الوزراء الذين غادروا مناصبهم وسلموا حقائبهم لزملائهم الجدد يستحقون الشكر والتحية والتقدير على ما قدموه خلال الفترة الماضية، عملوا فى فترة غاية فى الصعوبة واجهت فيها مصر تحديات كثيرة وخطيرة، والموضوعية تقتضى أن نقول إنهم حققوا نجاحات وإنجازات ولم يبخلوا بجهد، لذلك وفى جمهورية الوفاء التى يقودها رئيس وطنى شريف يقدر جهود المخلصين، فإن التحية واجبة لهم، وهذه سنة الحياة، فليس معنى رحيلهم أو تغييرهم أنهم قصروا ولكن لكل مرحلة ظروفها وتحدياتها، وكوادرها وأفكارها وأسلوب عملها، فإذا كان الوزراء السابقون عملوا فى توقيتات صعبة ومعقدة، فإن الوزراء الجدد، يواجهون تحديات أيضاً غاية فى الصعوبة، وفى ظروف قاسية خاصة فى ظل صراعات وأزمات وتوترات إقليمية ودولية شديدة الاضطراب لها بطبيعة الحال تداعياتها وآثارها السلبية على الدولة المصرية، خاصة فى الجانب والبعد الاقتصادى وزيادة الأعباء على المواطنين وما يتطلب عملاً مكثفاً، وفكراً خلاقاً وجهوداً استثنائية، للإسراع فى تخفيف المعاناة عن المصريين فى هذه الظروف المعيشية المتمثلة فى زيادة الأعباء وقسوة الظروف الحياتية على المواطنين، فلا وقت نضيعه ولا رفاهية للجلوس فى المكاتب، وإضاعة الوقت فى أحاديث وزيارات، ولا يجب أن يزيد وقت التعرف واللقاءات، بل نبدأ العمل والإنجاز، السريع، وأن تكون له بداية سريعة، وعمل مؤثر يلمسه الناس.
كثرت الأحاديث عن متطلبات الفترة القادمة والتحديات العاجلة أمام الحكومة الجديدة، لكن جملة المشهد فى مصر يقضى عملاً متكاملاً، ورؤية شاملة لكافة الملفات والقضايا والتحديات وأن يتعاون الجميع فى ضبطها، واستكمال رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى تحويلها إلى قيمة مضافة وإنجاز حقيقي.
الحقيقة أن ثمة أشياء وأموراً مطلوبة على وجه السرعة خاصة التى تستهدف المواطن كالتالي:
أولاً: إعادة ترميم الثقة بين الحكومة والمواطن ولن يكون ذلك بالتصريحات والكلام والوعود دون وجود واقع حقيقى من التغيير للأفضل لصالح المواطن يلمسه ويجنى ثماره فى تغيير حياته وتخفيف الأعباء عنه، وحل الأزمات الطارئة على وجه السرعة.
ثانياً: الحرص الكامل من الوزراء الجدد على التواصل ومد جسور الحوار مع الناس سواء بشكل مباشر أو من خلال وسائل الإعلام.. وأن يكون لديه من الحقائق، والرؤى القابلة للتنفيذ على أرض الواقع وبتوقيتات لا يخلفها ولا يؤخرها أبداً، ويخاطب الناس بشواغلهم واهتماماتهم والتحديات التى تواجه حياتهم بلغة بسيطة، والابتعاد عن التهويل والتهوين وإطلاق العنان للوعود التى ربما لا يستطيع الوفاء بها وهنا هو مطالب بعرض الحقائق الكاملة، وأسباب التحديات، وسبل المواجهة.
ثالثاً: التحدى الأهم والأخطر والعاجل للحكومة، هو استعادة السعادة المفقودة لدى المواطن، وإزالة أسباب المعاناة وهنا تتلخص المعاناة فى صعوبة المعيشة، وارتفاع الأسعار، وانفلاتها، وعدم واقعيتها خاصة فى تلك السلع التى نكتفى منها محلياً خاصة الخضراوات والفواكه، واللحوم والدواجن فأقل كيلو فاكهة من الخوخ والمشمش والتفاح البلدى 50 جنيهاً، والبطيخ وصل إلى حد أدنى 80 جنيهاً إلى أكثر من 150 جنيهاً والسمك البلطى من 100 إلى 125 جنيهاً، والدواجن البلدى 138 للكيلو والبيضاء تزيد عن الـ 90 جنيهاً لذلك لابد أن تتضافر الجهود فى إيجاد حلول سريعة للمنتجين، والمزارعين وأيضاً توفير الرقابة والجدية فى التعامل مع هذه الملفات، والتحديات حتى نحصد نتائج إيجابية للمواطن، فهناك أحاديث وعناوين عن انخفاض فى الأسعار لا تجدها على أرض الواقع، وهناك أسعار متفاوتة لنفس السلعة.. فالمواطن لا يريد إلا ضبط أسعار السلع الأساسية وإتاحتها بأسعار فى متناول يده.
