بعد الانتصار التاريخي الذي حققه ترامب والذي حمله مجددا إلى البيت الأبيض تعددت الرؤى والآراء حول المتغيرات المتوقعة جراء هذا الزلزال اليميني المتطرف الذي ضرب الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، وبعيدا عن تطرف تلك التحليلات بين التفاؤل المفرط أو التشاؤم المبالغ فيه استمعت مؤخراً وبعد إعلان النتيجة إلى جملة من القراءات المبنية على حزمة من المعلومات التي تم تجميعها من بعض الدوائر شديدة الصلة بترامب نفسه، ويمكنني هنا القيام بسرد سريع واستعراض مختصر لأهم تلك القراءات.
>>>>
في البداية يمكن تقسيم تلك القراءات وفقا لثلاث مراحل زمنية، الأولى الفترة الحالية وقبل التنصيب الرسمي في العشرين من يناير القادم، أما المرحلة الثانية فتبدأ من يوم التنصيب ولمدة 100 يوم، والمرحلة الثالثة تمتد طوال فترة حكم ترامب المتبقية، في الفترة الأولي سيكون اهتمام ترامب بتشكيل الفريق المعاون من وزراء الدفاع والخارجية والمخابرات المركزية والأمن الوطني والقومي والخزانة إلى آخر تلك الحقائب شديدة الأهمية، المعلومات الواردة تؤكد ان اختيارات ترامب لن تخرج عن تلك الأدوات المعاونة له في الحملة الانتخابية والذين ينتمون إلى اليمين الترامبي الذي اصبح شبه أيديولوجية لها ما لها وعليها ما عليها، في نفس التوقيت سيدفع ترامب ساحات الصراع في روسيا والشرق الأوسط إلى الاستعداد لإيقاف تلك المعارك ووقف أصوات المدافع على الأوضاع الحالية
>>>>
مع بداية دخول ترامب البيت الأبيض سيكون أمامه أربعة ملفات محددة، الأول السيطرة على التضخم والثاني تخفيض الضرائب والثالث تنظيم الهجرة وليس منعها الرابع وقف إطلاق النار على كافة الجبهات في روسيا والشرق الأوسط وتمهيد الأجواء لمفاوضات بنظام الصفقات وسيغلب على تلك القرارات الطابع السريع والمفاجئ ، في هذه الأثناء سيكون هناك مقاومة من بقايا الحزب الديمقراطي والذين معه، وستظهر على السطح مجموعة من العقبات امام تطبيق وتنفيذ تلك الأجندة على ارض الواقع، لكن اختيارات ترامب لفريقه المعاون توضح بجلاء ان هناك اصراراً على نجاح الخطة من خلال اختيارات الأدوات القادرة على تنفيذها بقناعة شبه ايديولوجية
>>>>
بعد المائة يوم سيكون امام ترامب ثلاثة ملفات مهمة واستراتيجية طويلة الأجل وتمثل لب الفكر الترامبي في تغيير الواقع والتحكم بمفرداته وثوابته، الملف الأول هو الصين حيث يسعى ترامب الى محاصرة الصعود الصيني واختزال التنافس على المجالات الاقتصادية فقط ومنع الصين من الحصول على تفوق عسكري واستراتيجي ، الملف الثاني هو إتمام واستكمال المسار التطبيعي بين العرب واسرائيل خاصة التطبيع بين تل ابيب والرياض وإعادة إطلاق قطار البيت الإبراهيمي مجددا وهذا الملف مرتبط بنجاح خطة وقف إطلاق النار خلال الأشهر الثلاثة الأولى، أما الملف الثالث وهو الأهم والذي سينبثق من نجاح ادارة هو ملف الصين واسرائيل كما اسلفنا وهو اعادة رسم صورة النظام العالمي الجديد وفق أسس اقتصادية بحتة، سيكون الاقتصاد هو محرك الأحداث وستتحول الصفقات إلى لغة عالمية،
>>>>
علينا ان ننتظر وننظر من الآن إلى مفردات ومكونات هذه الخطط الترامبية ومدى تنفيذها على ارض الواقع، نتوقع وفقا لهذه الرؤية ان تشتد الضربات الاسرائيلية على لبنان وفلسطين وربما الحوثي وتشتد الضربات الروسية على أوكرانيا بهدف خلق واقع جديد يمكن البناء عليه أثناء الجلوس على موائد المفاوضات، بعدها سيتوقف صوت المدافع تمهيدا للمفاوضات النهائية ثم ترتيب النظام العالمي الجديد
.. وإنَّا لمنتظرون.