كتب- سلوى عزب وشريف عبدالحميد:
المقال المشترك للرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والذى نشر بالتزامن فى عدد من الصحف المصرية والعربية والفرنسية والأمريكية والذى طالب فيه القادة الثلاثة بوقف فورى لإطلاق النار فى غزة هو رسالة للمجتمع الدولى والعالم بأسره بضرورة التحرك الفورى ومواصلة الجهود للتوصل إلى حل شامل ودائم وسريع للقضية الفلسطينية.. وهو خارطة طريق واضحة المعالم والأهدف لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.. وصرخة مدوية لضمير العالم بإنهاء أزمة الشعب الفلسطيني.
خبراء الدبلوماسية المصرية ورجال الفكر والعلوم السياسية وصفوا المقال المشترك بانه رسالة جاءت فى توقيتها للمجتمع الدولى وخارطة طريق لإنهاء الأزمة.
أكد اللواء محمد إبراهيم نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية ان الرئيس السيسى قام ببلورة متكاملة للرؤية المطلوبة لحل أزمة غزة من خلال المقال المشترك مع كل من العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون.. فقد حدد المقال الأسس اللازمة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ولا يمكن ان نفصل المقال المشترك الذى صاغه الرئيس مع كل من العاهل الأردنى والرئيس الفرنسى عن الجهود المصرية المكثفة والمبذولة على مدار الشهور السابقة وحتى الآن من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ووضع حد لهذه الكارثة الإنسانية التى تتفاقم يوما بعد يوم ومن ثم فإن التحركات المصرية تتواصل وتتنوع مجالاتها إدراكا منها ان استمرار هذه الحرب تمثل خسارة للجميع بل ويمكن ان تقود المنطقة إلى انفجار غير محسوب ولا يمكن السيطرة عليه.. مشيرا إلى أن المتعمق فى جوهر المقال يرى ان أحد العوامل الايجابية التى حققتها القيادة السياسية تتمثل فى بلورة تكتل إقليمى ودولى أصبح على قناعة كاملة بضرورة الوصول إلى حل سياسى للقضية الفلسطينية ككل على أن يبدأ هذا الحل بوقف إطلاق النار فى غزة ثم الانطلاق نحو مراحل أخرى من زيادة حجم المساعدات وإعادة الإعمار واستئناف المفاوضات السياسية وصولا إلى حل الدولتين.
أوضح إبراهيم ان المجتمع الدولى أصبح أيضا يتبنى كافة المواقف التى عبرت عنها القيادة السياسية المصرية منذ عقد مؤتمر القاهرة الدولى للسلام فى 21 أكتوبر الماضى والذى شاركت فيه 34 دولة وكلها مبادئ رئيسية إذا تم التزام كافة الأطراف بها سوف تكون الأساس الملائم للتسوية السياسية المنشودة.. ومن المهم ان نشير إلى انه بالتزامن مع نشر هذا المقال المتفرد كانت هناك جولة من جولات التفاوض بالقاهرة بذلت فيها مصر كل الجهود الممكنة مع الأطراف الأخرى المنخرطة فى العملية التفاوضية من أجل التوصل إلى الهدنة الإنسانية التى سوف تفتح المجال أمام حل الأزمة ويمكن القول ان الفترة القادمة سوف تشهد مزيدا من تكثيف الجهود المصرية حتى يتم التوصل «إلى الوقف الدائم لوقف إطلاق النار وهى الخطوة الأهم التى سوف يتم البناء عليها نحو إنجاز خطوات سياسية أخرى تحقق طموحات الشعب الفلسطينى الصامد».
وأوضح اللواء محمد إبراهيم أن أهمية هذا المقال تنبع من أنه قد اشتمل على نقطتين رئيستين، الأولى أن من صاغ هذا المقال هم ثلاث من أهم قيادات دول العالم المنخرطة فى أزمة غزة وخاصة كل من مصر والأردن اللتين تعتبران القضية الفلسطينية جزءاً رئيسياً فى أمنهما القومي، بالإضافة إلى الدور الإيجابى والنشط الذى تلعبه فرنسا على المستوى الدولي، والنقطة الثانية تتمثل فى توقيت المقال الذى تم نشره فى سياق المفاوضات المكثفة الجارية التى تستهدف الوصول إلى الهدنة الإنسانية.