فى ظل قائمة متطلبات الحياة الأخرى من صحة وتعليم، وأشياء أخرى فكل سلعة أو خدمة تحتاج فى النهاية إلى رقم يومى فالمواطن يرى أن النزول بالأسعار أهم من زيادة المرتبات، وأنا لا أقول العودة إلى أسعار ما قبل الأزمات العالمية ولكن ضبط هذه الأسعار لتكون معقولة وفى قدرة المواطن البسيط.
ربما أجدنى مطالباً بالحديث عن أهمية ضبط سعر ووزن رغيف العيش الحر أو السياحى فهناك فوضى فى هذا السوق. حيث يباع الرغيف بأسعار مختلفة طبقاً لمزاج وهوى البائع.
إذا نجحت الحكومة الجديدة فى هذا الملف وضبطت الأسعار، وانخفضت فإن هذا يعد نجاحاً وإنجازاً كبيراً من وجهة نظر المواطن الذى لا يبحث عن شيء آخر سوى استقرار حياته وظروفه المعيشية وهو ما يجب أن تضعه الحكومة الجديدة على قائمة أهدافها وتوليه اهتماماً كبيراً ومن الخطأ استمرار معاناة المواطنين فى هذا الملف، لذلك فالعلاج لابد أن يكون سريعاً، ومحسوساً على أرض الواقع.
رابعاً: الحقيقة أنا متفائل بدمج وزارتى النقل والصناعة، وإسناد المهمة للفريق كامل الوزير وأتوقع نجاحاً كبيراً، خاصة فى ظل معرفتى بشخصية الفريق كامل، الذى يتمتع بإصرار قوى على النجاح والإنجاز والمتابعة الميدانية ووضوح الرؤية والأهداف والحسم والحزم، ومن هنا أرى أن ملف النقل والصناعة سيكونان قاطرة النجاح فى الفترة المقبلة خاصة توطين الصناعة وجذب الاستثمارات فى هذا القطاع بالإضافة إلى أهمية مواصلة الإنجازات الكبيرة فى مجال الزراعة، وزيادة الرقعة الزراعية، وتطوير وزيادة إنتاج وعوائد المزارع السمكية والحيوانية وتنمية الثروة الداجنة، وتشجيع صغار المربين وأيضاً فى القري، وأن تتعاون الحكومة مع المستثمرين والمربين وتشجيع المشروعات فى هذا المجال لتحقيق زيادة المعروض وتقديم التسهيلات، والدعم من أجل تحقيق النجاح.
خامساً: رؤية الرئيس السيسى ترتكز بشكل غير مسبوق على أهمية جذب الاستثمارات الكبرى التى تضع الفارق سواء فى زيادة تدفقات العملات الصعبة وتوفير الآاف من فرص العمل الحقيقية للشباب فى ظل امتلاك مصر لبنية تحتية عصرية، توفر أسباب ومقومات النجاح للاستثمار، وبنية تشريعية جديدة لجذب الاستثمارات، ومنظومة من التيسيرات والتسهيلات ولا يتبقى لنا إلا عرض الفرص الثمينة لدينا على المستثمرين والشركات الكبرى فى العالم، إضافة إلى تمكين وتشجيع القطاع الخاص، والحقيقة أن الدولة عازمة، وتفتح آفاقاً غير مسبوقة فى هذا الملف، وهو أيضاً ينعكس النجاح فيه على المواطن، فى فرص عمل، وتحسين مستوى المعيشة، وتعظيم قدرة الدولة فى الوفاء باحتياجات المواطنين، بالإضافة إلى صياغة رؤية جديدة للاستفادة من الجامعات، وفتح المجال لها للمشاركة فى التنمية، وإقامة المشروعات التى تنعكس على المواطنين، مثل الاستمرار فى تطوير المستشفيات الجامعية، وإمكانيات كليات الزراعة وتحويلها إلى طاقات إنتاجية وكذلك الهندسة وإعادة النظر فى المدارس الفنية خاصة الزراعية وأن تتحول إلى الجدية، وقلاع حقيقية للإنتاج.
سادساً: يجب على الحكومة الجديدة أن تنتبه إلى قضية مهمة وهى الحفاظ وتأمين عقل المواطن خاصة بناء الوعى والفهم الصحيح، وهو ما يتطلب لغة مختلفة للحوار والتواصل مع الناس أساسها الواقع وعرض التحديات.
تحيا مصر