تناولنا الأسبوع الماضى ملامح لمفهوم الحوكمة التى تسعى الحكومة المصرية فى تنفيذها بمختلف أجهزة وقطاعات الدولة المختلفة ومنها بدأنا فى تناول مفهوم الحوكمة بالنسبة للمياه وقضاياها والتحديات المائية التى تواجه الدولة لتوفير المياه لنخلف الأنشطة التنموية المتزايدة ضمّن الجمهورية الجديدة وهنا نستكمل تفاصيل حول آليات حوكمة المياه حيث اعتقد انها تحتاج إلى التعامل والتعاون مع كل مستخدم للمياه بما يتناسب مع الموارد المتاحة للبلاد من المياه، ومع طبيعة استخداماته لنقطة المياه، بما يضمن تعظيم الاستفادة وهذا يتطلب بالتالى عقد ورش عمل واجتماعات مع كل مستخدم، وبصفة خاصة المزارعين «المستهلك الأكبر» وبصفة دورية ومتابعة ما يتم الاتفاق عليه أولاً بأول، وهذا يتطلب الشفافية والوضوح والرقابة، مما يعنى مزيداً من الجهد والعمل من قبل وزارة الري، كما أظن ان الوزارة باعتبارها المسئولة عن إدارة منظومة الموارد المائية للبلاد ان تكون مسئولة عن إدارة منظومة مياه الشرب والصرف الصحى وتشرف عليها بشكل مباشر طالما لا توجد وزارة معنية بهذا الملف فقط، وليست شركات أو هيئات تابعة لوزارة أخرى وبالتالى تتعارض الاختصاصات والمسئوليات…هذا فى إطار التعامل مع ملف المياه داخليا، والتفاصيل فيه كثيرة، ولكن ماذا عن الملف الخارجى لمياه النيل، وهو ما سوف نتناوله فى عرض تجربة دول حوض نهر السنغال التى تقدم نموذجا دوليا فى تحويل الصراع حول المياه إلى استثمار مشترك فى المياه الدولية.
وإذا نظرنا لبعض النماذج فى التعاون بين الدول فى المياه الدولية «المشتركة» نلاحظ انها يمكن ان تتم إدارتها والانتفاع منها وحمايتها بالتعاون التام بين جميع دول الحوض، وبحسن نية، وقد أكّدت هذه الحقيقة عملياً الكثير من الدول، حيث قامت البرازيل وأوروجواى بالتعاون مع الأرجنتين فى بناء سد «إيتايبو» الضخم لتوليد الكهرباء للدول الثلاثة، ومدها بمياه الرى والشرب من نهر أوروغواي، كما فعلت دول السنغال وموريتانيا وغينيا ومالى نفس الشيء فى نهر السنغال، وأيضاً تتعاون دول حوض نهر النيجر التسعة فى إدارة وحماية واستخدام النهر فى كافة المجالات ومن بينها الاستخدامات الملاحية.
نعود إلى السنغال ونقول حوض نهر السنغال يضم نهر كاراكورو، ونهر باخوي، ونهر الفاليمي، وكوركول، والكوليمبيني، لإدارة حوض تصريف النهر نفسه، وقد تم إعادة إنشاء منظمة حوض نهر السنغال عام 2006 بعد ان عادت غينيا إلى المنظمة فى هذا العام، وهى منظمة الدول النهرية لنهر السنغال، وتضم الدول الأربعة الحدودية – غينيا ومالى وموريتانيا والسنغال وكما تشير الأوراق فإن هذه المنظمة تسعى إلى تعزيز الاكتفاء الذاتى فى مجال الأمن الغذائي، وتحسين دخل السكان المحليين، والحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، كما يبلغ إجمالى عدد سكان المنطقة 35 مليون نسمة، يعيش 12 مليوناً منهم فى حوض النهر.
إن منظمة استثمار نهر السنغال، التى تضمّ رؤساء دول وحكوماتها تجتمع بصفة دورية لبحث أشكال التعاون المشترك، حيث قامت موخراً بمناقشة ملف الملاحة النهرية والطاقة حيث قامت بدراسة مشروع يتعلق بإنشاء نظام النقل المتعدد الوسائط المتكامل فى نهر السنغال بهدف التنقل المستدام على نهر السنغال على امتداد 905 كم من سينلوى فى السنغال إلى أمبيدى فى مالي.
كانت المنظمة قد وقعت اتفاقا مع الشركة الهندية AFCONS لتنفيذ الأشغال التى تشمل تطوير قناة نهرية وبناء ميناءين نهريين فى أمبيدى وسينلوي، كما سيتم تشييد عدد من الأرصفة وطرق للوصول إلى هياكل الطاقة المائية الحالية والمستقبلية.
وللحديق بقية