تطوير الطرق الريفية وبناء جسور جديدة لتطوير النقل بين القرى
مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عام 2019، واحدة من أكبر المشروعات القومية التى تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين فى القرى.. انطلقت المبادرة استجابة لنداء التنمية الشاملة، وسرعان ما تحولت إلى حجر زاوية فى التنمية الوطنية وأصبحت المبادرة تجسيداً حقيقياً للرؤية الوطنية، فى القرى والمناطق الريفية التى عانت طويلاً من التهميش وقلة الموارد.. تسعى المبادرة إلى تحقيق تنمية شاملة تغطى جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجاً.. «حياة كريمة» ليست مجرد مشروع تنموي، بل رمز لرؤية مصر 2030 التى تضع الإنسان فى قلب عملية التنمية، حيث تستهدف المبادرة تحسين ظروف المعيشة لما يزيد على 60 مليون مواطن فى أكثر من 4500 قرية على مستوى الجمهورية.
المبادرة ميزتها الأهم أنها الأولى من نوعها التى تصل بالتنمية إلى العزب والنجوع فى محافظات مصر.. فهى تنمية القرية على نمط المدينة.. وتغيير لمستوى المعيشة لأهل الريف الذين يمثلون نحو 60 ٪ من المصريين، حياة فيها خدمات محترمة، ورعاية كاملة، وفرص عمل، فالمواطن فى القرية يشعر لأول مرة خاصة فى محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية أنه أصبح محل اهتمام الدولة.
ظهرت فكرة مبادرة «حياة كريمة» كاستجابة مباشرة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التى واجهت مصر، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية التى بدأت فى عام 2016 وفقاً لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى عام 2018، بلغت معدلات الفقر فى بعض المناطق الريفية أكثر من 50 ٪، مع تدهور واضح فى الخدمات الأساسية والبنية التحتية.. جاءت المبادرة لتكون نقطة تحول حقيقية، حيث وضعت الحكومة خطة طموحة ومتكاملة تغطى جميع جوانب الحياة اليومية. بدأت المرحلة الأولى من المبادرة فى عام 2019 باستهداف القرى الأكثر فقراً، وحققت نتائج ملموسة شجعت على التوسع لتشمل جميع القرى المصرية فى المرحلة الثانية، مع تخصيص ميزانية تاريخية تجاوزت 700 مليار جنيه.
الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تقول إنه بالأرقام يمكن أن نعلم حجم ما قدمته «حياة كريمة» فى مرحلتها الأولى التى شملت 1500 قرية ضمت نحو 18 مليون مواطن، نحو 68 ٪ منهم يعيشون فى الصعيد، وفى هذه القرى تم تنفيذ نحو 17 ألف مشروع فى قطاعات مختلفة، وأكدت تقارير المتابعة أن نسبة التحسن فى إتاحة الخدمات لمواطنى قرى المبادرة وصلت إلى 69 ٪ خاصة فى القرى حتى انتهت مشروعاتها تماماً.
تحسين حياة الملايين بشكل مستدام
تهدف «حياة كريمة» إلى تحقيق تغييرات جذرية ومستدامة فى حياة المواطنين، من خلال معالجة الفقر متعدد الأبعاد.. تسعى المبادرة إلى تحسين البنية التحتية، مثل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية التى طالما افتقرت إليها القرى الريفية.. كما تركز على تمكين المرأة والشباب عبر توفير فرص عمل ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى ذلك، تشمل الأهداف تعزيز التكامل المجتمعى من خلال تطوير الأنشطة الثقافية والرياضية.. تعمل «حياة كريمة» وفق رؤية شاملة تدمج بين الاحتياجات الفورية للمواطنين وخطط التنمية طويلة الأمد، مما يجعلها نموذجًا فريدًا للتنمية المتكاملة.
حققت مبادرة «حياة كريمة» أرقاماً قياسية فى جميع المجالات، ما جعلها واحدة من أكثر المبادرات الطموحة نجاحاً. استفاد أكثر من 60 مليون مواطن من مشروعات المبادرة فى 4500 قرية.. على صعيد البنية التحتية، تم تطوير أكثر من 325 ألف منزل غير صالح للسكن، وتوصيل خدمات المياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحى إلى حوالى 3.8 مليون منزل. فى قطاع الصحة، تم إنشاء وتطوير 1500 وحدة صحية وتجهيزها بأحدث المعدات الطبية. أما فى التعليم، فقد تم بناء 1200 مدرسة جديدة وتجديد 2500 مدرسة قائمة. كما وفرت المبادرة أكثر من 500 ألف فرصة عمل للشباب، ما أسهم فى تقليل معدلات البطالة بشكل ملحوظ.. هذه الإنجازات ليست مجرد أرقام، بل شواهد حقيقية على تأثير المبادرة فى تحسين حياة المصريين.
