انتهت اجازة نصف العام.. وعادت الدراسة.. وعاد انشغال الاسر بمستقبل أبنائهم.. خاصة من هم فى الثانوية العامة.. وعينهم على الجامعة بعد اجتياز الامتحان القريب بعد شهور.. وهم الاغلبية العظمى.. ولكن هناك نسبة ضئيلة جدا ممن يفكرون فى ايفاد ابنائهم للدراسة بالخارج.. خاصة ممن يحصلون على الشهادات الدولية المعادلة للثانوية العامة المصرية.. وهناك العديد من الدول تتيح فرصة للالتحاق بجامعاتها لابنائنا وبناتنا.. وان كان الامر يبدو فى البداية ذا بريق.. بأن يحصل الابن أو الابنة على شهادة جامعية من الخارج.. مما يتيح أفضلية فى سوق العمل.. وعدد كبير من أولياء امور طلاب المدارس الدولية يعقدون العزم على تحقيق هذا والحاق ابنائهم بإحدى الجامعات بالخارج.. خاصة مع التسهيلات التى تمنحها العديد من الدول لتوفير فرص دراسية لابنائنا.. مثل المانيا التى تقدم لخريجى المدارس الالمانية بمصر الحاصلين على شهادة الثانوية العامة الالمانى «الابيتور» فرصا تعليمية مجانية بمختلف الجامعات الالمانية.. وتكون مصاريف «التيرم» رمزية لا تتجاوز مائة يورو.. وهذا ايضا يكون دافعا كبيرا لاولياء أمور هؤلاء الطلاب للموافقة على سفرهم الى احدى المدن الالمانية للدراسة.. واعتقد ان الحسبة بهذه الطريقة فيها ظلم كبير لابنائنا الطلاب.. خاصة مع طبيعة الاسر المصرية وتربيتها لابنائها الذين يظلون حتى هذه المرحلة التعليمية مرتبطين كليا بالاسرة والبيت.. وعلى الطالب أو الطالبة اذا قرر السفر ان يعتمد على نفسه فجأة فى كل امور حياته من مأكل وملبس وخلق الجو المناسب الذى يعيش فيه.. ويتأقلم على الغربة والعيش بمفرده فى هذه السن الصغيرة.. وبداية مرحلة جديدة فى حياته.. دون ان تكون هناك اى مساندة حقيقية ملموسة من الاسرة يوميا.
وبدلا من ان يدخل المرحلة الجامعية وهو ينعم بالاشراف والشمول بمسئولية الأسرة.. يجد نفسه وحيدا عليه ان يتدبر مختلف اموره الحياتية.. مع ضرورة الالتزام فى تحصيل العلم.. حتى لا يتخلف فى دراسته.. الى هنا والامور تبدو لكل اسرة من هذه الأسر جميلة وانها اختارت الاختيار الصحيح لابنائها.. ولكن هناك بعض الامور ربما تكون غابت عن هذه الاسر لسبب أو لأخر.. فالعديد من التربويين يرون ان ايفاد الطلاب للدراسة بالخارج فى هذه السن ليس هو القرار السليم.. وانه من الافضل ان يكمل هؤلاء الطلاب دراستهم الجامعية فى مصر فى احد الجامعات الدولية أو الحكومية أو الخاصة.. ثم يأتى ذلك التفكيرفى السفر للخارج لاستكمال دراستهم ما بعد الجامعية «الماجستير والدكتوراة» لمن يرغب فى ذلك.. لانه بعد انتهاء الدراسة الجامعية يكون هؤلاء الطلاب والطالبات قد اكتسبوا كثيرا من العلم والثقة.. مع امكانية الاعتماد على النفس.. بعيدا عن اهتمام الاسرة.. وهو ما اكده لى اكثر من مرة الدكتور اشرف منصوررئيس مجلس امناء الجامعة الالمانية.
واذا كنا قد تكلمنا عن المنح التعليمية التى تعطيها المانيا لخريجى المدارس الالمانية والحاصلين على الثانوية العامة الالمانية فقط «الابيتور».. فاننا لم نشر الى خريجى المدارس الدولية الاخرى.. والتى يسافر عدد كبير منها الى العديد من المدن الأوروبية خاصة لندن.. وامريكا.. الى جانب ماليزيا التى اصبحت من الدول التى تستقطب العديد من الطلاب المصريين للدراسة بجامعاتها المختلفة فى العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وهنا تكون التكلفة مختلفة تماما فى المعيشة والدراسة والتنقلات وخلافه مع ارتفاع مستوى المعيشة مع ترجمتها للجنيه المصرى.. لان هذه الجامعات بمصروفات فعلية وليست رمزية مثل الجامعات الالمانية.. بالإضافة الى ان الدراسة فى الخارج فى المانيا أو غيرها من الدول الاوروبية أو امريكا أو ماليزيا.. فإن الطالب عليه ان يسدد ايجارا شهريا لمقر اقامته سواء فى المدينة الجامعية أو خارجها.. مع تحمل مصاريف معيشته اليومية من اكل وتنقلات وخلافه.. وايضا قيمة تذاكر السفر مرتين سنويا على الأقل.
وبعيدا عن التكلفة الفعلية للتعليم والإقامة والتنقلات ومقارنتها بالجامعات الدولية المصرية.. التى من المؤكد ستكون فى صالح الجامعات المصرية.. فإن معظم الخبراء يؤكدون ان خروج ابنائنا فى هذه السن الى الخارج لا يكون فى صالحهم.. وتساهم هذه الغربة فى تغيير شخصيتهم وبعدهم عن الاسرة.. ويصعب اعادتهم الى طبيعتهم التى كانوا عليها قبل السفر.. ويؤثر السفر على طبيعتهم وارتباطهم بأسرهم.. فهل تتأنى هذه الاسر فى اتخاذ مثل هذا القرار.. وتمنح الفرصة لابنائها للدراسة فى مصر لصالحهم ولصالح اسرهم ولصالح الوطن.. وان يؤجل القرار لحين انتهاء الدراسة الجامعية.. وتحيا مصر..