وأضاف: «القيادات الثلاث أكدت أن حل أزمة غزة لابد أن يشمل ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول يتضمن الإجراءات العاجلة المطلوب تنفيذها على الفور، واشتمل المحور الثانى على الخطوات الواجب اتخاذها فى مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، والتى ستؤدى فى النهاية إلى التوصل إلى حل شامل للقضية الفلسطينية، أما المحور الثالث فقد تضمن مجموعة من المبادئ الأساسية التى يجب على الجميع احترامها والالتزام بها».
وتابع أنه فيما يتعلق بالإجراءات العاجلة فقد ركز المقال على دعم المفاوضات التى تتوسط فيها كل من مصر وقطر والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن والمحتجزين، وكذلك التنفيذ الفورى لقرار مجلس الأمن رقم 2728 الداعى للوقف الدائم لإطلاق النار والإفراج الفورى عن جميع الرهائن.
وأكمل أن المقال حذر من العواقب الخطيرة للهجوم الإسرائيلى على مدينة رفح الفلسطينية الذى سوف يؤدى إلى التهجير الجماعى وتصعيد التوتر الإقليمي، بجانب الحاجة الملحة إلى زيادة هائلة فى توفير وإمداد المساعدات الإنسانية، وكذلك مطالبة إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات من خلال جميع نقاط العبور، وهى ملتزمة بذلك وكذا وصولها إلى شمال القطاع.
ونوه إلى أن المقال تحدث عن تكثيف الجهود من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية والطبية للسكان فى غزة بالتنسيق مع منظومة الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين، وكذا دعوة الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن أى عمل تصعيدى لتجنب التداعيات الإقليمية، ووقف جميع التدابير الأحادية الجانب بما فى ذلك النشاط الاستيطانى الإسرائيلى ومصادرة الأراضي.
وأما بالنسبة للإجراءات الآجلة.. فقد نوه اللواء محمد إبراهيم، بأن المقال أبرز الحاجة إلى استعادة الأمل فى السلام والأمن للجميع فى المنطقة وخاصة للشعبين الفلسطينى والإسرائيلي، مع التأكيد على تكثيف الجهود المشتركة لتحقيق حل الدولتين بشكل فعال، وتحقيق السلام من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وفقاً للقانون الدولي، علاوة على أهمية قيام مجلس الأمن بدور حاسم فى إعادة فتح أفق السلام بشكل حاسم.
وفيما يتعلق بالمبادئ الرئيسية التى يجب على الجميع الالتزام بها.. قال اللواء إبراهيم إن المقال سلط الضوء فى هذا الصدد على إنهاء الحرب فى قطاع غزة والمعاناة الإنسانية الكارثية التى تسببها، وأن العنف والإرهاب والحرب لا يمكن أن تجلب السلام للمنطقة، بجانب حث جميع الأطراف على الالتزام بالقرارات الدولية مع الاحترام المتساوى لجميع الأرواح وإدانة جميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الإنسانى والدولي، وأن حماية المدنيين تعد التزاماً قانونياً لجميع الأطراف.
وأضاف أن المقال شدد فى هذا الشأن على الدور الذى تقوم به وكالات الأمم المتحدة بما فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» والجهات الإنسانية الفاعلة، مع ضرورة حماية العاملين بها وإدانة قتل العاملين فى مجال المساعدات الإنسانية، وكذا احترام الوضع التاريخى والقانونى الراهن للمقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس.
وأكد اللواء محمد إبراهيم، أن هذه الرؤية الواقعية التى استهدفت الخروج من المستنقع الحالى تعد بلا شك بمثابة رسالة واضحة موجهة لإسرائيل بأن الوقت قد حان من أجل إنهاء هذه الأزمة التى تتصاعد تأثيراتها الإقليمية، وأن على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يتجاوب مع كافة المطالب الدولية لحل الأزمة دون إبطاء.
ورأى أن تلك الرؤية هى رسالة موجهة أيضاً إلى المجتمع الدولى ومجلس الأمن بأن عليهم التحرك العاجل لإنقاذ الأمن والسلم العالمي، حيث إن استمرار هذه الأزمة فى ظل هذا الإقليم المضطرب سوف تؤدى إلى نتائج كارثية سوف تؤثر سلباً على مصالح جميع الأطراف.
