جاء مؤتمر العمل العربى فى نسخته الـ 51 فى القاهرة الأسبوع الماضى بمشاركة 18 وزير عمل عربياً، وحضور نحو 440 مشاركاً من ممثلى الحكومات ومنظمات أصحاب العمل، والاتحادات العمالية، ليؤكد أن تعزيز آليات التعاون والتكامل بين الدول العربية أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة تحديات المنطقة، هذا اليقين لم يأت من فراغ بل إيماناً بأن الأمة العربية تمتلك المقومات التى تعزز سبل التعاون المشترك،ولكن هذه المقومات لم تفلح معها محاولات التكامل الاقتصادى التى اصطدمت بسيطرة نوع أو نمط الإنتاج الأولى على الاقتصادات العربية، وضآلة نصيب الصناعة التحويلية التى تعتمد على القيمة المضافة للمنتج، لذلك تفاوتت أسعار مستلزمات الإنتاج بين الدول العربية، مما أدى إلى لجوء كثير من الدول العربية إلى حماية صناعتها ذات التكلفة العالية من خلال القيود الإدارية، وعلى التوازى كان عدم الاهتمام وإهمال شبكات النقل البرى والجوى والبحرى بين دول الوطن العربى كان أحد أهم أسباب عدم نجاح التكامل الاقتصادى العربى فى بداياته، لذا فإنه من المحتم على الدول العربية الإتفاق على تخفيف تكاليف النقل بين دولها، مما يجعلها فى وضع أفضل أمام المنافسة العالمية للعمل على تعزيز وتفعيل التجارة العربية البينية والتى هى فى أدنى حالتها حالياً، بالمقارنة بدول الاتحاد الأوروبى المختلفة جملة وتفصيلاً عن بعضها البعض ولكنها حققت معدلات تجارة بينية فيما بينها وصلت لاكثر من 60 ٪ عكس الدول العربية التى لم تصل إلى 6 ٪ رغم توافر جميع المقومات التى تجعلها فى أعلى حالتها، لذلك فإن انعقاد هذا المؤتمر الخاص بالعمل العربى قد يكون بداية نحو الإتفاق على ان تخصص كل دولة عربية 5 ٪ على الأقل من إجمالى الناتج المحلى لها وضخه فى مشاريع استثمارية داخل أى من الدول العربية، بما يساهم فعلياً فى تنويع الإيرادات الحكومية، والتعاون مع القطاع الخاص فى مجالات غير تقليدية كالاهتمام بتكنولوجيا المعلومات، والتجارة الإلكترونية، كذلك فإن اختلاف الأنظمة الاقتصادية مع التباين الواضح فى مستوى الدخول بين الدول العربية كان إحدى أهم العقبات أمام عدم نجاح التكامل الاقتصادى العربى المنشود .لذلك فإن أهمية انعقاد هذا المؤتمر أنه يتزامن مع الذكرى الـ60 لتأسيس منظمة العمل العربى، وكذلك الذكرى الـ80 لإنشاء جامعة الدول العربية، كما تزداد أهمية انعقاد هذا المؤتمر أنه يناقش قضايا مهمة تخص العمل والنهوض بمسيرة التنمية والإنتاج فى الوطن العربى، فضلاً عن التأكيد على ضرورة التنويع الاقتصادى كمسار للتنمية، خاصة فى الاقتصادات الواعدة فى الدول العربية.
الحاجة إلى السوق العربية المشتركة باتت أشد إلحاحاً من أى وقت مضى، للتأكيد على أن الأمة العربية ما زالت تملك حيوية إثبات الوجود، والقدرة على تجنب أى محاولات محتملة للابتزاز أو المزايدة على التراب الوطنى فى ظل العولمة التجارية والاقتصادية.