منذ أن تولى دونالد ترامب منصب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية فى الشهر الماضى، شهدت الساحة السياسية الأمريكية سلسلة من الأحداث الهامة. فمن الأوامر التنفيذية إلى الدبلوماسية الدولية، تركت سياسات ترامب أثراً بالغاً فى الشئون الداخلية والعالمية. وعلى الصعيد الداخلى، يوجد انقسام واضح فى الآراء بشأن سياساته، مما يعكس تبايناً حاداً فى المواقف تجاه رئاسته، حيث يتم تقييمه على أنه شخص قوى وعالى الطاقة ومركّز، إلا أن الآراء حول قراراته تتفاوت بشكل كبير بناءً على الانتماءات الحزبية.
يُظهر تحليل ستوكس أنه بينما يعتقد 53٪ من الجمهوريين أن إجراءات إدارة ترامب كانت أفضل من المتوقع، يرى 60٪ من الديمقراطيين أنها كانت أسوأ. ويخشى ثلثا الأمريكيين من منح ترامب مزيدًا من السلطة، ويزداد هذا القلق بشكل خاص بين صفوف الديمقراطيين. تعكس وتيرة تنفيذ سياسات ترامب السريعة والفوارق الواضحة فى الرأى العام تعقيد الجدل و الخلاف حول شهره الأول فى المنصب.
تميزت إدارة ترامب بسلسلة من الأوامر التنفيذية والإقالات الجماعية. فقد وقع ما يقارب 70 أمرًا تنفيذيًا خلال 30 يومًا فقط، مستهدفة قضايا تتنوع من الهجرة إلى التمويل الفيدرالى. وقد أدت هذه الوتيرة السريعة للتغيير إلى إرباك العديد فى واشنطن، فى حين تسعى الإدارة الجديدة إلى تفكيك سياسات الإدارة السابقة وتنفيذ أجندتها الخاصة.
يُشير ستوكس إلى أن أحد أبرز جوانب الشهر الأول لترامب كان نهجه تجاه الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا. وبخلاف سلفه، تبنى ترامب موقفًا مغايرًا، حيث أجرى مكالمة هاتفية طويلة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، تم خلالها مناقشة إمكانية إجراء محادثات سلام. أثار هذا التصرف الكثير من التساؤلات، خاصة وأن ترامب اختار استبعاد كل من أوكرانيا وأوروبا من هذه المفاوضات. نتيجة لذلك، تصاعدت التوترات بين ترامب والرئيس الأوكرانى زيلينسكى، الذى وصفه ترامب بأنه ديكتاتور لعدم إجرائه انتخابات عامة فى البلاد منذ انتهاء ولايته فى 20 مايو 2024.
سلط ستوكس الضوء على الآثار المحتملة طويلة المدى لسياسات ترامب على العلاقات الدولية، مشيرًا إلى أنه إذا تمكن من حل أى من التحديات الكبرى مثل تسوية الأزمة فى أوكرانيا، أو التعامل مع غزة، أو إعادة هيكلة حلف الناتو، فسيُعتبر ذلك إنجازًا كبيرًا.
يسلط تحليل ستوكس الضوء على الطبيعة التحويلية لرئاسة ترامب. فقد اتبعت الإدارة نهجًا حازمًا وعدوانيًا فى التعامل مع القضايا الداخلية والدولية، مما أرسى سابقة جديدة بشأن سرعة وحسم الرئيس فى إحداث التغيير. ومع ذلك، أدت هذه الوتيرة السريعة إلى جدل واسع وحالة من عدم اليقين، سواء داخل الولايات المتحدة أو على الساحة الدولية.
بين إعادة تشكيل الدبلوماسية الدولية وإعادة هيكلة السياسات الداخلية، تركت تصرفات ترامب أثرًا كبيرًا على المشهد السياسى الأمريكى. إن حجم وسرعة أنشطة الإدارة الجديدة لا مثيل لهما، مما يمهد الطريق لرئاسة تعد بأن تكون مليئة بالأحداث البارزة.
>>>
بروس ستوكس هو المدير التنفيذى لمجموعة العمل عبر الأطلسى وزميل أول فى مؤسسة مارشال الألمانية. كان مديرًا لقسم المواقف الاقتصادية العالمية فى مركز بيو للبحوث فى واشنطن العاصمة، وهو كاتب عمود سابق فى الاقتصاد الدولى فى مجلة «ناشونال جورنال»، وهى مجلة سياسات عامة مقرها واشنطن. كما كان زميلًا أولًا سابقًا فى مجلس العلاقات الخارجية.