واختتم اللواء محمد إبراهيم تصريحاته، بأن الرئيس السيسى كان حريصاً على أن يتضمن هذا المقال كافة المواقف التى تتبناها القيادة السياسية ليس فقط فى مجال أزمة غزة أو حل القضية الفلسطينية، ولكن أيضاً بالنسبة للرؤية المصرية الشاملة لدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة.
السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية الأسبق قال: ” إن هذا المقال من قادة الدول الثلاث مصر والاردن وفرنسا لهم وزنهم وتاثيرهم بشكل ايجابى وكبير للغاية على مجريات الامور المتعلقة بالقضية الفلسطينية والعدوان الاسرائيلى على غزة بصفة خاصة”.
أضاف السفير حليمه فى تصريحات خاصة لـ»الجمهورية» ان المقال اشتمل على كافة جهود عناصر القضية الفلسطينية، دور منظمة خارطة طريق واضحة المعالم متوازنة ومتكاملة فيما يتعلق بمعالجة العدوان الاسرائيلى على غزة، وايضا فى اطار معالجة القضية الفلسطينيبة بشكل كامل.
وأكد الزعماء الثلاثة ان وقف اطلاق النار يجب ان يكون بشكل دائم وليس متقطعا او هدن قصيرة مع الاشارة الى انفاذ والتزام اسرائيل بقرار «2728» الصادر عن مجلس الامن فيما يتعلق بالاوضاع الانسانية ومعالجتها، وبالتالى فان المعالجة هنا شاملة بقضية الافراج عن الرهائن من خلال وقف اطلاق النار وفى نفس الوقت تقديم كافة المساعدات الانسانية وفتح المعابر.
وقال انه فيما يتعلق بموضوع الارهاب والامن والعنف فمن الواضح ان هناك رؤية مشتركة متوازنة ترفض الارهاب والعنف وضرورة توفير الامن لكافة الاطراف فى هذا الصدد، وبالتالى فهناك رؤية متوزانة فيما يتعلق بتحقيق الامن ومكافحة الارهاب وان الامن ليس فقط لجانب اسرائيل وانما للطرفين معا وضرورة ادخال المساعدات بشكل كامل وشامل وفى نفس الوقت ايضا دعم ووضع الانروا التى تعتبر هى المحور العمود الفقرى للمساعدات الانسانية واحترامها.. والتأكيد على حل الدولتين وضرورة اقامة الدولة الفلسطينية وان السلام سيتحقق فقط اذا اخذنا كل هذه الامور فى الاعتبار سواء فيما يتعلق بمعالجة العدوان الاسرائيلى على غزة فى اطار وقف اطلاق النار ومعالجة الاوضاع الانسانية والافراج عن الرهائن والمحتجزين من الطرفين دون شروط مسبقة وان يكون وقف اطلاق النار دائما وشاملا وضرورة احترام قرارات الامم المتحدة وكافة القرارت الدولية وهناك توجيه لاسرائيل بوقف اى تصرفات احادية بما فى ذلك النشاط الاستيطانى ومصادرة الاراضى وغيرها، والتاكيد على المقدسات الاسلامية والمسيحية وضرورة احترامها وضرورة ان يكون هناك جهود مشتركة وفعالة على جميع المستويات للتوصل الى حل الدولتين.
واكد حليمة ان مصر تقوم بدور محورى فى هذا الصدد حيث لها دور كبير فيما يتعلق بوقف اطلاق النار فيما يتعلق بجهود الوساطة الخاصة بالرهائن وفيما يتعلق بمعالجة الاوضاع الانسانية وبالقضية الفلسطينية.
وشدد على ان مصر بصماتها واضحة فيما ذكر فى هذا المقال وفيما تم خلال المؤتمرات السابقة.
من جانبه .. قال السفير أيمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق، ان هذا المقال يعتبر خطاب الضمير العالمى لانه نشر فى اكبر الصحف العالمية لارسال رسالة واضحة لا لبس فيها للرأى العام عن تطورات الاوضاع المأساوية فى القطاع وجهود الدول الثلاثة منذ اندلاع الازمة لايجاد مخرج لها.
