أتابع وعن كثب ما يحدث حالياً فى سوريا فى أعقاب تولى ما تسمى بهيئة تحرير سوريا السيطرة على مقاليد الحكم هناك وذلك من خلال تواصلى المستمر بالعديد من الأصدقاء السوريين سواء الموجودون فى مصر أو فى بعض المحافظات السورية من منطلق سابقة عملى بالسفارة المصرية هناك لعدة سنوات عايشت خلالها التركيبة النوعية التى تشكل الشعب السورى سواء من السنة أو الشيعة أو المسيحيين بمختلف طوائفهم وكذلك الأكراد والتركمان والدروز وغيرهم بالإضافة الى التوجهات السياسية إبان فترة حكم حافظ الأسد ثم بشار الأسد حيث كان حزب البعث هو الحزب الأوحد الحاكم هناك ولا صوت يعلو عن صوته فى حكم وإدارة شئون البلاد بالإضافة إلى سيطرة الطائفة العلوية على مقدرات الثروات الاقتصادية بحسبانها الطائفة التى ينتمى إليها الرئيسان الأب ونجله وقد تعمدت عدم التعجل بالحديث عما يحدث فى سوريا مكتفياً بالاطلاع على معظم المقالات المحلية والعالمية والتحليلات السياسية حول الأوضاع هناك .
إن الواقع فى الداخل السورى ليس هو ما تتناقله وسائل الإعلام الخارجية التى تحاول رسم صور إيجابية عن الحياة فى أعقاب الأحداث الأخيرة فى سوريا والتى تمكنت الفصائل المسلحة التى كانت تحتل محافظة أدلب من الاستيلاء على الحكم وطرح أسم أبو محمد الجولانى رئيساً للهيئة الحاكمة هناك بعد خلع أسم الكنية والجلباب أو اللباس العسكرى وارتداء البدلة والكرافت والظهور بمظهر القائد الذى أطاح بحكم الطاغية بشار الأسد …وهناك ما يقارب من 120 فصيلا مسلحا يتواجد فى محافظة أدلب التى يبلغ تعداد سكانها 3 ملايين نسمة أرتبطت معظم نسائها بعناصر من التنظيمات الإرهابية المتواجدة هناك منذ 12 عاماً مدعومة بأحدث الأسلحة وسيارات الدفع الرباعى والأموال التى حصلت عليها من عدة أجهزة استخباراتية وعلى رأسها داعش والنصرة وجيش الإسلام والفتح وبيت المقدس والقاعدة التى ينتمى إليها أبو محمد الجولانى أحمد الشرع حالياً ـ وتؤكد المعلومات أن المذكور تلقى تدريبات على أعلى مستوى من قِبل تلك الأجهزة كى يظهر أمام العالم بهذا الشكل الذى نراه به حالياً بالإضافة الى تواصله المستمر مع تركيا وإسرائيل تحديداً بمباركة أمريكية لإضفاء الشرعية على وجوده وتجهيزه لرئاسة الدولة السورية خلال المرحلة القادمة وبالتالى فإن تواجد التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان سوف يكون له شرعية وتواجد معتبر هناك وهو الأمر الذى جعل معظم الشعب السورى فى حالة خوف وقلق مما هو قادم وليس كما نرى فى الفضائيات الموالية للأنظمة التى تسعى لنشر الفوضى فى المنطقة العربية وتعمل على محاولات إسقاط الدول بها وفرض سيطرتها عليها من خلال هذه الفصائل المأجورة التى تعمل وفقاً لأجندات الأجهزة الاستخباراتية المختلفة حتى أن التصريحات الوردية التى يطلقها بعض الفنانين ورجال الاعمال والمثقفين فى سوريا تصدر منهم عن عدم إقتناع وتحت تأثير الخوف من تعرضهم للإيذاء من العناصر المتشددة التى تحكم وتتحكم فى الأمور هناك حالياً.
إن حلم العودة للأجئين السوريين إلى وطنهم الأم بات يراود العديد من أبناء الشعب السورى الذى ترك بلاده منذ 12 عاماً وأول من فكر فى ذلك هم أولئك المتواجدون فى خيام منصوبة لهم على الحدود التركية منذ هروبهم إليها والذين يبلغ عددهم حوالى 3،7 مليون سورى وتسعى السلطات التركية إلى إعادتهم فى أسرع وقت ….أما أولئك الذين استقروا فى بعض الدول الأوروبية خاصة ألمانيا معظمهم أطباء ومهندسون بعضهم يحمل إقامات رسمية والآخر يحمل الجنسية الألمانية فإن فكرة العودة غير مطروحة لديهم نهائياً.
وفى مصر التى تحتضن أكثر من 2 مليون سورى فإن العديد منهم قد قام بالعديد من المشروعات الناجحة فى مجالات متنوعة مثل التجارة والصناعة والأغذية واستطاعوا اختراق قلوب المصريين بمحبة وسهولة واندمجوا معهم دون الشعور بأى فوارق بينهم… وعلى الرغم من شعورهم بالارتياح نتيجة إسقاط حكم بشار الأسد فإن معظمهم لم يحدد موقفه من العودة إلى بلاده إما خوفاً من وقوع صراعات داخلية بين الفصائل المسلحة هناك أوارتباطهم باستثمارات كبيرة فى مصر أو لاستمرار أبنائهم فى الدراسة بها ولذلك فإن الغالبية منهم يعيشون فى حالة ترقب ومتابعة لما سوف تسفر عنه الأيام القادمة هناك كى يتخذوا القرار الذى يناسبهم سواء بالعودة أو البقاء.
إن ما يشعر به السوريون فى بلاد المهجر هى أحلام مشروعة ولكن ما يصل اليهم من أخبار ومعلومات تجعلهم فى حالة ترقب.