> أسعد كثيراً عندما أجد أن غير المتخصصين فى الشأن السياحى يتناولون هذا الشأن.. ربما بدافع الحرص على صالح الوطن والرغبة فى أن تكون هناك طفرة فى الحركة السياحية الوافدة الينا.. مع ارتفاع فى دخلنا السياحي.. ذلك أن أى كتابة سياحية فى هذا المجال اضعها فى خانة الوعى والتوعية أيضا بأهمية السياحة.
> هذا كله أمر جيد.. ولكن أحياناً ما يستند من يكتبون من غير المتخصصين إلى أرقام خادعة.. أو بيانات غير سليمة.. أو مبالغات فى جلد الذات.. أو حتى معلومات غير موجودة فى الواقع.. ولهذا أجد من المفيد إيضاح ما لابد من إيضاحه.. فى سعينا المشترك من أجل مساندة ودعم صناعة السياحة المصرية.. وتحقيق المزيد من الوعى بأهميتها.
>>>
> من هنا أعود مرة أخرى إلى إيضاح الفارق أو بعض الفوارق أمام هواة المقارنات بين مصر وإسبانيا.. وفرنسا.. وتركيا.. وغيرها من الدول السياحية التى تفوقنا بمراحل فى مقومات استقبال الحركة السياحية.. أو فى مواقعها الجغرافية فى وسط الأسواق السياحية.. مما يعطيها ميزة نسبية تنافسية فى وصول السياح إليها.
> فأهم الأسواق السياحية لمصر الآن تقع فى أوروبا.. وهى تقدم لنا مابين 70 و80٪ من الحركة السياحية الوافدة إلينا.. ولا سبيل للسائح القادم من أوروبا غير الطيران.. ومتوسط المسافة الزمنية من دول أوروبا إلى مصر تقدر بنحو أربع ساعات.. وهذا يمكن ترجمته إلى وقت.. وتكلفة.. وإمكانية زيادة ترددات الطيران.
> فهل تجوز المقارنة بين مصر وأسبانيا مثلا أو فرنسا أو تركيا أو إيطاليا.. ومتوسط ساعات الطيران بينها نحو ساعتين.. وقد تقل عن ذلك أو تزيد قليلا.. فبينما تقوم الطائرة برحلة واحدة إلى مصر.. يمكنها فى نفس الفترة الزمنية.. أو أكثر قليلا.. القيام برحلتين إلى أى من دول أوروبا.. أى ببساطة نحتاج إلى ضعف عدد الطائرات الناقلة للحركة إلينا.. مقارنة بعدد الطائرات العاملة بين أى مقصدين من مقاصد أوروبا.
> هذا جانب واحد.. جوانب أخرى عديدة فى مقدمتها حرية التنقل فى إطار الاتحاد الأوروبى والسفر بينها بالبطاقة الشخصية.. وليس بجواز سفر.. وبدون تأشيرات.. والدليل على هذا أن بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبى فقدت الكثير من زوارها الأوروبيين وبنسبة لا تقل عن 25٪.
> الانتقال بين دول أوروبا ليس فقط بالطائرات.. بل أيضاً بالقطارات والأتوبيسات.. ومعظمه بالسيارات الخاصة.. التى تسمح بتكرار الزيارة خاصة فى أيام الإجازات وفى أى وقت يريده السائح.. وكل من الطائرات والقطارات والأتوبيسات رخيصة جداً نسبياً قياساً إلى مستوى الدخول.. وشركات الطيران منخفض التكاليف تجد سوقاً رائجة وتسهل تماماً التنقل بين مختلف أنحاء أوروبا.