واضاف مشرفة ان المقال يعتبر تأكيداً على التشاور المستمر والدائم منذ اندلاع الازمةً على كافة الاصعدة والمستويات باعتبار ان الدول الثلاثة فاعلة ومؤثرة اقليميا ودوليا فى مجريات الاحداث واخرهم الاجتماع الثلاثى لوزراء خارجية الدول الثلاثة فى القاهرة والذى اكد على تطابق الرؤى بينهم على الثوابت التالية التى تتمثل فى ضرورة الوقف الدائم لاطلاق النار امثالا لقرار مجلس الامن رقم «2728» واستمرار المفاوضات بين الطرفين لايجاد صفقة لتبادل الرهائن والمحتجزين.
واكد ان المقال حذر من عواقب استمرار العدوان الاسرائيلى على القطاع ونيته اجتياح مدينه رفح مما قد يؤدى الى مجزرة انسانية تضاعف معاناة 1.5 مليون لاجئ.
كما شدد على رفض الدول الثلاث سياسة التهجير القسرى والعقاب الجماعيه الذى تمارسه سلطة الاحتلال باعتبارها أحد جرائم الحرب وانتهاكا صارخا للقانون الدولى الانساني.
واضاف ان المقال حذر من محاولة اسرائيل تصفية دور منظمة الأونروا فى مجال اغاثة اللاجئين والذى تتطلع به منذ عام 1948 كمحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
ولفت الى ان المقال شدد على اهمية فتح كافة المعابر الى القطاع لعبور المساعدة الانسانية دون قيد أو شرط وحذراً مغبة المجاعة واستخدام سلاح العطاء ضد سكان القطاع.
واكد السفير مشرفة ان المقال يظهر التعاون الاستراتيجى بين مصر والأردن وفرنسا ويؤكد على الدور المحورى للدبلوماسية المصرية، وفرنسا كعضو دائم فى مجلس الأمن ودورها المؤثر فى محيطها الاوروبي.
د.أيمن الرقب استاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أكد على اهمية المقال و توقيته، و انه نتيجة للعديد من الزيارات المشتركة بين القيادة المصرية والاردنية والفرنسية، والوصول الى نقاط اساسية مشتركة، والخروج برؤية شاملة لانهاء الصراع، ليس فقط فى غزة و انما الصراع الفلسطيني- الصهيوني.
وأوضح انه تطور فى الحراك المصري- الأردنى المتواصل، من أجل وقف اطلاق النار وحماية أهل غزة من البطش الاسرائيلي، والضغط من أجل ادخال المساعدات، ومعالجة الجرحي، واستطاعت مصر والاردن- وهما دول جوار ومن المهم الحفاظ على أمنهم القومي- احداث تغيير كبير، وخاصة فى الموقف الفرنسي، مشيرا الى ان فرنسا هى من قدمت مبادرة لوقف اطلاق النار لمجلس الامن رقم 2827، وهناك محاولات للتقدم من جديد بمبادرة جديدة، كما أعلنت فرنسا انه سوف تبادر بإعلان الدولة الفلسطينية، باعتبار ان هذا حقها الشرعي.
وأضاف الرئيس أن مصر تبذل كل الجهود الدولية والعربية والاسلامية، من أجل احلال السلام والوقوف الى جانب القضية الفلسطينية، وان الولايات المتحدة تمارس ضغوطها حاليا على الجانب الإسرائيلي، من أجل التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار فى غزة، مشيرا إلى ان المقال يأتى من أجل توضح الرؤية الشاملة من أجل حل أغلب الملفات التى يتم التفاوض حولها.
وأكد جهاد الحرازين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الدور المصرى على مدار تاريخ القضية الفلسطينية هو دور مساند وداعم للقضية والشعب الفلسطينى بشكل كبير، واستطاعت أن تسخر كل جهودها وإمكانياتها ومؤسساتها سواء على المستوى الرسمى أو مؤسسات المجتمع المدنى والمستوى الشعبى لصالح القضية الفلسطينية للعمل لإنقاذ الشعب الفلسطينى ومن خلال إطلاق مسار سياسى تستطيع من خلاله لإيقاف هذا العدوان الإسرائيلي.
وقال ان المقال المشترك دليل على التقارب فى وجهة النظر بين الثلاث دول حول الحل الشامل للقضية الفلسطينية، وان فرنسا تقدمت بالعديد من المبادرات الايجابية، وساهمت الاردن فى ادخال المساعدات الى غزة، موضحا ان هناك تواصلا مشتركا من أجل تقديم الدعم للقضية.