منذ سنوات طويلة يلوك المثقفون والمبدعون والنقاد مقولات من «عينة» أزمة النقد وتراجع دور النقاد وانزواء دور النقد بشكل عام ليس عن متابعة الإبداع الأدبى وصنوفه وتطوره وفرزه ولكن تراجع العقلية النقدية بشكل عام عن أداء الدور التبصيرى والفلسفى والتقاعس عن صياغة رؤية وفلسفة جمالية ما يعتنقها المجتمع بشكل عام فى تعامله مع الأدب والفن والحياة ورغم أن مسيرة الفكر النقدى المصرى زاخرة بأسماء عظيمة لا سيما النقد الأدبى من أمثال محمد مندور، عز الدين إسماعيل، ، محمود أمين العالم، رجاء النقاش، وأحمد درويش، محمد عبدالمطلب، جابر عصفور، محمد بدوي، وغيرهم من أجيال مختلفة ورغم أن أجيالاً وأسماء شابة تعاقبت على تقديم رؤيتها وإثبات حضورها عقلياً وتقديم منتجها منهم شريف رزق رحمة الله عليه ومحمد الشحات وخيرى دومة، ويسرى عبدالله وسيد ضيف الله ومحمد سيد اسماعيل ومحمد سليم شوشة وغيرهم لكن الواقع السائد بصخبه وحالة السيولة التى تهيمن عليه جعلت الصورة غائبة والجهود مطموسة ومشتتة وانعزل النقد أكثر داخل أسوار الجامعة وزادت الهوة بينه وبين المجتمع وبينه وبين الإبداع فبدأ غيابه لافتاً ومن هذه الخلفية تأتى أهمية المبادرة النوعية اللافتة والتى تعد أهم المبادرات النقدية والثقافية التى تختتم بها 2024 أيامها، خطط للمبادرة وانشغل بها وسعى إلى تدشينها الناقد والشاعر أحمد حسن عوض عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة وسماها» ناقد ومشروع» أو حلقة القاهرة النقدية» وتسعى المبادرة إلى إعادة النقد للمشهد والالتفاف مجدداً حول «الناقد» ومشروعه ومناقشة منجزه تحفيزاً مرة أخرى لروح الناقد وتوريطه مرة أخرى فى تجديد دمه والعودة بعقله لصدارة المشهد كقاطرة أساسية تقود المجتمع نحو ذائقة سوية وفلسفة قويمة فى زمن تشوهت فيها كل البديهيات وقد عقدت المبادرة أولى حلقاتها فى مكتبة القاهرة بالزمالك وناقش النقاد منجز د.سمير مندى بينما استضاف بيت الشعر حلقتها الثانية لمناقشة د.محمد عبدالباسط وشارك فيها عدد كبير من أبرز النقاد المصريين.
المؤسس
وعلق الناقد والشاعر أحمد حسن عوض مؤسس المبادرة على نجاحها قائلا: تسعى المبادرة إلى توحيد جهود النقاد بحيث لا يعملون فى جزر منعزلة بلا تحاور أو نقاش إيجابى مؤكداً أن الكثير من النقاد الذين يعملون بدأب ويقدمون جهداً حقيقياً لا يكاد يراهم أو يشعر بهم أحد كما أنها تسعى لأن تصل الأجيال النقدية ببعضها لاسيما جيل الوسط الذى يملأ المشهد الآن بعد الكبار محمد عبدالمطلب حفظه الله وجابر عصفور وصلاح فضل رحمة الله عليهما وأضاف أن فتح الممرات الحوارية بين الأجيال أمر مهم وحيوى وينتظر المبادرة فى حلقاتها القادمة طموح كبير فى مناقشة كل المشاريع الجادة دون الارتباط بجيل محدد بحيث يناقش الصغار سنا الكبار والعكس وينفتح الحوار النقدى على أفق أوسع دفع المشهد للإمام.
دور بيت الشعر
فيما أعلن الشاعر سامح محجوب مدير بيت الشعر قراره باحتضان المبادرة فى كل لقاءاتها القادمة.
وعلق قائلاً: فرح حقيقى عاشه بيت الشعر العربى وحالة فكرية كنا جميعًا فى أشد الحاجة إليها لنستعيد روح مصر المبدعة التى لطالما عبّدت الطرق أمام العقل العربى ليعرف ذاته ومن ثمّ يبدأ من جديد.
أضاف إنها بداية واعدة لمشروع ثقافى كبير سيعفينا جمعيًا من أن ننظر خلفنا بغضب، كما سيحفظ للأجيال القادمة نماذج فارقة ومضيئة يمكن أن تمنحها الثقة فى أن تكمل الطريق الطويلة نحو الحق والخير والجمال وأضاف لقد استمعنا لقراءات نقدية كاشفة وجادة حول مشروع نقدى مهم وجاد لمحمد عبدالباسط عيد قدمها النقاد: جمال العسكري، رشا صالح، سمير مندى محمد عليم، أحمد حسن فى أمسية ثرية أمَّها حضور نوعى وكبير من مبدعى ومثقفى مصر والوطن العربى ووعد بالمزيد من الزخم والنجاح للمبادرة فى حلقاتها القادمة.
احتفاء الوسط الثقافي
وقد احتفت الأوساط النقدية وجموع المثقفين بالمبادرة بيد أن المشهد كان يحتاج إليها كثيراً حتى هيمنت على صفحات الكتاب والمبدعين والنقاد كلمات الدعم والتشجيع لكل جهد يقف وراء تلك المبادرة حتى إن الناقد د.أحمد الصغير وصفها بأنها أهم حدث ثقافى قس 2024 بينما كتب الشاعر والباحث والمترجم أسامة جاد على صفحته يصفها بأنها مشروع ثقافى رائد بجهد الناقد والشاعر أحمد حسن عوض ورعاية بيت الست وسيلة «بيت الشعر» بإدارة الشاعرسامح محجوب.
أضاف: أجمل ما فيه هو تقديم المنجز النقدى لنقاد جيلنا فى صورة شمولية عبر أكثر من زاوية، والتعريف بمشروعاتهم النظرية والتطبيقية وقال: آمل أن يتسع المشروع للنقد الفنى على اتساعه، وألا يتوقف عند حدود النقد الأدبي، فالعالم الآن أكثر انغماساً فى نوع من تعدد الاختصاصات والمداخل النقدية أو النقد التكاملى كما آمل أن تلتفت الحلقة إلى النقد السينمائى والمسرحى والموسيقى والتشكيلى وغيرها من جوانب الفنون المختلفة، بما يساهم فى تكوين حلقة/حلقات نقدية مصرية أصيلة تمارس حضورها الفاعل فى الوعى بالنظريات وتطبيقاتها.