>>>
> هل بعد كل هذه الفوارق فى بند واحد فقط هو الانتقال وتكلفته ويسره وكثرة تردداته.. يمكن أن تصح المقارنة بين وصول السائح الأوروبى إلى مصر.. ووصوله إلى فرنسا أو أسبانيا أو تركيا أو غيرها داخل أوروبا؟.. ألا يمكن بكل ثقة أن نقول إنها مقارنة فاسدة.. افتقدت أهم شروطها وهو التساوى فى الظروف والمراكز؟!.. فماذا لو أضفنا إلى هذا عوامل أخرى عديدة.. أهمها على سبيل المثال الطاقة الفندقية التى تستوعب الحركة السياحية الوافدة؟.
> بداية مصر تمتلك أقل من ربع مليون غرفة فندقية.. إسبانيا على سبيل المثال التى تكثر المقارنة بها تمتلك أكثر من نصف مليون غرفة فندقية.. وأكثر من مليون شقة فندقية.. فكيف يمكن أن نتساوى مع إسبانيا فى استقبال ما تستقبله من سياح؟.
> منذ أكثر من عامين وربما ثلاثة أعوام ونحن نتحدث عن إستراتيجية جديدة للسياحة المصرية تهدف إلى استقبال 30 مليون سائح عام 2028.. ونظراً لاستحالة تنفيذ هذا الرقم فى هذه الفترة القصيرة.. مع النقص والقصور الواضح فى كافة الإمكانات الكفيلة باستقبال هذا الرقم.. جاء وزير السياحة والآثار بخطوة واقعية.. وهى تأجيل تحقيق هذا الهدف إلى ثلاث سنوات إضافية.
> على ضوء ما حدث منذ تولى الوزير شريف فتحى منصبه حتى الآن.. لم نتقدم كثيراً فى الهدف المطلوب تحقيقه فى إنشاء الفنادق.. لكى نصل إلى نصف مليون غرفة فندقية.. ولا ذنب للوزير فى هذا.. إنما هو تقاعس المستثمرين عن القيام بمشروعات فندقية جديدة.. أهمها انتظارهم لتقديم مبادرات فى تسعير الأراضى التى ستخصص لإنشاء الفنادق.. أو الأخذ بمشاركة الحكومة فى المشروعات الفندقية الجديدة بقيمة الأرض.. وتقييم هذه الأراضى بما يعادل مابين 10 و15٪ على الأكثر من تكلفة إنشاء المشروع الفندقي.
> مثال آخر.. ومنذ انتقال الوزارات والهيئات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة.. وحتى قبل ذلك.. ونحن نتحدث عن تحويل المبانى التى كانت تشغلها إلى مشروعات فندقية.. الكل يتحدث عن هذا.. ولا خطوة إلى الأمام فيها إلا منذ أيام حينما أعلن رئيس الوزراء عن اعداد شروط ومخططات ومواصفات الطرح لهذه المبانى للاستثمار الفندقى فى يونيو القادم.. وكان يمكن البدء فى إعداد هذه المخططات لسنوات سابقة قبل الانتقال.. لتكون جاهزة للتنفيذ عند حدوث الانتقال.
>>>
> هل يمكن للذين يقارنوننا بإسبانيا وغيرها أن يحدثونا كيف؟.. وهذه هى الفوارق فى بندين اثنين فقط.. الانتقال والإقامة؟.. فماذا عن باقى البنود التى نحتاجها.. مثل توفير وسائل الانتقال السياحى الداخلى بالأتوبيسات السياحية.. أو بالطيران الداخلي.. وطبعا إلى جانب الطيران الناقل للسياح من الخارج.. أو حتى أعداد العمالة المدربة اللازمة لخدمة ماسوف نستقبله من سياح.
> جوانب أخرى كثيرة.. كنت أريد أن أشير اليها.. أو أرد عليها فى مقال قرأته أخيراً لواحد من غير المتخصصين.. ولا أريد أن أسميه منعا للحرج.. ولكن ماذكره من بيانات وأرقام ومعلومات يحمل الكثير من عدم الدقة.. وعدم الصحة.. والمغالطات أحيانا.. فهل يمكن أن نقول نحن أيضاً «والله عيب».. وهو ما يستحق مقالاً قادماً بإذن الله.