البنية التحتية والخدمات الأساسية
ركزت «حياة كريمة» بشكل أساسى على تحسين البنية التحتية باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية.. كان تحسين شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحى فى القرى من أولويات المبادرة، حيث تم تحديث أكثر من 60 ٪ من شبكات المياه القديمة، ما وفر مياه شرب نظيفة لملايين المواطنين.. كما شملت الجهود تطوير الطرق الريفية وبناء جسور جديدة لتحسين التنقل بين القري. تم أيضاً تعزيز شبكات الكهرباء لتوفير طاقة مستقرة، ما أسهم فى تحسين جودة الحياة اليومية وتسهيل الأعمال الإنتاجية.. أدت هذه التحسينات إلى تقليص الفجوة التنموية بين المدن والقرى بشكل كبير، مما يضع مصر على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية.
تمكين الفئات المهمشة
ودور المرأة والشباب فى التنمية
وضعت «حياة كريمة» المرأة والشباب فى قلب استراتيجيتها التنموية.. تم تقديم قروض ميسرة إلى أكثر من 200 ألف سيدة لبدء مشروعات صغيرة ومتوسطة، ما أسهم فى تحسين دخل الأسر وتعزيز دور المرأة فى الاقتصاد المحلي. كما أنشأت المبادرة مراكز تدريب مهنى للشباب، لتأهيلهم للعمل فى مجالات مختلفة، مثل الحرف اليدوية والصناعات الصغيرة. علاوة على ذلك، تم إنشاء نوادٍ اجتماعية وثقافية لتشجيع الشباب على المشاركة فى الأنشطة المجتمعية.. من خلال هذه الجهود، تسعى المبادرة إلى تمكين الفئات المهمشة وتحقيق التنمية الشاملة التى تشمل جميع شرائح المجتمع، مع التركيز على بناء قدرات الأفراد.
ركزت «حياة كريمة» على التعليم باعتباره مفتاح التنمية المستدامة.. قامت ببناء أكثر من 1200 مدرسة جديدة فى القرى النائية، وتطوير المدارس القائمة لتوفير بيئة تعليمية ملائمة.. كما أطلقت المبادرة برامج لدعم الطلاب الفقراء، حيث تم توزيع أكثر من 1.5 مليون حقيبة مدرسية مجانية وتقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين.. علاوة على ذلك، تضمنت الجهود إنشاء مراكز تعليمية متخصصة لدعم التعليم الفني، مما يساعد على تخريج كوادر مؤهلة لسوق العمل.. تعكس هذه الجهود إيمان المبادرة بأن الاستثمار فى التعليم هو استثمار فى مستقبل مصر، وأن القضاء على الجهل هو أساس التنمية.
تحسين جودة الحياة
شهد قطاع الصحة قفزة نوعية بفضل مبادرة «حياة كريمة».. تم إنشاء أكثر من 1500 وحدة صحية وتجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية لتقديم خدمات صحية متكاملة.. كما أطلقت المبادرة حملات قومية للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، مثل السكرى وضغط الدم، استفاد منها أكثر من 5 ملايين مواطن.. لم تقتصر الجهود على البنية التحتية، بل شملت أيضاً توعية المواطنين بأهمية الوقاية من الأمراض وتقديم الدعم النفسى والاجتماعي.. عززت هذه الجهود من وصول الرعاية الصحية إلى الفئات المحرومة، ما أسهم فى تحسين جودة الحياة وتقليل الفجوة الصحية بين المدن والقري.
رغم الإنجازات الكبيرة، واجهت «حياة كريمة» تحديات متعددة.. من أبرز هذه التحديات نقص التمويل اللازم لتنفيذ جميع المشروعات فى الوقت المحدد.. كما أن بعض القرى واجهت صعوبات إضافية بسبب طبيعتها الجغرافية أو ضعف البنية التحتية الأساسية.. علاوة على ذلك، تطلب تنفيذ المبادرة تنسيقاً كبيراً بين الجهات الحكومية المختلفة، وهو ما شكل ضغطاً على الموارد البشرية والإدارية.. ومع ذلك، أظهرت الحكومة مرونة فى التعامل مع هذه التحديات، مما ساعد على تحقيق تقدم ملحوظ.
تمثل مبادرة «حياة كريمة» بداية مرحلة جديدة من التنمية الشاملة فى مصر.. فاهتمامها الأول هو بناء الإنسان، ولذلك فإن نحو 70 ٪ من الاستثمارات موجهة إلى هذا الهدف ومن المتوقع أن تركز المرحلة القادمة على استدامة المشروعات المنفذة وضمان تكاملها مع خطط التنمية الوطنية.. تسعى الحكومة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى لدعم تنفيذ المشروعات المستقبلية.. مع الاستمرار فى تحقيق أهداف المبادرة، ستظل «حياة كريمة» رمزاً للتغيير الإيجابى وتحقيق العدالة الاجتماعية، ما يعزز من مكانة مصر كدولة تسعى إلى بناء مستقبل أفضل لمواطنيها من خلال المبادرة التى ستنطلق مرحلتها الثانية هذا العام.