«جوهر حكاية الدولة المصرية هو الحفاظ على الدولة وليس على النظام»، عبارة شهيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى ذكرها فى مستهل حكمه بإحدى المناسبات الوطنية ومازالت تفرض نفسها على الواقع الذى نعيشه والمرحلة الخطيرة التى نمر بها حاليا، والتى لا تختلف عن مخاطر العقد الماضى وإن تباينت فقط فى طبيعة السيناريوهات والمخططات وبعض التفاصيل، فليس هناك أدنى شك فى أن الفترة التى أعقبت أحداث 25 يناير 2011 كانت خطيرة ومقلقة جدا، كما أن العام الأسود «2012ــ 2013» الذى حكمت فيه جماعة الإخوان الإرهابية البلاد، كان عاما مرعبا وضاغطا على عقول وأعصاب المصريين، لا سيما أن الخوف على الدولة شمل كل شيء: الدين والثقافة والتعليم والاقتصاد وحدود الدولة والنسيج الوطنى للشعب، وكل ما يتعلق بمستقبل مصر وأمنها القومي.
لقد كانت كلتا الحقبتين فى غاية الخطورة، وكانت ثورة 30 يونيو 2013 ثورة إنقاذ، كما كان انتخاب الرئيس السيسى فى العام التالى «2014» ترجمة شعبية حقيقية لعملية الإنقاذ هذه التى بدأت منذ هذا العام ومستمرة حتى الآن، فى ظل التطورات الحاصلة على الأرض ووفقا لما رأيناه ونراه حولنا من سيناريوهات تبدو وكأنها «منفصلة متصلة»: فتارة بالفوضى وتارة أخرى بالإرهاب، والآن بالصراع وإشعال الحروب من حولنا، فكل السيناريوهات والمخططات تستهدف إسقاط مصر وإضعافها، وهو ما أشار إليه وحذر منه الرئيس السيسي، فى عبارته الشهيرة: «بأن جوهر الحكاية هو الحفاظ على الدولة المصرية وليس النظام»، فقد حملت العبارة رسالة للداخل والخارج بأن الهدف من الحكم وإدارة الدولة ليس الإبقاء على النظام وإنما الإبقاء على مصر والحفاظ على حدودها ومقدساتها، وهو هدف عظيم يتطلب العمل وبذل الجهود فى كافة الاتجاهات وبجميع القطاعات.
وحقيقة فقد عمل الرئيس السيسى ومازال يعمل على تحقيق هذا الهدف مع التأكيد على عدم تكرار أخطاء الماضى والعهود السابقة، وهو فى هذا السياق «درست تجربة محمد على فى القرن التاسع عشر ولماذا لم تكتمل، ودرست تجربة عبدالناصر فى القرن الماضى ولماذا لم تكتمل، ودرست تجارب دول كانت قوية ومستقرة تحترم سيادتها، لكن نتيجة ممارسات خاطئة دمرت بلادها، وقد فطنت مصر لكل هذه التطورات فبنت سياجا متينا من الوعى والادراك وتحصين شعبها بدعم من جيشها صاحب العقيدة الوطنية التى تربى عليها وهى الولاء المطلق لأرض مصر وشعبها».
فى مداخلته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمى للسكان قبل أيام، تحدث الرئيس السيسى عن أبعاد أخرى للإنجازات وقال: «إنه رغم كل التحدى الذى كان موجودا منذ 2011 وما بعدها والحرب على الإرهاب لكن تم وضع تلك التحديات أمام أعيننا وتحركنا بخطة حافظنا فيـها على أهدافنـا وصممنا على تحقيقها، كما أن الأزمات التى واجهتها مصر شكلت فرصا جيدة لتحقيق نجاحات كبيرة عبر تحديها وإيجاد حلول مبتكرة لها»، وضرب الرئيس مثـالا بنجــاح مصر فى التغــلب على أزمة فيروس «سى» وقوائم الانتظار فى وزارة الصحة والتى كانت من أخطر الأزمات التى واجهت مصر، موضحا أن مصر نفذت حملة قومية لمسح صحى شامل على مستوى الدولة شملت فحص السمنه، السكري، وضغط الدم بالتوازى مع علاج فيروس «سى» مما أتاح للحكومة جمع بيانات ضخمة عن الحالة الصحية فى مصر ونتيجة لذلك تحولت مصر من دولة كانت تعتبر من أكثر الدول إصابة بفيروس « سي» إلى دولة خالية من الفيروس.
هذه الصور المتتالية تكشف إلى حد بعيد منهج الرئيس السيسى فى الإدارة والحكم، ولماذا يحرص الرئيس على التطوير المستمر للقوات المسلحة وعلى التعامل بصراحة وشفافية فى كافة القضايا التى تشغل المواطن، كما تفسر الأسباب التى جعلت الرئيس حريصا على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى وتنفيذ المشروعات التنموية العملاقة والقضاء على العشوائيات وتطوير البنية التحتية، فضلا عن التوسع فى الرقعة الزراعية وتوطين الصناعات، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين فى القرى والنجوع، فكل هذه الإنجازات تصب فى مصلحة الإنسان المصري، وتسرع بخطى بناء الدولة العصرية الحديثة والحفاظ عليها من المؤامرات والمخططات التى تتكشف كل يوم وليس أمامنا إلا مواجهتها والتصدى لها.