ومن ثم لا يجوز المساس بها إذ أنها عبارة عن نصوص توراتية تم تسييسها ومن ثم اكتسبت قدسية النص التوراتى.. أما فيما يتعلق بما يسمى بالأهداف المتغيرة فهى عادة ما تكون مرحلية نتيجة عدم ملائمة الأجواء السياسية الإقليمية والعالمية السائدة لتنفيذ الأهداف الثابتة والانتظار إلى أن يتم تهيئة الظروف لتحقيقها.. يؤكد «ماثيو موبيك» فى مقال «بجريدة التايمز» بعنوان: «نتنياهو» يبلغ «ترامب» بأن إسرائيل يجب أن تكمل انتصارها» قائلاً: خلال المكالمة الهاتفية التى أجراها لتهنئة «ترامب» بفوزه فى الانتخابات التى وصفها بالودودة والدافئة وأبلغه بأنه سيبذل قصارى جهده لتحقيق السلام فى المنطقة.. واستطرد «موبيك» قائلاً كان رد «ترامب» عليه بأن إسرائيل بحاجة إلى استكمال انتصارها على وكلاء إيران وإعادة الرهائن من «غزة» ناهيك عن أنه يدرك تماماً ماهية الأهداف الإسرائيلية وحدود «أرض الموعد» أو ما يطلق عليه «الملك الصهيونى».. تلك الحقيقة يوضحها لنا «جاستن صالحانى» فى مقال بعنوان «لماذا تريد إسرائيل البقاء فى غزة « قائلاً تحدثت إسرائيل خلال الأيام التى سبقت رد «حماس» عن المرحلة التالية حتى وإن كانت تعد مرحلة صراع أقل حدة فهى صراع من شأنه أن يبقى الجنود الإسرائيليين على الأرض ويعطى الأولوية لاستمرار القتال ولو على حساب إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين لدى «حماس».. واستطرد «جاستن» قائلاً: قد يعتقد الكثيرون أن الهدف الحقيقى لإسرائيل هو التواجد الدائم فى غزة وتصفية الوجود الفلسطينى هناك والتطهير «العرقى» لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.. بيد أن قوة المقاومة الفلسطينية لا تنبع من حكمها ولا هوية وتوجه المجموعة الحاكمة بل من وجود مجتمع «فلسطينى موحد».. من بين تلك التحليلات ما صرح به «إيال لورى» «بمعهد الشرق الأوسط» قائلاً منذ فترة طويلة تمركز الهدف الرئيسى لإسرائيل حول تحويل غزة إلى منطقة تابعة للضفة الغربية وإدارة الوضع الأمنى والعسكرى وإن لم يكن بنفس القدر فيما يتعلق بالمسائل المدنية.. ناهيك عن معضلة إسرائيل التى تظهر بجلاء فى معارضة «نتنياهو» قيام دولة فلسطينية مستقلة كما أن المقترحات البديلة التى طرحها لم تحظ بقبول واسع من المجتمع الدولى وحتى لو رضخ للاستياء الداخلى المستمر منذ فترة طويلة فليس هناك ما يضمن حدوث تغيير فى سياسة الدولة الإسرائيلية.. ويستطرد «جاستن» قائلاً إن الجهود العسكرية الإسرائيلية تهدف إلى جعل هذه المقترحات بمثابة قواعد ثابتة مما يعنى استمرار الحرب حتى تهزم إسرائيل عسكرياً أو تجبر على الانسحاب من قبل الولايات المتحدة.