التخطيط الجيد للمعركة ودراسة العدو ثم تحديد الأهداف خارج مدى مرمى المدفعية لتكون افتتاحية القوات الجوية والتى ضربت الأهداف فى العمق مراكز القيادة ومحطات الاعاقة والشوشرة ومدفعية الوسط والاحتياطيات الموجودة، وبعد ذلك بدأت المدفعية تاخد دورها ثم عمليات ابرار الجنود خلف خطوط العدو، ونجاح التخطيط والتنسيق والتكامل بين الاسلحة تجلت فى عبقرية التنسيق المحكم والدقيق بين القوات الجوية والمدفعية والدفاع الجوى وهو ما شكل عنصر المفاجأة، هذا التخطيط العسكرى كان مدعومًا بتحليل دقيق لقدرات العدو، حيث ركزت القوات المسلحة على نقاط ضعف القوات الإسرائيلية للعدو وشل حركته حتى تحقق النصر.
قائد القوات الجوية الأسبق:
لم نخسر طائرة واحدة خلال حرب الاستنزاف
معركة رأس العش أعادت الثقة بالنفس والشرارة الأولى لحرب أكتوبر
أكد الفريق طيار مجدى شعراوى قائد القوات الجوية الأسبق ان حرب أكتوبر بدأت بثلاثة أحداث رئيسية الاولى بعد 25 يوما من نكسة 67 بمعركة رأس العش حيث واجهت قوات الصاعقة معركة ضد قوات العدو وتفوقت عليها وكبدتها خسائر كبيرة، الخطوة الثانية فى 14 و15 يوليو عندما قامت القوات الجوية بتوجيه ضربتين ضد قوات العدو شرق القناة، وكانت هذه القوات موجودة وتعيش زهو النصر وهناك تشوين لمعدات وأسلحة على أساس نقلها من شرق الى غرب القناة، وهذا كان درس لهم، الخطوة الثالثة يوم 21 أكتوبر عندما قامت البحرية بإغراق المدمرة ايلات ومن هنا عادت الروح المعنوية الى القوات المسلحة وبدأنا حرب الاستنزاف والتى كبدت العدو خسائر كبيرة جدا برا وبحرا وجوا لدرجة ان العدو طلب رسميا وقف اطلاق النار، ولما أكتملت معداتنا واستعدادنا كانت حرب أكتوبر والتى تضافرت فيها كل الجهود لتظهر هذه الملحمة والبطولة والنصر.
التخطيط للمعركة
وأشار قائد القوات الجوية الاسبق الى أنه نتيجة التخطيط الجيد للمعركة ودراسة العدو تم تحديد أهداف خارج مدى مرمى المدفعية ولذلك كانت الافتتاحية للقوات الجوية والتى ضربت الاهداف فى العمق مراكز القيادة ومحطات الاعاقة والشوشرة ومدفعية الوسط والاحتياطيات الموجودة وبعد ذلك بدأت المدفعية تاخذ دورها ثم القوات البرية انشأت الكبارى وعبرت، وترتيب القوات الجوية فى الضربة هو ترتيب تخطيطى ونجاح الضربة فتح الباب للمرحلة الثانية والثالثة حتى تم العبور بشكل جيد.
قاذفات ومقاتلات
وأوضح الفريق طيار مجدى شعراوى ان القوات الجوية اشتركت بجميع اسلحة الجو قاذفات ومقاتلات ومقاتلات خاصة بالتعاون مع قوات الدفاع الجوى والحرب الالكترونية، ونجحت الضربة الجوية بنسبة 99٪ والخسائر لم تكمل 1٪ وهو ما يعكس الروح المعنوية المرتفعة للمقاتلين ومستوى التدريب.
