وسط إجماع إفريقى على تأييد المرشح المصرى لـ «اليونسكو» د. خالد العناني فاجأت الكونغو الجميع بالخروج على هذا الإجماع وطرحت مرشحًا منافسًا دون أي مقدمات والغريب أنه خلال زيارة وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى إلى العاصمة برازافيل في 5 مارس الماضي صدر بيان مشترك أعلن فيه الجانب الكونغولى انضمامه للتوافق القارى ودعم المرشح المصرى.
ووفق هذا البيان نشرت الصحف الكونغولية نفسها خاصة الصحف الرسمية أخبار هذا التوافق «المصرى – الكونغولى» والتأكيد على دعم العناني تحقيقا للرؤية المشتركة بين البلدين.. ولذلك عندما تفاجئ الكونغو الجميع وتطرح المرشح فيرمين إدواردو ماتوكو المدير العام المساعد لإدارة أفريقيا والعلاقات الخارجية وممثل المنظمة في أثيوبيا بعد هذا البيان المشترك بأيام قليلة، فهذا يمثل علامة استفهام كبيرة أولا لأنه يخالف ما أعلنته القيادة والدولة الكونغولية نفسها، وثانيا لأنه يصب فى مصلحة المرشحة المكسيكية جابرييلا إلبان راموس ضد المصالح الإفريقية وحق القارة أن يكون لها تواجد مستحق في قيادة هذه المنظمة العريقة، والمرشح المصرى بجانب حالة التوافق الإفريقية والعربية عليه، فهو أيضا شخصية مؤهلة وتمتلك كافة المواصفات التي تجعله جديرًا بالمنصب وممثلا يليق بالقارة، سواء باعتباره متخصصاً في ملف الآثار أو جهوده الكبيرة في هذا المجال طوال السنوات الماضية وكذلك انتماؤه للفرانكفونية وإجادته التواصل بثلاث لغات، كما أنه اسم معروف في جامعات عالمية والعديد من المؤسسات العلمية المعنية بالآثار وعلم المصريات وأيضاً مصر كدولة لديها حضارة عريقة ولديها رصيد تراثي ضخم يجعلها من أهم الدول الأعضاء بالمنظمة.
الموقف الكونغولى بالتأكيد مثير للحيرة، ويتطلب مراجعة أفريقية شاملة، لأنه يعكس أمراً غاية فى الخطورة، وهو عدم الالتزام بالتوحد القارى فيما يخص مصالحها وتوافقاتها، خاصة أن المرشح «ماتوكو» لم يكن مطروحا في الصورة بالمرة.
ولهذا فإن بعض العواصم الإفريقية أبدت تعجبها من هذا الموقف المفاجئ والذى خالف التوافق الكامل وقرارات الاتحاد الإفريقي.. وهناك من يحاول الحوار مع القيادة فى الكونغو للتراجع عن هذه الخطوة الغريبة وتنفيذ تعهدها بدعم المرشح المصرى من جديد، باعتباره مرشح القارة السمراء ومعبرا عن مشروعها في «اليونسكو».
إن مصر على مدار السنوات الماضية أثبتت بالفعل والقول إنها حريصة على العلاقات القوية والمصالح المشتركة مع كل الأشقاء الأفارقة، بل وأكدت أنها مدافع صلب عن المصالح الأفريقية والتنسيق والتشاور المستمرين مع الجميع بل وشهدت السنوات الأخيرة إصراراً مصريا على ترفيع العلاقات مع أغلب دول القارة إلى المستوى الإستراتيجي دعما للمصالح المشتركة وهو ما يعكس رؤية مصر للقارة وتقديرها لكافة دولها وإيمانها بأن التعاون بينهم أصبح فرض وواجب وهذا ما يؤكد عليه الرئيس السيسى دوما، وعندما طرحت مصر اسم الدكتور خالد العناني كمرشح لـ «اليونسكو» كانت حريصة على أن يكون مرشحاً عربياً وأفريقيا وليس مصرياً فقط، وأن يحظى بالتوافق الكامل وبالفعل استجاب الجميع المصر تقديرا لمكانتها وثقة في قيادتها ومنحوا التوافق عربيا وأفريقيا للمرشح المصرى مؤكدين على دعمه بالشكل الملائم.
ولكن القرار الكونغولى المفاجئ جاء غريباً ومثيرا للدهشة، لأنه تم دون أية مقدمات أو محاولات للتشاور، ونتمنى أن تشهد الفترة القادمة تصحيحاً لهذا الأمر الذي لا يتناسب مع قارة عريقة يحاول قادتها الوصول إلى التماسك والتعاون من أجل مستقبلها وأن تكون صاحبة نفوذ وتأثير عالمي.
لقد بات الأمر يتطلب تعاوناً أفريقيا ودعما لمصر فى هذا الملف ومساندة المرشحها، سواء بدعمه المباشر، أو الحوار المستمر مع برازافيل وإقناعها بأهمية تغليب المصلحة العليا المشتركة والتراجع عن الدفع بمرشحها الذي لا يمتلك فرصا حقيقية بل سيضيع المنصب من أفريقيا بينما لدى العناني مساحة كبيرة للفوز إذا حدث التوحد القارى والعربي خلفه.