تصل إلينا يوميًا العديد من الرسائل من أهالى المرضى الذين يطلبون بكل قلق حجز أحبائهم فى وحدات العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، يعبّر هؤلاء الأهالى عن معاناتهم بسبب ارتفاع تكاليف حجز المرضى فى المستشفيات الخاصة، وهو ما لا يستطيع المواطن البسيط تحمله، ومع ذلك يفرض الواقع تحديات كبيرة نتيجة لتزايد أعداد المرضى مقارنة بعدد الأسرة المتاحة فى وحدات العناية المركزة.
تسعى الدولة جاهدة لتوفير أعلى مستويات الرعاية الصحية مجانًا، وتبذل قصارى جهدها لتوسيع وتطوير وحدات العناية المركزة، حيث دعمت جهود الدولة نحو توفير الرعايات، ضمن المشروع القومى للرعايات والحضانات والذى تم استحداثه وتجهيزه فى عدد من المستشفيات بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، كنموذج مجمع لعدد كبير من أسرة الرعاية داخل مستشفى واحدة، يتم إحالة الحالات المرضية إليه من خلال غرفة الطواريء بالوزارة.ورغم هذه الجهود المبذولة، إلا انه لا تزال أعداد المرضى تفوق بكثير عدد الأسرة المتاحة خاصة نقص أسرة العناية المركزة فى تخصصات المخ والأعصاب.
يؤدى هذا النقص إلى تأخير حرج فى تقديم الرعاية اللازمة للمرضي، مما قد يتسبب فى تفاقم حالاتهم الصحية وزيادة معاناتهم، حيث يظل المريض فترة طويلة على قوائم الانتظار، فى انتظار فرصة لشغل سرير بمجرد شفاء مريض آخر، نظراً لتقديم الخدمة بشكل مجاني.
الحلول الممكنة هى حلول إنسانية تطالب بزيادة عدد أسرة العناية المركزة وخاصة عناية المخ والأعصاب سواء إنشاء وحدات جديدة أو توسيع الوحدات القائمة، والانتهاء من مشروع الرعايات والحضانات وهو ما يمكن تحقيقه من خلال التخطيط الاستراتيجى والتمويل الكافي.
كما يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً هاماً فى دعم النظام الصحى من خلال إنشاء وحدات عناية مركزة جديدة بتكلفة قليلة تناسب المواطن البسيط أو تقديم الدعم المالى والتقنى للمستشفيات الحكومية، هذا التعاون يمكن أن يسهم بشكل كبير فى تقليل الضغط على المنشآت الصحية الحكومية.
من الضرورى التركيز على تدريب وتطوير الكوادر الطبية من الأطباء وطاقم التمريض لزيادة عدد المتخصصين القادرين على تقديم الرعاية فى وحدات العناية المركزة لتلبية احتياجات المرضى بشكل أفضل.
ولان الوقاية خير من العلاج يمكن عمل ندوات توعية للمجتمع بأهمية الوقاية من الأمراض واتباع نمط حياة صحى يمكن أن يقلل من الحاجة إلى العناية المركزة، التوعية ستسهم فى تحسين الصحة العامة وتقليل الضغط على النظام الصحي.
إن معالجة مشكلة نقص أسرة العناية المركزة تتطلب جهودًا متعددة الجوانب وتعاونًا بين جميع الأطراف المعنية، مع التركيز على تحسين الكفاءة وزيادة الموارد المتاحة، تبقى قضية توفير العناية المركزة قضية إنسانية بامتياز، تتطلب اهتمامًا جماعيًا لضمان صحة وسلامة كل فرد فى مجتمعنا، من خلال تضافر الجهود وتبنى الحلول الإنسانية، يمكننا تحقيق هدف تقديم رعاية صحية متميزة لكل مريض، وضمان مستقبل أفضل.