إيقاف الثغرة
واضاف قائد القوات الجوية الاسبق ان حرب اكتوبر كلها بطولات وبالنسبة للقوات الجوية البطولات تكون غالبا فردية، ومن المواقف التى لا تنسى طلعات الاستطلاع التى صورنا معدات العبور قبل الثغرة وابلغت القوات البرية وكانت مهمتنا هو ايقاف الثغرة وكان العدو حصل على معدات واجهزة جديدة لا نعلم عنها شيئا ويصمم على احتلال منطقة الثغرة ولكن لم نسمح بذلك.
التطور التكنولوجى
ويرى الفريق طيار مجدى شعراوى ان التطور الذى وصلت اليه القوات الجوية بشكل خاص والقوات المسلحة بشكل عام هو حلم كبير «الرفال والميج 29» وكنا نتمنى ان تكون هذه التكنولوجيا اثناء حرب أكتوبر، وكل ذلك نتيجة للتخطيط الجيد والرؤية الثاقبة للقيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى ينظر للمستقبل، والقوات المسلحة تواكب التطور الجارى من خلال الحصول على احدث الاسلحة والتوسع فى اجراء التدريبات المشتركة مع الدول الصديقة لصقل مهارات الجنود والضباط.
مطارات جديدة
وأشار قائد القوات الجوية الاسبق الى ان انشاء مطارات جديدة امر جيد واستغلال لكل الامكانيات واستثمار للاصول للبنية الاساسية للقوات الجوية، وجميع المطارات التى يتم انشاؤها تزود بأحدث اجهزة الملاحة والمراقبة والتوجيه لأنها تخدم القطاع المدنى والعسكرى وهناك تنسيق بين الطيران المدنى والقوات الجوية، وعلى سبيل المثال مطار العلمين والذى استضاف حدثًا دوليًا وهو معرض الطيران فى نسخته الاولى ولفت انظار العالم وهو شيء يدعو للفخر.
نوط الشجاعة
أكد الفريق طيار مجدى شعراوى انه حصل على نوط الشجاعة العسكرية مرتين وهو لا يمنح الا لمن شارك فى معارك، وهناك مواقف كثيرة لا تنسى حيث كان هناك طلعة استطلاع شمال سيناء، وفوجئنا بـ 4 طائرات للعدو فى الجو، وطائرتى سوخاى تدريب غير مسلحة واتجهت ناحية البحر بسرعة كبيرة حتى هربت منهم وبدأت اتجه للرجوع وفوجئت بأن الوقود نفذ ونزلت فى اقرب مطار المنصورة واثناء نزول العجل على الممر فصلت الماكينة ونجوت بأعجوبة.
اللواء محمد طلبة :
حرب الاستنزاف كلمة السر فى نجاح العبور
قال اللواء محمد عبد المنعم طلبة احد ابطال حرب اكتوبر إنه لولا حرب الاستنزاف التى خاضتها مصر ضد العدو الإسرائيلى على مدار 6 سنوات لما استطاعت مصر تحقيق الانتصار فى حرب أكتوبر التى استمرت 17 يوما أذقنا فيها العدو الإسرائيلي، مرارة الهزيمة منذ اليوم الأول بدءا من اختيار ميعاد القتال والضربة الجوية المركزة التى شلت ذراع العدو الطولي، وأفقدته التوازن إلى نيران المدفعية على طول شاطئ القناة، وسطرت القوات المسلحة اروع ملحمة عسكرية فى التاريخ، وحطمت اسطورة الجيش الذى لا يقهر.
(بطولات كثيرة)
أضاف انه رغم الهزيمة فى 67 إلا أننا قدمنا بطولات كثيرة لكنها ضاعت فى زحام الهزيمة، ومنها تثبيت لواء ميكانيكى إسرائيلى كان قادما إلينا من المحور الساحلى القنطرة العريش ولم يستطع المرور، كما تم تدمير الكثير من العربات والدبابات، وبدأت عمليات تطوير الجنود والاسلاحة، واستقدام الخبراء الروس كمعلمين، وتم انشاء سلاح المدفعية على أسس جديدة، وفى عام 68 جاء قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتنفيذ عملية، وهى نيران مركزة قوية ضد جميع الأهداف المعادية، من خلال قصف بطول المواجهة من بور سعيد حتى السويس والعمق إلى 20 كيلو مترًا.
(التدمير والإسكات)
اشار الى انها كانت ملحمة كتب سطورها رجال المدفعية بالتخطيط والتحضير الجيد والسرية فى التنفيذ واستمرت 3 ساعات، حيث كبدنا العدو خسائر فادحة اسفرت عن تدمير 6 بطاريات سرايا مدفعية و13 مركز ملاحظة و8 مواقع صواريخ و19 دبابة و20 دشمة مدفع ومراكز ذخيرة بجانب المركبات بأنواعها، بالاضافة الى إسكات 17 سرية مدفعية موقع صواريخ علاوة على خسائر الأفراد، ومن مميزات هذه العملية أنه بفضل تدريب للقيادات والضباط سمح لنا بالتعامل مع ذخيرة مفتوحة فتم السيطرة على العدو ورفعنا الروح المعنوية لقواتنا بإحداثنا أكبر خسائر له، وإسرائيل اعترفت بأنها أخطأت فى تقدير قوة المدفعية المصرية.
(ساعة الصفر)
أكد اللواء محمد طلبة ان توقيت حرب اكتوبر كان غير عادى لأنها انطلقت الساعة 2 ظهراً، وهو ما يمنح القوات المسلحة 5 ساعات تستطيع أن تنجز خلالها عدة عمليات، واستغلال الليل فى إنشاء الكبارى وعبور القطع الثقيلة والمدفعية، وعند بدء ساعة الصفر قامت القوات الجوية، بضرب 35 هدفا بالقنابل والمدافع فى 53 دقيقة، وأول ضربة للمدفعية والصواريخ على العدو، وقد حددنا مواقعنا منذ الليلة السابقة، واستغللنا الضربة الجوية وجهزنا القصف، والغريب أننا قبل الضربة لم نكن نسمع أى شيء من خلال أجهزة اللاسلكي، وكانت كل الأجهزة عليها تشويش وشوشرة كبيرة ولا نستطيع أن نسمع أى حوارات تتم أو أى شيء، وبمجرد وصول الصواريخ على الهدف الذى قمنا بضربه أصبح الاتصال عبر أجهزة اللاسلكى فى منتهى الدقة والنقاء.
(سرعة العبور)
اضاف انه بعد عودة أول سرب طائرات بدأ عبور 750 قاربا على مواجهة 180 كيلو مترًا بطول خط القناة، و1500 سلم جبال على امتداد خط بارليف، و8 آلاف مقاتل عبروا فى الدقائق الأولي، ثم وصل العدد إلى 14 ألفا بعد مرور ساعة ونصف الساعة، و33 ألفا بعد مرور 5 ساعات، وبعد إنشاء الكبارى عبر 80 ألف جندى داخل اراض سيناء، وبذلك عبرت 5 فرق ليلة 7 أكتوبر، وهو ما يدل على سرعة العبور من جانب جنودنا فى المعركة، والخبراء الروس كانوا فى حالة ذهول لأنهم توقعوا حدوث خسائر بشرية بنسبة 30٪ أثناء العبور.
(ضربات مدفعية)
اشار الى أن أهم الضربات التى قامت بها المدفعية كانت لتجمع فرقة مشاة ودبابات إسرائيلية، وكان التجمع خلف مطار شعير، وتم إطلاق الصواريخ حيث حددنا مدى الصواريخ قبل إطلاقها، ونعلم تماما أن المطار أبعد من المدى المحدد، لكن قدرة الله أرادت أن تسقط ثلاثة صواريخ على مطار شعير نتيجة للرياح الشديدة وقتها، وتتحطم 6 طائرات فانتوم كانت جاهزة للإقلاع لضرب عملية العبور، وبعد حدوث الثغرة تم توجيه ضربات مدفعية جديدة يومى 18 و19 أكتوبر، وآخر ضربة مدفعية تم إطلاقها قبل وقف إطلاق النار، يوم 22 أكتوبر، حيث حققت خسائر ضخمة فى ثلاث ناقلات مشاة ميكانيكية إسرائيلية كانت تعبر القناة فى توقيت إطلاق المدفعية.
(رسالة للشباب)
وطالب الشباب بالحفاظ على الارض التى بذلنا الغالى والنفيس فى تحريرها من العدو بالإيمان والعزيمة والارادة، ويجب على الاعلام نشر الوعى الثقافى لدى الشباب حتى يستطيعوا مواجهة الحرب النفسية التى تبثها وسائل الاعلام بغرض بث روح اليأس لدى أفراد المجتمع.
اللواء حسين مسعود:
إعادة بناء المقاتل المصرى كانت السلاح
الأهم والأبرز فى معركة الكرامة
أكد اللواء مهندس حسين مسعود وزير الطيران الأسبق ان القوات المسلحة لم تختبر فى نكسة 67 وبعدها على الفور بدأنا اعداد بناء القوات المسلحة وجلب أسلحة حديثة والتدريب عليها ليلا ونهارا، ثم بدأنا الاختبار العملى فى حرب الاستنزاف والتى أصقلت خبرتنا فى التعامل مع العدو مباشرة وجها لوجه فى مواقع تكتكية، وكانت الطائرات الهليكوبتر تستخدم فى الاعياد والمناسبات والتشريفات قبل 67، ولكن فى حرب أكتوبر استخدمنا ميج 8 الروسية لنقل القوات فى عمليات ابرار خلف خطوط العدو.
أوضح اللواء مهندس حسين مسعود أنه أثناء حرب أكتوبر كان برتبة مهندس نقيب وقائد سرب الهليوكوبتر بالكتيبة 143 صاعقة، لافتا إلى أن الحروب تبدأ بتحركات القوات الثقيلة ودور الصاعقة يأتى خلف خطوط العدو، وكان دوره إسقاط المظليين، وإنزال قوات الصاعقة خلف خطوط العدو لمسافة 40 كيلو، لعمل كمائن على طول الجبهة فى القطاع الجنوبى لإيقاف تدفق القوات المدرعة الاسرائيلية من الخلف للامام، مشيرًا إلى أن حرب أكتوبر شهدت ولأول مرة مقابلة الفرد للدبابة، مؤكدا أن طائرته أصيبت فى الذيل، واضطر إلى الهبوط وفور هبوطها قام بتفجيرها حتى لا يستولى عليها العدو.
واشار وزير الطيران الاسبق الى انه كان قائد السرب المكون من 18 طائرة وكنا نطير على ارتفاع منخفض 10 أمتار حتى لا تكشفنا الردرات، وتم عمل الكمائن بكفائة عالية جدا وتم تدمير 7 دبابات ثم تراجع العدو وانسحب ومكثنا فى المنطقة فترة حتى يوم 19 أكتوبر عندما جاءت التعليمات لنا بالرجوع قبل وقف اطلاق النار يوم 21 أكتوبر، وتدرجت فى القوات المسلحة حتى وصلت الى وزير الطيـران المدنى فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى بعد ثورة 25 يناير ليبدأ تحد آخر وهو اخلاء 90 ألف مصرى من ليبيا وهو عدد ضخم جدا وكانت ملحمة كبيرة وطبقنا ما تعلمنا فى القوات الجوية ولم تحدث اى خسائر.
ويرى اللواء مهندس حسين مسعود ان ابرز الدروس المستفادة من حرب أكتوبر هو ضرورة تعدد مصادر التسليح وجاهزية القوات المسلحة فى السلم قبل الحرب، وتماسك الجبهة الداخلية، لان حرب 73 كان واضحًا أين العدو بخلاف الآن مؤامرات من جميع الدول ولا نعلم اين العدو، بالاضافة الى وجود تحديات خارجية، والتحدى الاكبر هو بناء الانسان المصرى وهو اهم عامل ودرس نستفيده من حرب 73.